شارك المقال
  • تم النسخ

عجزٌ، ارتباك وفوضى.. “حكومة أخنوش” تسير بالمغرب إلى مستقبل مجهول

بعد مرور أكثر من شهر على التدابير التي أقرتها الحكومة من أجل الحد من ارتفاع الأسعار، والتي صاحبها تضخيم إعلامي كبير، وحملة مُمولة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما تزال الأثمنة بعيدة عن الاستقرار.

ويرى متابعون أن الحكومة برئاسة عزيز أخنوش، تسير بالمغرب إلى مستقبل مجهول، في ظل الضرر الكبير الذي أصاب القدرة الشرائية للمواطنين، جرّاء الارتفاع المهول في أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.

اعتراف صريح بالعجز

اعترف مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن الإجراءات التي اتخذتها السلطة للحد من ارتفاع الأسعار، لم تحقق الأهداف المأمولة منها.

وقال بايتاس، في جواب صدم العديد من المراقبين، إن مشكلة الأسعار “أعقد بكثير مما نتصور”، في ردّه على استمرار الغلاء رغم ما الإجراءات التي قامت بها الحكومة، والتي رافقها تضخيم إعلامي كبير.

والأكثر من ذلك، أن الناطق الرسمي باسم الحكومة، أقرّ بأن الأخيرة لا تعرف سبب استمرار ارتفاع الاسعار، متابعاً: “أنا مكنعرفش المضاربين، ولي كيعرفهم يوريهوم لي، وستأخذ في حقهم الإجراءات القانونية”.

هذا التصريح نزل وقعه كالصاعقة على مختلف شرائح المجتمع المغربي، بعدما رأوا فيه، تهربا صريحا من المسؤولية، وإقرارا واضحاً بأن “السلطات لا تقدر على وقف ارتفاع الأسعار”، وبالتالي، سيستمر “لهيب الأسواق”.

“الأسعار ستنخفض في الأيام المقبلة”

العجز الحكومي عن إيجاد حلول لارتفاع الأسعار، كان واضحاً حتى قبل الاعتراف الرسمي، حيث ظل وزراء السلطة التنفيذية، يكرّرون بشكل دوري تتحدث عن تراجع منتظر للأثمنة في الأيام المقبلة.

وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، قالت في الـ 9 من شهر فبراير الماضي، إن “أسعار اللحوم والخضر ستعرف انخفاضا خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة”.

بعدها ظهر وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، في الـ 11 من الشهر نفسه، بأن “الأسعار ستنخفض خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة”.

وعقب مرور 40 يوما، أي حوالي 6 أسابيع، دون تحقق وعود الحكومة على أرض الواقع، واستمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية، عادت الوزيرة العلوي، يوم 21 مارس الجاري، لتطمئن المغاربة بـ”إن أسعار المواد الغذائية الأساسية، ستعود إلى الاستقرار خلال الأيام المقبلة”.

فوضى وسط سوق الخضر والفواكه

يأتي هذا الارتفاع، الذي يفترض أنه جاء بعدما أوقفت الحكومة تصدير عدد من المنتجات الفلاحية، من أجل تموين السوق الداخلي، وسط العديد من الشبهات التي تحوم حول استمرار التصدير بـ”طرق ملتوية”.

وفي هذا الصدد، ساءل عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، عن حقيقة شراء الطماطم من الأسواق الداخلية، وإعادة تصديرها.

وقال بووانو، إن جمعيات مهنية للخضر والفواكه بجهة سوس ماسة، قررت “الانسحاب من لجنة أحدثتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، لتدبير إشكالية تزويد السوق الداخلي بالطماطم، وذلك بعد تسجيلها في رسالة وجهتها للوزارة، لما اعتبرته إقصاء لها كممثلة للمهنيين”.

وسجلت الجمعيات أيضا، حسب بووانو، “انفراد أعضاء اللجنة المذكورة من الإداريين، بقرارات أحادية، لتدبير الأزمة بطريقة لا ترتبط باي صلة بحقائق الميدان، وتغض النظر عن تعليمات وزير الفلاحة القاضية بعدم شراء الطماطم من السوق الداخلية لأجل تصديرها”.

وتابع أن الرسالة تحمل توقيع “جمعيات “أبفيل” و”اشتوكة للمنتجين” و”أمسفيل”، و”أمكوم””، مشيراً إلى أنها الجمعيات المهنية، سجلت “أن السوق الداخلي للطماطم، وصل لوضع “كارثي”، وأن الرؤية أصبحت منعدمة في تدبير تصدير الطماطم المغربية إلى الأسواق الدولية”.

وأكدت هذه الجمعيات، أن “اللجنة التي تم إحداثها لم تجتمع إلا ثلاث مرات، ولم تستجب لطلبات انعقادها من طرف المهنيين، ولم تتم موافاتهم بالوثائق الضرورية التي تمكنهم من تتبع وضعية الطماطم بالسوق الوطنية، وتتبع معطيات التصدير الحقيقية”.

وأوضحت رسالة الجمعيات المهنية للخضر والفواكه، وفق سؤال بووانو: “استمرار شراء الطماطم من السوق الداخلية، وإعادة تصديرها، تحت أنظار الإدارة، بدون اتخاذ أي اجراء لتوقيف الشراء أو الحد منه، بعد منع وزير الفلاحة لعملية التصدير في هذه الظرفية الصعبة”.

وأشارت الجمعيات، يتابع بووانو، إلى أن “إقصاءها لا يعبر عن أي تقدير أو اعتراف للمهنيين بجهودهم وتضحياتهم”. موضحاً أن لهذه المعطيات التي كشفت عنها رسالة الجمعيات المهنية للخضر والفواكه، “تأثير سلبي على أسعار الطماطم في السوق الداخلية، حيث تم تسجيل ارتفاعها لتصل إلى 14 درهما في العديد من المدن”.

وفي ظل هذا الوضع، ساءل بووانو، الوزير، عن حقيقة توقف أشغال اللجنة الواردة في رسالة الجمعيات المهنية للخضر والفواكه، وحقيقة شراء الطماطم من السوق الداخلية، وإعادة تصديرها، بالإضافة إلى استفساره عن بيانات تصدير الطماطم المغربية إلى الأسواق الدولية، وجدولتها منذ قرار وقف التصدير، إلى جانب الإجراءات التي ستيتخذها لخفض أسعار الطماطم وباقي الخضر والفواكه في السوق الداخلية.

ارتباك حكومي.. تناقض بايتاس وأخنوش

أدت أزمة ارتفاع الأسعار، إلى ارتباك واضح داخل الحكومة، فقد كان اعتراف بايتاس بالعجز، مناقضا لما جاء على لسان أخنوش، الذي قال إن عددا من المواد الأساسية عرفت انخفاضا في الأسعار، مثل السردين الذي وصل لـ 5.5 دراهم (الواقع مناقض للتصريح إذ لا يقل السعر عن 15 درهما).

كما قال أخنوش، إن أسعار اللحوم الحمراء مستقرة في البلاد، في ظل سير عمليات استيراد الأبقار بشكل طبيعي ومستمر، مشيراً فيما يخص تموين الأسواق، إلى أن الأمور “تتم ولله الحمد في ظروف مستقرة، عقب اتخاذ الحكومة كل التدابير اللازمة لتعزيز العرض والمخزون من المنتجات الأساسية لضمان التموين العادي للأسواق خلال رمضان”.

فضائح سابقة وأجوبة معلّقة

فضيحة شراء الطماطم من السوق الداخلي لإعادة تصديرها، ليست الأولى في الشهور الأخيرة، حيث سبق لمصادر متطابقة، أن تحدثت عن تسريب معلومة توجه الحكومة، نحو إقرار مشروع إعفاء استيراد الأبقار المعدة للذبح، من الرسوم التي كانت مفروضة سابقا، لعدد من كبار مستوردي العجول.

وعلى الرغم من استفسار فريق التقدم والاشتراكية عن الأمر، عبر سؤال لنائبته نادية تهامي، في الـ 23 من شهر فبراير الماضي، إلا أن الحكومة، لم تجب عنه، واختارت تجاهل هذه الشبهات، دون نفيها أو تأكيدها، وهو الأمر نفسه الذي قامت به، مع فضيحة أخرى تتعلق بالتلاعب بشهادات استيراد المحروقات بميناء طنجة المتوسط.

هذه الفضيحة تعود إلى الشهر الماضي أيضا، حين فجرّ النائب البرلماني عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، عبد القادر الطاهر، تفاصيل تلاعب بعض الشركات في شواهد إقرار مصدر استيراد المحروقات، من أجل تحقيق أكبر قدر من الربح، حيث تشتري الغاز الروسي الرخيص، وتدعي أنها اشترته من الخليج أو أمريكا.

ولم ترد الحكومة على هذا الأمر، حيث اكتفت بحديث فضفاض عن استقرار نسبة استيراد المحروقات من روسيا عند 10 في المائة، دون نفي موضوع التلاعب في الشواهد، “بتواطئ للشركة المسيرة لمخازن الوقود بميناء طنجة المتوسط، وبعيداً عن مراقبة الأجهزة المالية للدولة”، حسب ما كشفه الطاهر وقتها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي