شارك المقال
  • تم النسخ

المنظومة القضائية بالمغرب  بين النزاهة والاستقلالية

استعرضت وثيقة الجماعة الاختلالات العميقة التي تعاني منها السلطة القضائية  بالمغرب  والتي  كشفت عنها تقارير وخطابات رسمية، وفعاليات المجتمع المدني المعنية، وتصنيفات المنظمات الدولية في مجال العدالة، حيث يحتل فيها المغرب مراتب غير مشرفة فعلى الرغم  من الوعود المتكررة والشعارات المرفوعة، التي رفعتها السلطة ، فقد أثبتت المقاربة التقنية التي تم بها مباشرة إصلاح منظومة العدالة محدودية هذا التوجه وعدم قدرته على منح المواطن المغربي والمستثمر الأجنبي عدالة مستقلة ونزيهة، وفعالة ومحايدة، تحقق حدا مقبولا من العدل والانصاف. وترجع الوثيقة أسباب هذا الوضع إلى عامل محوري، تم تغييبه في  جميع المقاربات الإصلاحية لموضوع القضاء، وهو حضور البعد السياسي والطابع الأمني لنظام الحكم وما يتسم به من نزوع نحو الهيمنة والتحكم في كل السلط والمجالات، بما فيها السلطة القضائية، التي يفترض فيها أن تكون سلطة مستقلة ومحايدة.

وهكذا رصدت وثيقة جماعة العدل والإحسان أهم اختلالات السلطة القضائية بالمغرب في ما يلي:

  • ضعف استقلالية المنظومة القضائية المتمثل في: 

ـ تبعية القضاء لمراكز النفوذ والتأثير داخل الدولة، وضعف الرقابة والمساءلة، ونقص الشفافية والنزاهة،

ـ انتشار واسع لممارسات منحرفة وشائنة من رشوة ومحسوبية واستغلال للنفوذ وغيرها، وما يترتب عن ذلك من ضياع الحقوق وفقدان الثقة في منظومة العدالة.

 ـ ضعف ثقافة الحق والواجب، فالاستبداد السياسي جعل جميع الحقوق والامتيازات  تمنحها وترعاها وتنزعها السلطة، مما يجعل التقاضي في  كثير من الأحيان حرب امتيازات واستغلال نفوذ، مع ما ينتج عن ذلك  من هضم للحقوق وكثرة الخصومات وتشعبها.

  ـ ضعف التنسيق والملاءمة بين السياسات العامة وغياب استراتيجية واضحة للنهوض بمنظومة العدالة.

– تعقيدات المسطرة القضائية  المتمثلة في:

 ـ صعوبة الولوج إلى العدالة وربط الحقوق وإجراءات التقاضي بآجال صارمة وإجراءات شكلية يترتب عن عدم التقيد بها سقوط الحقوق وإهدارها، مهما كانت مشروعة وواضحة.

 ـ غياب شروط وضمانات المحاكمة العادلة، وضعف سلطات الدفاع والصلاحيات الممنوحة للمحامي في المحاكمة الجنائية،

 ـ بطء المساطر والإجراءات وتفرعها في الكثير من الأحيان نتيجة الارتهان لشكليات مغرقة في التعقيد، وما ينتج عنه من تأخر في الفصل في  النزاعات وإجراءات تنفيذ الأحكام.

ـ محدودية آليات البحث الجنائي رغم تضخم النصوص القانونية، واستئثار الشرطة القضائية بتوجيه التحقيق الجنائي، وضعف الرقابة القضائية عليه، وغياب إرادة معالجة الاختلالات التي تعتريه.

– فشل السياسة العقابية المتمثل في:

 ـ اللجوء المكثف للحرمان من الحرية، خصوصا عبر الاعتقال الاحتياطي مقابل الحق في المثول حرا أمام القضاء المتعارف عليه في الأنظمة القانونية الأنجلوساكسونية.

 ـ فشل سياسة الإدماج الاجتماعي للسجناء السابقين وتزايد حالة العود.

– عدم كفاية المعايير والشروط اللازمة للتوظيف في سلك القضاء ومختلف المهن القانونية والقضائية، ومحدودية المؤهلات المهنية ونقص الكفاءات التخصصية

لبعض العاملين في منظومة العدالة وغياب الحوافز.

– محدودية اعتماد الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، مثل الوساطة، والصلح،

والتحكيم…

و بالتالي تقترح الوثيقة،  الاستناد إلى ثلاثة مرتكزات للنهوض بمنظومة العدالة بالمملكة تقوم بالأساس على الاستقلالية والنزاهة، والفعالية.

  • استقلالية المنظومة القضائية من خلال:

  ـ ضمان استقلالية كاملة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

ـ اعتماد الانتخاب كآلية وحيدة لاختيار أعضاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية،مع وضع معايير شفافة لذلك وتحديد مدة الانتداب وحالات التنافي.

ـ إسناد التدبير المهني للقضاة حصرا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ووضع

معايير واضحة وموضوعية لتقييم أداء القضاة وترقيتهم وإسنادهم المسؤوليات،

بما يضمن الفعالية والمساواة وتكافؤ الفرص، والتشاور مع المجلس في كل ما

يتعلق بقضايا العدالة من تشريعات وقوانين.        

ـ انتخاب رؤساء المحاكم من قبل قضاة المحاكم مع  منح هيئات المشتغلين في منظومة العدالة من قضاة ومحامين ومفوضين قضائيين وغيرهم صلاحيات واسعة لتدبير الشأن المهني لأعضائها سواء تعلق الأمر بما هو إداري أو تأديبي. مع تخويل الطعن  الاستئناف في  القرارات المهنية للمعنيين دون غيرهم،

– نزاهة أعضاء السلك القضائي من خلال:

  ـ إحياء القيم السليمة والفطرية، بما فيها حب العدل ورفض الظلم، وتشجيع

التربية عليها.

ـ وضع مدونات للسلوك تهم كل المتدخلين في قطاع العدالة؛ لترسيخ القيم والأخلاق وضمان احترامها.

ـ تحديد المهام والمسؤوليات بشكل دقيق وتعزيز آليات الجزاء عند المخالفة.

ـ مراقبة وتتبع الذمة المالية والتصريح بالممتلكات وتشديد العقوبات عند بروز مظاهر الاغتناء غير المشروع.

ـ تشجيع قيم النزاهة والسلوك الإيجابي، واعتبارها معيارا حاسما في الترقية وتحمل المسؤوليات.

ـ تعزيز آليات قانونية لحماية المبلغين والشهود والضحايا في جرائم الفساد المالي،

ونشر الأحكام الصادرة بشأنها لتعزيز ثقة المواطنين بالعدالة.

ـ مأسسة وتقوية الرقابة الشعبية العامة على القضاء ومؤسساته، وفتح إمكانية

الانتقال من القضاء الوظيفي إلى القضاء المنتخب.

ـ التأسيس للمساءلة السياسية للهيئات المكلفة بتدبير القضاء، سواء عن الفعل

الإيجابي بالتدخل في أعمال القضاء أو عن الفعل السلبي بالامتناع عن تفعيل

آليات المراقبة والتفتيش والمتابعة.

    فعالية، المنظومة القضائية من خلال:

ـ تقوية القدرات المؤسساتية لمنظومة العدالة، عبر الرفع من شروط ولوج سلك القضاء وباقي مهن منظومة العدالة، وضمان جودة التكوين الأساسي والمستمر والتخصصي، واعتماد مبدأي الإلزامية والتحفيز.

.ـ توحيد الأطراف المتدخلة في  مرفق العدل من قضاة، محامون، موثقون، عدول،

ضباط الشرطة القضائية بمرفق العدل ضمن منظومة واحدة تسمى منظومة المهن القانونية والقضائية، وإقرار شروط ومعايير موحدة ما أمكن لولوج هذه المهن.

ـ إبرام شراكات مع المؤسسات الجامعية لفتح مسالك وتكوينات في مختلف مهن

منظومة العدالة.

ـ  توفير الضمانات القانونية والاجتماعية الكفيلة بجعل مهنيي منظومة العدالة يؤدون مهامهم بتجرد واستقلالية.

ـ تحسين الوضعية المادية لمختلف العاملين في سلك القضاء.

ـ ملاءمة الخريطة القضائية للتقسيم الرتابي، والرفع من عدد المحاكم خاصة الإدارية والتجارية منها.

ـ تعزيز الحكامة، وتحديث أساليب الإدارة، واعتماد التقنية لبلوغ المحكمة الرقمية، واعتماد التقنيات الحديثة لتسريع وتجويد معالجة المحاضر.

ـ تمكين المتقاضين من المساعدة القانونية والقضائية والحق في المعلومة.

ـ الرفع من جودة الأحكام القضائية وتشجيع الاجتهاد القضائي بما يحقق العدالة وإقرار التعويض عن الخطأ القضائي.

ـ تشجيع مؤسسات البحث العلمي الجنائي واعتماد نتائجها عند وضع السياسة الجنائية.

ـ مراجعة النصوص القانونية لإقرار العقوبات البديلة وتقوية مراقبة النيابة العامة لمراكز الاعتقال والسجون والقائمين عليها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي