شارك المقال
  • تم النسخ

هكذا أعادَ فيروس “كورونا” ترتيب أولويات المغاربة

قلبت جائحة كورونا كافة الموازين، وتركت أثراً لا يمكن أن يمحى بسهولة على مرور السنين في نفوس المغاربة، سطّرت دروساً وعبر، وروّعت البشرية جمعاء، لم تستثن الغني ولا الفقير، وأعادت ترتيب أولويات العديد من الأسر.

وساعدت الظرفية الحساسة التي عاشها المغرب، بفعل فيروس كوفيد-19، على غرار باقي دول المعمورة، في إعادة المغاربة التعامل مع مجموعة من الأمور، من قبيل  تعزيز ثقافة الادخار والقدرة على تدبير الأزمات والحاجة الملحة إلى اعتماد الرقمنة، والإقلاع عن بعض السلوكيات والممارسات اليومية.

وفي هذا السياق، قال فريد لـ “بناصا”، “إن جائحة كورونا غيرت من أولوياتنا، وجعلتني شخصيا أهتم أكثر بأسرتي، وتوطيد العلاقة الأسرية، التي كنت أفتقد إليها في السابق، بسبب الانشغال بالعمل وأمور الحياة اليومية”.

وأضاف فريد “أن فيروس كوفيد -19 عزز ثقافة الادخار، لدى عدد من الأسر المغربية، مؤكدا أنه لا يخفى على أحد أن كورونا، أزاحت الغطاء عن حجم الأسر التي تعيش الهشاشة والفقر، كما فقد العديد من المواطنين عملهم بسببها، أو انخفاض الدخل الشهري خاصة الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل، جراء توقف الأنشطة التي كانوا يزاولونها، ووجهت الناس إلى ترشيد انفاقهم صوب الأولويات فقط”.

وفي ذات الموضوع، كشفت غزلان، ربة بيت، “أن فيروس كورونا، رفع من جرعة الثقافة الصحية عند المغاربة، في ظل تفشي الوباء، وأنا منهم، مضيفةً أن عدداً من المواطنين أصبحوا يعرفون كيف يطبقون إجراءات الوقاية، وأضحت عادة تعقيم اليدين عند الكثير منهم عادة يومية وروتين حياتي لا يمكن الاستغناء عنه”.

وفي سياق ذي صلة، أوضح عدد من الشباب لـ “بناصا”، أن فيروس أظهر الحاجة الملحة إلى اعتماد الرقمنة، خاصة وأن فترة الحجر كشفت ذلك، سواء في العمل أوعبر التعليم عن بعد، أو من خلال مجموعة من التطبيقات لمتابعة الوضع الوبائي، مؤكدين أهمية المنطومة الرقمية في حياتنا، والتي لا يمكن لأي أحد الاستغناء عنها، مبرزين أن ذلك يدعو إلى ضرورة النظر في استكمال وتطوير هذه الأخيرة ببلادنا، بعد أن أثبتت نجاعتها في عدة قطاعات.

وفي هذا الإطار قال مراد الطهريوي، الأستاذ الباحث في علم الاجتماع، لـ “بناصا”، إن أزمة كورونا شغلت بال المغاربة، وجعلتهم يفكرون في ظروف جمة، دفعتهم إلى الترويح عن النفس، كسب ثقة أسرهم، والدفع بأبنائهم نحو التعلم عن بعد، ونشر الثقافة الصحية، ومواكبة كل صغيرة وكبيرة في ظل الثورة الرقمية وعالم الاتصالات العابر للقارات.

وأضاف الطهريوي، أن الوقاية من الوباء أصبحت جزء لا يتجزأ عن الثقافة المغربية، وذلك باستعمال الكمامة والمعقمات بشكل يومي، مؤكدا أن كورونا غيرت من طرق تفكير المغاربة ومجابهتهم للحياة، حيث أصبحوا يفكرون في كل سلوك أو فعل قد يدفعهم نحو أضرار ثقيلة، مبرزا في ذات السياق، أن الأسر المغربية بعدما كانت تعيش فردانية وأنانية، أضحت في ظل الأزمة الصحية، تعيش وهج الغيرية ونكران الذات، واعلاء ثقافة العيش المشترك، وكسب رهان السلامة الصحية.

وأشار الباحث في علم الاجتماع، إلى أن أولويات الأسر المغربية ما بعد كورونا، ستتخذ أبعادا متعددة، وسيطفو على السطح خزان ثقافي  يركز على مكانة ومتانة الروابط الأسرية، بعدما كانت سائرة في طور التفكيك والانحلال، ثم ايلاء الاهتمام بالرقمنة وتقريب المعرفة من الفرد، وزرع الثقة في جيل الغد لكونه هو الوحيد الذي بإمكانه أن يقود هذا الكوكب إلى بر الأمان.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي