شارك المقال
  • تم النسخ

“بناصا” تحاور علي الإدريسي.. من معارض شرس للنظام الملكي إلى دبلوماسي بالسفارة المغربية بالجزائر (+ فيديو)

استعرض الدكتور علي الإدريسي، أستاذ فلسفة التاريخ والدبلوماسي السابق، تجربته الخاصة، والظروف التي قادته إلى الجزائر في شتنبر 1964، ومن أبرزها الشعارات التي كان يسمعها ويقرأها حول الثائر العروبي، بن بلة الذي اشتهر كقائد لإحدى أكبر الثورات التحريرية في العالم، وأحد رموز الكفاح ضد الاستعمار والإمبريالية، وأحد زعماء حرب الاستقلال الجزائرية ضد فرنسا. 

وأكد على الإدريسي، في حوار مع برنامج “معهم حيث هم” الذي يقدمه الأكاديمي والإعلامي المغربي نور الدين لشهب، أن “روح المغامرة، والدعاية الاتحادية، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، بالإضافة إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل، اللذين كانوا يحاولون أن يجعلوا منا مناضلين”، بحسب تعبيره.

وأبرز علي الإدريسي، أ”ننا كنا نناضل من أجل أفكارهم وأفكار هذه الاتحادات، ثم تأثيرات استقلال الجزائر والشعارات التي كانت تطرح في بداية الجمهورية الجزائرية ودور جريدة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية آنذاك”.

ويتذكر المتحدث ذاته، “كيف كانت تمجد الشعارات والأخبار القادمة من الجارة الجنوبية، أحمد بن بلة وتعظم الثورة الجزائرية، حيث إن الثورة الجزائرية في الستينيات كانت تملأ الصفحات الأولى للجرائد، لاسيما جريدة الاتحاد الاشتراكي”.

وبحسبه، “كان أغلب الاتحاديون يناصرون الجزائر، على أساس أن الجمهورية بلد جديد، لا يلزم المغرب خوض معارك معه (حرب الرمال)، وكان هناك عدد كبير من زعماء الاتحاد الوطني للقوات الشعبية يتواجدون بالجزائر كلاجئين، منهم حميد برادة، الأمين العام السابق للاتحاد الوطني للمغرب، وأيضا بن بركة والفقيه البصري، مشيرا إلى أن هذه الأفكار سيطرت علينا ودفعتنا للذهاب إلى الجزائر في سنة 1964”.

شركاء في الوطن وفرقاء في السياسة

وحسب المصدر ذاته، “كان المناضلون في الريف يعتبرون أن حزب الاستقلال ساهم بشكل كبير في الهجوم على الريف سنة 1985 و1986 وكانت الاتحاد الوطني للقوات الشعبية قد ظهر ضد حزب الاستقلال، وبالتالي وجد هوى في نفوسنا فذهبنا معه”.

ومضى قائلا: “بدأت أشعر أن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية غير صالح بالنسبة إلي بعد سنوات قليلة من وجودي في الجزائر، لأنه عندما وصلنا اكتشفنا أننا تركنا ربما زعيما وحيدا في المغرب، أو ملك واحدا وهو الراحل الحسن الثاني، بغض النظر عن موقفنا آنذاك ازاء سياساته، خاصة فيما يتعلق بحرب الريف”.

وفي المقابل، يضيف: “اكتشفنا في الجزائر أن الزعماء يمارسون نوعا من الوصاية أو ما يسمى بـ”التوجيه الإجباري”، وأنا لم أرضى بذلك، وتطورت الأمور إلى سنة انقلاب بومدين على أحمد بن بلة، وعندما ثم الانقلاب جاء إلى الجزائر كثير من العرب وغير العرب، لمعرفة ماذا يجري”.

وأردف أنه، “من جملة الذين جاؤوا، قدم اثنان من أبناء عبد الكريم الخطابي، أتى عبد السلام الخطابي الذي كان عقيدا في الجيش المغربي، ورفض أن يشارك في حرب الرمال، وطرد من الجيش، وجاء كذلك سعيد الخطابي إلى الجزائر لمعرفة ماذا جرى وما هي الأحداث..”.

وزاد في ضمن حديثه مع “بناصا”: “عندما سمعنا أبناء الخطابي يتعاطف معهم، كان هناك بعض الأصدقاء رجعوا من القاهرة للدراسة في الجزائر، فعرفونا بهم، لكن الإخوة في الاتحاد أو الرفاق عندما عرفوا أننا التقينا بسعيد وعبد السلام الخطابي، لم يكونوا راضين بذلك، بل كانوا حانقين علينا”.

وتابع: “عندما أظهر الإتحاديين الذين كنا نتعامل معهم، وخاصة حميد برادة، وعندما بينوا حنقهم وكراهيتهم لعلاقتنا بأبناء الخطابي، أدرك مجموعة من المغاربة أن العداء الذي كان عند حزب الاستقلال لعبد الكريم الخطابي بعد الاستقلال، وربما حتى قبله، وموقف عبد الكريم الخطابي من الاستقلال المنقوص، وموقفه من التحرير الكامل المغرب، وبعد المناطق التي ظلت محتلة كثغري سبة ومليلية والجزر البحر الأبيض المتوسط”.

وأدركنا حينها، أن هذا العداء الذي كان عند حزب الاستقلال هو عداء مشترك بين كثير من زعامات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وحزب الاستقلال، وبالتالي لم يكن هناك فرق، فبدأنا نتملص، يردف أستاذ فلسفة التاريخ والدبلوماسي السابق في القنصلية المغربية بالجزائر.

ويسترسل، “ثم بدأت أتساءل، ما هي خلفيات الحركات الوطنية السياسية في المغرب، سواء تعلق الأمر بحزب الاستقلال أو بحزب الشورى (الاستقلال) أو حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أو الحزب الشيوعي آنذاك (PPS) وماهي خلفياتهم؟”.

وبالتالي، يضيف، “راجعنا معاداتهم للخطابي وكراهيتهم له، وحتى أنهم لم يطالبوا بإعادة جثمانه يوم وفاته، ولا بعد وفاته، ثم شرعنا نستفسر حول ماهية الأسباب، هل كانوا يحبون عبد الكريم كرمز يوظفونه لصالحهم”.

وقال المؤرخ زنيبر، “إنه كان صراعا بين جيلين، جيل يمثله عبد الكريم الخطابي بفخامته وشيخوخته وبين هؤلاء الشباب، فلم يكونوا أبدا يرضون أن يتنازلوا عن الزعامة لهذا الشيخ، والمهم أنني أدركت أن هناك شرخا بين شركاء في الوطن وفرقاء في السياسة”.

وتطرق علي الإدريسي في حديثه إلى القمع، قائلا: “كنا نقمع من طرف الجزائريين ونحن الذين اعتقدنا أننا هربنا من “القمع”، والأخطر من ذلك أننا كأبناء الشمال والريفيين بصفة خاصة كانوا يشكوا فينا شكا كبيرا إلى درجة أنهم كانوا يتهموننا عندما نناقشهم في أمر من الأمور، والنقاش هو أصل المعرفة والسؤال بدايته، بتهمتين”.

وكانت التهمة الأولى “هي وصقنا بـعملاء المخزن، والتهمة الثانية أننا انفصاليون، وكنت أتساءل مع نفسي بكثير من المرارة، كيف يمكن للإنسان أن يكون عميلا للمخزن وهو في الوقت نفسه انفصالي؟ بمعنى كلام لا يصدقه لا المجنون ولا العاقل”.

وألمح، “كل ما سلف ذكره جعلني أعيد ترتيب أفكاري، وأتعلم ما هي خلفيات الأحزاب السياسية في المغرب ومن أين جاءت أفكارهم؟ وماذا يريدون ؟ ولماذا قبلوا هذا الاستقلال الناقص، الذي يقولون عنه الآن أنه استقلال تابع للإمبريالة الفرنسية”.

من معارض إلى مستشار ثقافي في القنصلية المغربية بالجزائر

وأشار ضيف برنامج “بناصا” (معهم حيث هم)، إنه: “في سنة 1980 بدأت أكتب في الجرائد الجزائرية، وتجنبت الدخول في الألاعيب السياسية، وبالتالي الوقوع في فخ الانحياز إلى جهة من الجهات”.

وأضاف: “شرعت أكتب في الفكر الاسلامي، ومواضيع الحريات والأصول، ومواضيع لها علاقة بقضايا المعتزلة ومواقفهم السياسية، ولكن من الجانب الفكري، ولم أمارس السياسية، ولم أكن معاويا ولا علويا”.

وفي سنة 1984حصلت على منصب في أستاذ مساعد زائر في الجامعة، ثم بعدها في سنة 1987 أصبحت أستاذا في الجامعة الجزائرية، وكانت القنصلية المغربية في الجزائر تعتبرني معارضا سواء كنت في الاتحاد أو خارجه، وخاصة عندما لم أطرد في سنة 1975 بينما كنت من بين المرشحين للطرد في ما عرف بـ”المسيرة السوداء”.

ويتذكر الدكتور علي الإدريسي، في حديثه: “كنت أحظى باحترام كبير من لدن المسؤولين في الجزائر فتدخلوا لدى الجهات الرسمية وأعفي عن طردي، فكانت القنصلية المغربية تعتبرني عميل جزائري..”.

ولفت المصدر ذاته، إلى أنه “في الجامعات الجزائرية كانوا يحترمون بشكل كبير المفكرين المغاربة نظير الجابري، وطه عبد الرحمن، وكانوا يعتبرون المدرسة المغربية الفلسفية في مرتبى الصدارة..”.

ويمضي بالقول: “وفي 1980 جاءني شخص من الريف، من معارفي القديمة، وقال لي إن السفير المغربي يرغب في لقاءك في منزله وليس في المكتب، وكان السفير آنذاك هو عبد القادر بن سليمان، وزير سابق في عدة وزارات ورئيس بنك ودبلوماسي محنك، ولما استقبلني سألني كم غبت عن المغرب؟، فأجبته 14 سنة”.

وأشار أستاذ فلسفة التاريخ والدبلوماسي السابق، إلى أن عبد القادر بن سليمان، اقترح عليه بعد نقاش دام لمدة ساعة تقريبا، أن يشتغل معه في السفارة المغربية في الجزائر مستشارا ثقافيا، فاوفق باعتبار ذلك يعتبر خدمة للوطن وللثقافة وللمغرب ولملك جميع المغاربة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي