شارك المقال
  • تم النسخ

المنظومة الإدارية في منظور جماعة العدل والإحسان  بين الأعطاب والإصلاحات

    أولت جماعة العدل والإحسان في وثيقتها السياسية اهتماما خاصا للمنظومة الإدارية التي تعتبرها جهازا ملتصقا لنظام الحكم بالمغرب. فقد أشارت إلى أن الأعطاب التي تعاني منها هذه المنظومة ناتجة عن الطبيعة السلطوية للنظام وعن الفساد المستشري في دواليبها.

       -أعطاب المنظومة الإدارية

تعاني المنظومة الإدارية بالمغرب ،وفق منظور جماعة العدل والإحسان ،من التمركز المفرط للمصالح والسلطات الإدارية الشيء الذي يعكس في نظرها  تمركز السلطة ضمن منظومة الحكم بالمغرب مما نجم عنه عدة أعطاب حددتها الوثيقة السياسية فيما يلي:

– غياب رؤية شمولية واستراتيجية واضحة للعمل الإداري.

– ضعف الوسائل وإمكانيات العمل الإداري بالإضافة إلى تمركزها في الإدارات والمصالح المركزية .

– تعقيد المساطر وإلإجراءات إلادارية، واعتماد تسيير موغل في البيروقراطية مع ما ينجم عنه من بطء في تقديم الخدمات. للمواطنين.

– ضعف إلإنتاجية والخدمات إلإدارية خصوصا بالعالم القروي.

-اعتماد منظومة غير عادلة فيما يتعلق بأجور العاملين في الإدارة.

– تفشي الزبونية والمحسوبية والرشوة وإهدار المال العام.

– ضعف المحاسبة والمساءلة، وعدم اعتماد منظومة واضحة لتقييم الأداء الإداري.

إصلاح المنظومة الإدارية

   لتحقيق نجاعة الإدارة العمومية وتحسين أدائها ،  تقترح وثيقة الجماعة أن يتم  القيام بإصلاح هيكلي إداري شامل على “نحو يجعل الإدارة، قاطرة للتنمية وتوليد الثروة وتحريك دواليب الاقتصاد الوطني والإسهام في إنعاش الاستثمار، والمساهمة في حل إشكاليات التشغيل، وتعميم الخدمات الاجتماعية من تعليم، وصحة ”   ويتمثل هذا الإصلاح  في اتخاذ  مجموعة من الإجراءات  تهم أساليب تقديم الخدمات الإدارية ، وأساليب اشتغال الإدارة ، بالإضافة إلى إجراءات محاربة الفساد الإداري :

تطوير أساليب تقديم الخدمات الإدارية

     يقتضي هذا التطوير في نظر الجماعة  ضرورة  تحسين أساليب تقديم خدمات الإدارة العمومية للمرتفقين من خلال تحسين ظروف الاستقبال وتيسير المساطر الادارية والرقمنة، وتجويد الخدمات المقدمة للمرتفقين، وتسهيل الولوج إليها، والرفع من مستوى أدائها ومردوديتها. بالإضافة إلى تطوير بوابة الخدمات العمومية من خلال تزويدها بنظام معلوميات لتحديد المواقع الجغرافية للمصالح الإدارية، وإحداث مرصد لتتبع استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصال في القطاع العمومي.

تحسين أساليب الاشتغال الإداري

 تعتبر وثيقة الجماعة بأن الإدارة العمومية تلعب دورا حاسما بالدفع بالتطور السياسي والاقتصادي والتنموي بالمملكة ، فهي بمثابة قاطرة  النمو والتنمية بالبلاد .لذا من الضروري العمل على تطوير أساليب عملها وطرق تدبير مواردها . ولتحقيق هذا الهدف تقترح  الوثيقة اتخاذ مجموعة من الإجراءات تتمثل في:

      – تطوير منظومة الموارد البشرية، والسهر على حسن اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص يقوم على وضع آليات مبنية على الكفاءة في اختيار المرشحين لمناصب المسؤولية، بعيدا عن المحاباة والزبونية والإقصاء.

    – تأهيل قطاع الوظيفة العمومية من خلال التكوين المستمر للموظفين وتنمية مهاراتهم ومعارفهم، والعمل على توجيههم إلى التخصصات التي تفتقر إليها الإدارة، وذلك وفق  استراتيجية تروم تحديث الإدارة وجعلها قاطرة للتنمية.

    – إصلاح منظومة الأجور بشكل يجعلها أكثر انسجاما وشفافية، وذلك بالحد من الفوارق الكبيرة بين الأجور، وتبني نظام تحفيزي فعال يعتمد على الاستحقاق والكفاءة والمردودية.

– دمقرطة العمل الإداري من خلال إشراك الموظف في مناقشة مشاكل العمل، ووفي بلورة  المشاريع والبرامج التي تهم المنظومة الإدارية.

– ترشيد إحداث المؤسسات والمقاولات العمومية من خلال احترام مبدأ التخصص الوظيفي، وربط إنشائها بالضرورة والجدوى والفعالية، وترشيد نمط تدبيرها.

-نهج سياسة فعالة للتواصل الإداري مع المواطنين، وإعادة الثقة بين الإدارة والمرتفقين، ودعم الإدارة الإلكترونية بتعزيز الموارد التكنولوجية العصرية.

آليات محاربة الفساد الإداري

     ركزت الوثيقة على تفشي  الفساد في سائر مؤسسات وإدارات الدولة بشكل عميق وبنيوي

الشيء الذي عكسته التقارير الوطنية والدولية التي تعتبر المغرب ضمن خانات الدول الأكثر فسادا. وبالتالي ، فلا يمكن محاربة هذا الفساد الإداري المستشري والتصدي لمظاهره دون   الانتقال من نظام سياسي سلطوي إلى نظام ديمقراطي ، وتبني استراتيجية واضحة وفعالة لمحاربة الفساد في مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبهذا الصدد ، تقترح الوثيقة من أجل التصدي للفساد في مؤسسات الدولة ما يلي:

       -الحد من البيروقراطية، ودعم اللاتمركز الإداري بشكل يسهم في تحقيق لامركزية ترابية فعلية، عبر منح صلاحيات وسلطات مهمة للمصالح الخارجية، ومدها بالموارد البشرية والمالية اللازمة، وتقييم عملها وإنجازاتها بشكل دوري، مقابل احتفاظ الإدارة المركزية بمهام الضبط والتأطير والتخطيط والتقويم.

       -تعزيز آليات الحكامة الإدارية من خلال ترشيد النفقات العمومية، ونهج تدبير أمثل للشأن العام عبر إقرار مبادئ التدبير الراشد، وتبني مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين (قطاع خاص ومجتمع مدني وجماعات ترابية) في  بلورة السياسات العمومية.

– تحسين مبادئ الشفافية في المرفق العام، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز آليات مراقبة صرف المال العام، وتقوية الأجهزة الرقابية الرسمية والمدنية المستقلة عن السلطة التنفيذية.

      -اعتبار النزاهة من معايير الارتقاء العلمي والوظيفي والمهني.

     -إحداث هيئة مستقلة ذات صلاحيات واسعة لمحاربة الفساد، وتمكينها من الموارد المادية والموظفين المتخصصين، وإخضاعهم للتداريب الضرورية، إضافة إلى توفير الحماية القانونية لهم أثناء الاضطلاع بوظائفهم.

– وضع آليات قانونية لحماية الشهود والمبلغين عن الفساد.

– اتخاذ تدابير لتدعيم النـزاهة ودرء الفساد عن جهاز القضاء، وسن قواعد ضابطة بشأن سلوك أعضائه، وذلك لأهمية استقلالية القضاء ودوره الحاسم في مكافحة الفساد.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي