شارك المقال
  • تم النسخ

هل أصبح المغاربة مغرمين ببطاطس مصر بعدما هجروا أفلامها؟!

منذ أن غنّت الشحرورة صباح، لأول مرة منذ حوالي ستين سنة، الأغنية الشهيرة «عالبساطة»، التي تُمجّد «البطاطا»، والعرب مولعون بهذه الأكلة، لدرجة أن مؤلف كتب مدرسية في المغرب، هو الراحل أحمد بوكماخ، أدرج قصة متخيلة عن «أكلة البطاطس»، تبدأ برفض طفل تناول وجبة «البطاطا»، فتأمر أمّه العصا بضرب الابن، لكنها تعصي أمرها. ومن ثم تتوالى سلسلة أوامر الأم الطريفة التي تشمل البقرة والحداد والجزار وهلم جرا… إلى أن تنتهي القصة بموافقة الابن على ازدراد البطاطس، بعدما وافق القط على أكل الفأر!

هذا الأسبوع، لم تعد المسألة متعلقة بأغنية شهيرة أو بقصة متخيلة، وإنما بخبر واقعي، فقد جاء في موقع «مصر اليوم» الصادر بالإنكليزية، أن مصر تعتزم تصدير البطاطس إلى المغرب، بعد حصولها على موافقة «المكتب المغربي للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية».

ولعلّ مُحدّثكم، العبد الضعيف، الذي تفصله مسافات ضوئية عن شؤون الاقتصاد، لم يكن يدرك قبل اليوم أن ثمة خصاصًا في البطاطس في المغرب، وهو البلد الزراعي بامتياز؛ ما يستدعي استيرادها من «أرض الكنانة»، بعدما كان يستورد منها المسلسلات والأفلام التلفزيونية والأغاني الكلاسيكية، إلى حد أن كثيرا من المغاربة صاروا يبزّون العرب في التحدث باللهجة المصرية بطلاقة.

على الأقل، ستوحّدنا مع الأشقاء المصريين «أكلة البطاطس»، في انتظار الوحدة العربية الشاملة، بعدما فرّقتنا السبل، فصرنا نولّي وجوهنا نحو تركيا، نستورد منها المسلسلات التلفزيونية والملابس والأثاث، ونذهب إليها للسياحة وكذا لزرع الشعر والجراحة التجميلية التي لا تكون عواقبها محمودة دائما، فشبكة «اليوتيوب» مليئة بمآسي نساء وفتيات، كُنّ يطمعن في «نفخ» الأماكن الحساسة في أجسادهن، فتحوّلن إلى مسخرة أمام العالم!

المهم، المصريون مبتهجون، بدون شك، للسعد الذي سوف تأتي به حكومتهم السعيدة، وسيذكُر التاريخ المجيد للمُشير عبد الفتاح السيسي ـ الذي يخلف نفسه دائمًا على عرش مصر ـ أنه حاول إنقاذ البلاد من أزمة اقتصادية، ففتح المجال لتصدير البطاطس إلى الأسواق المغربية، والفراولة إلى الأسواق الكندية. ونِعم الفتح المبين!

وآية ذلك أن موقع «مصر اليوم» يتحدث باعتزاز عن هذا الإنجاز العظيم، قائلا إن الصادرات الزراعية تشكل حاليا ثاني أكبر مَصْدَر لعائدات مصر من العملة الصعبة الأجنبية. ويتابع أن هذه الصادرات تجاوزت مليونيْ و200 ألف طن من المنتجات الزراعية بقيمة مليار ونصف مليار دولار تقريبًا خلال الربع الأول من العام الحالي، وهو ما يمثل زيادة كبيرة قدرها ثلاثمئة مليون دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام المنصرم. لكنّ الموقع المذكور نسي أو تناسى أن يبيّن لنا ما إذا كانت تلك الزيادات سوف تنعكس إيجابا على معيش الناس «الغلابة» في مصر، أم إنها تذهب مباشرة إلى أرصدة العسكر القابض على الحكم والاقتصاد بيد من حديد؟!

بيد أنه يحق لنا التساؤل: مَن هو ذلك الشاطر الذي أوحى لرجال الاقتصاد المصريين بالتوجّه نحو الأسواق الكندية، وليس الأوروبية؟ أكيد أنه كان يفكر في المصير الذي حدث لفاكهة «الفراولة» المغربية المسكينة التي اتُّهمت ظلمًا وعدوانًا بحمل أشدّ الأمراض فتكًا بالإنسان، وهي الاتهامات التي ظلّت تتردد في أوروبا على لسان المزارعين والسياسيين والإعلاميين والمؤسسات الرسمية… لدرجة أن مَشاهد إتلاف الفراولة المغربية، المنقولة عبر التلفزيون والمنصات الإلكترونية، بدت أكثر إيلاما وتجسيدا لعقدة التفوّق الأوروبي واحتقار كل ما يأتي من بلدان الجنوب. بينما تذهب نساء وفتيات مغربيات إلى حقول إسبانيا لجني الفراولة في ظروف غالبا ما تكون مهينة وحاطة من الكرامة الإنسانية. ونتذكر قصص الاعتداءات الجنسية التي تعرضت لها مغربيات عاملات هناك في حقول الفراولة.

وعلى شاكلة قصة «أكلة البطاطس» الواردة في مستهل المقال، الظاهر أن الحكومة المغربية التي تفتخر بأغلبيتها البرلمانية «الساحقة»، قد تفكّر في إصدار قانون يُجبر السواد الأعظم من المواطنين على إعداد وجبات متنوعة قوامها البطاطس فقط، ما داموا يتشكّون من غلاء اللحوم والدواجن والأسماك!

ورغم أن حكومة عزيز «الأحرار» الذي يجمع بين السياسة والتجارة، أجازت للعام الثاني استيراد الأبقار والأغنام من خارج البلاد، فإن هذه العملية تعود بالنفع فقط على كبار المستوردين، ولا يستفيد منها عموم الناس، لكون أثمان اللحوم وصلت إلى مستويات قياسية من الارتفاع. ومع ذلك، تزعم تلك الحكومة أنها «اجتماعية» و»تضامنية»، في حين يثبت الواقع أنها أبعد ما تكون عن واقع الشعب وهمومه!

أخنوش يخلف الموعد!

ومن جديد، يخلُف عزيز «الأحرار» موعده مع المواطنين، ففي الوقت الذي ظلّت الألسن المختصّة في تمجيده «تبشّر» المواطنين بجلسة أول أمس الأربعاء 17 نيسان/ أبريل، حيث كان مقررا أن يستعرض ما قيل إنها «حصيلة نصف الولاية الحكومية» أمام البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين، فوجئ الرأي العام المحلي بتأجيل الجلسة إلى تاريخ لاحق لم يعلن عنه. فكانت الفرصة مواتية لدى حزب «العدالة والتنمية» للمز والهمز، إذ جمع صحافيين وصحافيات قبل موعد الجلسة المقررة بيوم واحد، ليستعرض أمامهم حصيلة تقويمه «السلبي» لعمل الحكومة. وسمع الحاضرون في المؤتمر الصحافي نفسه، عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للحزب المعارض، يقول «إن رئيس الحكومة يُدبّر مصالحه الشخصية من خلال رئاسة الحكومة ويشتري الجميع بأمواله»؛ مضيفا «رئيس الحكومة هو رئيس لتدبير مصالحه الخاصة، ولا يبتعد عنها قيد أنملة»، وفق ما نقل عنه موقع الحزب.

ولم يكتف الموقع بذلك، بل سعى للإيغال في الجرح، إذ كتب رئيس تحريره، محمد عصام: «ليس سرا أن أخنوش رغم ما يتم توفيره له من (كوتشينغ) وحصص تدريبية، يشرف عليها خبراء في التواصل، فإنه عاجز عجزا بيّنًا في ملء مقعد رئيس الحكومة المُفترض فيه أن يكون قائدا سياسيا بالمعنى الحقيقي للسياسة، وليس السياسة بمعناها الذي يتبناها أخنوش ويلخّصها في خبرة يمكن أن تُشترى بالمال كما يتم شراء كل شيء بما فيها الذمم بالمال».

وتابع كاتب المقال: «هذا العجز المزمن هو السبب الحقيقي في تهرّب رئيس الحكومة من الجلسات الشهرية للسياسة العامة، والتي طيلة هذه السنوات الثلاث الماضية من عمر الحكومة لم يحضر منها إلا 23 جلسة بمعدل واحدة كل شهرين، في حين أن الدستور وقرار المحكمة الدستورية يفرض عليه جلسة واحدة لكل مجلس من مجلسي البرلمان شهريا».

كل ما استطاع أخنوش فعله هو إنجاز وصلة إعلانية لشركته الخاصة بتوزيع وقود السيارات، تُبثُّ خلال وقت الذروة التلفزيونية. واللافت للانتباه أن الذين أنجزوا هذه الوصلة نسبوا كل القيم المغربية ومسار نهضة البلد إلى هذه الشركة وحدها؛ متجاهلين الملاحظة التي سجّلها «مجلس المنافسة» في شأنها، كونها تنتهك قواعد المنافسة، مثلها في ذلك مثل شركات أخرى للمحروقات.

حين تُهيمن سلطة المال على سلطة السياسة، فاقرأ على مصالح المواطنين السلام!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي