شارك المقال
  • تم النسخ

العلامة الحسيني: إيران تستغل الإسلام ..والمغرب بلد الأمن والسلام

حاوره من أبو ظبي نورالدين لشهب

استنكر العلامة محمد علي الحسيني، الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي، ما وصفه بـ”التدخل السلبي في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية”، ودعا حزب الله إلى الابتعاد عن التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية.

وأكد الحسيني، والذي ينتسب إلى المذهب الشيعي الاثناعشري في لبنان، في حوار خاص على هامش المؤتمر العلمي للمجتمعات المسلمة الذي تحتضنه أبو ظبي، على الوحدة الوطنية والعمل على تعزيز اللحمة داخل الوطن الواحد بعيدا عن الاستغلال السياسي الخسيس للدين والمذهب.

وحمل الشيخ الشيعي المسؤولية لدولة إيران ومنهجها السياسي والعقدي المتمثل في ولاية الفقيه عن زعزعة أمن واستقرار البلدان العربية.

كيف تابعتم حدث قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران؟

أرى أنه لا بد أن تكون هناك حدود ينبغي أن يقف عندها كل بلد، وتتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية. ونحن كشعوب في المنطقة يجب أن تكون علاقاتنا مبنية على هذا الأساس. في يومنا هذا نرى بعض الدول تقوم بتدخل واضح وتعدت على الدول المجاورة والبعيدة أيضا، باعتبار هذا المشروع السياسي للأسف اختلط مع أمور دينية ومذهبية، ولكن يبقى الهدف واحدا يتعلق بالأطماع السياسية التي تستهدف الدول العربية.

وهذا ما جعل بعض الدول مثل إيران تلقى مقاطعة من الدول العربية، نتيجة عدم تمسكها بالعلاقات الدبلوماسية وبالقوانين الدولية، واختراقها لكل هذه الموجبات، وهي الأسباب ذاتها التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران.

إذن أنت تحمل المسؤولية لإيران على عكس الكثير من الأصوات من المذهب الشيعي..

بطبيعة الحال، فالمملكة المغربية هي بلد التسامح والمحبة والعيش المشترك، وعلى رأسها جلالة الملك سيدي محمد السادس، ولا توجد لها أي علاقة متأزمة مع أي دولة، ولا تتدخل في شؤونها، ولها علاقة إيجابية وطيبة مع جميع الدول، وهي فاتحة بابها لكل من أراد أن يزورها بشرط الاحترام التام لقوانينها ودستورها. ونحن نعلم جيدا ونعي أن المغرب بلد طيب وشعبه معطاء وكريم ومضياف وليست له أي مصلحة في تأزيم العلاقة مع إيران، بل بالعكس أرى أن الطرف الآخر، أي إيران، هو من تجاوز الحد، وهي ليست المرة الأولى كما نعلم.

إن دولة إيران تتدخل في شؤون البلدان الأخرى، وهذا ليس وليد اليوم، بل منذ عهد الشاه، ولم تغير شيئا من سلوكها وعلاقاتها مع الدول العربية، ولهذا فهي الخاسرة من قطع العلاقة مع المغرب الشقيق، البلد المحب للسلام والخير. ولا يسمح المغاربة قاطبة كما هو معروف عنهم التدخل في شؤونهم الداخلية وتهديد وحدتهم الترابية، والتي تشكل حساسية كبيرة للشعب المغربي، والمشكل في إيران وليس في المملكة المغربية.

المغرب يتهم حزب الله بالتورط في تدريب عناصر من البوليساريو، وأنت تعلم أن المغاربة لهم حساسية كما ذكرت سابقا بخصوص الوحدة الترابية، وبعض الموالين لحزب الله وإيران أنكروا هذه الاتهامات..أنت باعتبارك مواطنا من لبنان وإماما في المذهب الشيعي، كيف ترى هذه الاتهامات التي وجهها المغرب لحزب الله، والتي اعتبرها الجانب المغربي تقوم على أدلة دامغة؟.

أنا أثق في المملكة المغربية، وأثق في مؤسساتها، ولي ثقة في جلالة الملك سيدي محمد السادس، ولاسيما في السياسة الخارجية للمملكة التي عودتنا على أنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، كما أثق في المؤسسة الأمنية المغربية وما تحدثت عنه من أدلة تورط إخواني في حزب الله. لا يمكن للمملكة المغربية أن تدعي شيئا وليس في حوزتها أدلة وبينات، كما تحفظت عدة مرات سابقة بخصوص التدخل الإيراني.

أما بالنسبة لإخواني في حزب الله، هداهم الله، فإن المملكة المغربية ليست البلد الوحيد الذي وجه اتهاماته لهم؛ بل استنكرت مملكة البحرين تدخل حزب الله، وأيضا المملكة العربية السعودية والمغرب ودول أخرى قطعت علاقاتها مع الحزب على خلفية الإرهاب. هناك إذا حقيقة قائمة، ولذلك لا بد للإخوان في حزب الله أن يقولوا بكل صراحة وصدق للمملكة المغربية ما هناك من أدلة ومن أمور سلبية حتى يقفوا على حقيقة الأمر.

ونحن نستنكر أي تدخل سلبي في مملكة المغرب ونتضامن كليا معها، ونقف ضد أي جهة توجه سهامها أو تعتدي أو تريد أن تقسم التراب المغربي. نعلن تضامننا كمجلس عربي يعد المرجعية السياسية لشيعة العرب.. كل التضامن مع المغرب وحقه في اتخاذ أي قرار سيادي، ولاسيما إن كانت له علاقة بأمن واستقرار البلاد، فلا هوادة في ذلك ولا استخفاف..إننا نشد على أيادي الكرام في المملكة المغربية ونؤيد أي قرار فيه حماية لأمن واستقرار البلاد.

هناك مجموعة من الناس يخلطون بين إيران والتشيع، وأنت أحد الأئمة من المذهب الشيعي في لبنان، ما هي رسالتك لبعض الناس كي يميزوا بين المذهب الشيعي وبين توظيف المذهب كما تتهم به إيران؟.

أنا أقول بكل صراحة إننا ننتمي إلى الإسلام المعتدل الوسطي الذي فيه عقيدة تقول قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وما دون ذلك هو محط أخذ ورد. أما قول التشيع الذي تصدره إيران بمعنى الانتماء إلى ولاية الفقيه فهذا لا يخصنا ولا نرتبط نحن به، نحن كشيعة عرب تحديدا ننتمي إلى هذه الأمة ونحن نحترم ونقدر زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ونقدر ونحترم ونرفض أي إهانة أو طعن أو تعرض للصحابة الكرام..نحن ننتمي إلى إسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وصحبه وسلم، ومع آله ومع أصحابه جميعا، هذا هو الإسلام الذي يجمع، وهذا الإسلام الحقيقي الذي انطلق من مكة إلى المدينة وانتشر في العالم، إسلام السلام الذي نعتقد به.

أما عقيدة الغير، وإن كانوا ادعوا التشيع، أو التسنن لبعض الجهات، والتي توصف بالتشدد والتطرف، وما يستتبع ذلك من تكفير الآخرين، فهذا ليس له علاقة بالإسلام، إنما حركات ذات أهداف سياسية بطابع ديني تشويهي للإسلام.

أتمنى أن يوفقني الله لحضور المغرب من خلال الدروس الحسنية بين يدي جلالة الملك سيدي محمد السادس؛ فهذا البلد هو مكان للتسامح الديني والتعايش، وهو منصة لكل بلدان العالم، وهذا ما ننتهجه ونسلكه بأن نكون في ظل السلم والاعتدال ونهج الوسطية والانفتاح على المذاهب جميعها.. ليس لدينا مشكلة في الأديان، فما بالك بالمذاهب، ولكن لدينا مشكلة مع من يسيس الدين والمذهب لخدمات توسعية معروفة الأهداف.

أفهم من كلامك أن إيران تستغل المذهب للتوسع والتغلغل في بعض البلدان العربية؟

أنا أقول إن هناك دولا تستغل الإسلام من أجل توسيع قاعدتها وخدمة مشروعها، وتعد دولة إيران منها بطبيعة الحال. ما أعرفه أن عندكم في المغرب أديانا ومذاهب تعيش تحت مظلة المواطنة وتحت عباءة إمارة المؤمنين، وبالتالي لسنا في حاجة إلى ميليشيات تقول إنها فوق الدولة والقانون. ولكن في مقابل ذلك لا مندوحة في وجود مذهبية تساعد في إدماج المواطنين تحت سقف المواطنة والوطن، فهذا مطلوب.

رسالتك لمن يستغل المذهب أو الدين لأهداف سياسوية قد تقوض الوطنية والوطن لا سمح الله.

رسالتي هي التمسك بالإسلام السمح الصافي الذي خرج من مكة وانفتح على العالمين، الإسلام الذي آوى ونصر اليهودي والمسيحي حتى آمنوا بأخلاقه. هذا الإسلام الذي كله أخلاق ووسطية واعتدال بعيد عن الاستغلال المذهبي الخسيس، أو الاستغلال السياسي المشين. ولهذا أتوجه لشبابنا بأن يلتزموا بالمواطنة وأن يكون الولاء الكامل للأوطان بالمغرب وغيره من البلدان، وأن ننتبه إلى بعض الدعوات المذهبية المشبوهة التي تنطلق من هنا وهناك لحرف المواطن عن إيمانه بوطنه.

ومن يريد استهداف المملكة المغربية من أي مذهب عليكم أن تعملوا على الوقوف ضده للحفاظ على بلادكم الجميلة والسمحة والكريمة.

هل سبق لك أن زرت المغرب؟

إن شاء الله نحضر في المملكة المغربية، فهي بلادنا الثانية..

هل ستحضر الدروس الحسنية؟

إن شاء الله، أتشرف بحضور هذه الدروس التي تفوح منها رائحة التسامح ونهج الوسطية والانفتاح عبر كل العالم.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي