شارك المقال
  • تم النسخ

من الخارج إلى الداخل.. فيروس “كورونا” يغير وجهة “الحراكة” بالمغرب

تمكن فيروس كورونا منذ ظهوره في الصين أواخر سنة 2019، وفي ظرف وجيز، من تغيير الكثير من الأمور في العالم، شلّ الاقتصادات وأغلق الشركات، وأوقف المآتم والأعراس، ومنع التجمعات بكل أنواعها، ألغى بطولات رياضية كبرى، وأفلس بسببه العديد من رجال الأعمال، وامتد تأثيره ليمس التقاليد والعادات.

لم يتوقع أحد، بأن السفر داخل بلده، أو على الأقل لأقرب مدينة إليه، سيصير جرما يعاقب عليه القانون، لكن كورونا، جعل مما كان مستبعدا، واقعا معاشا، فحبس الجميع في منازلهم، وحرم الوالدين من رؤية أبنائهم، ومنع الشباب من التوجه لبيوت آبائهم، وظل يغير في القوانين، حتى صار المغاربة يسمعون بـ”الحراكة” الداخليين، الذين يفرّون بين الأقاليم.

ظاهرة الهجرة السرية الداخلية، بدأت منذ فرض إلزامية التوفر على رخصة استثنائية مقدمة السلطات المختصة، للتنقل بين الأقاليم والعمالات، حيث عمد عدد من الناس إلى استئجار سيارات كان يعمل أصحابها في النقل غير القانوني (الخطافة)، أو كانوا يشتغلون في النقل الحضري، غير أن توقفه دفعهم للبحث عن مصدر رزق آخر، _يستأجرونهم_ ليقوموا بتهريبهم باستخدام الطرق الترابية (بيستا) التي لا تتواجد بها نقط تفتيش للشرطة أو الدرك.

وبالرغم من التقسيم الجديد الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية قبل حوالي أسبوعين، والذي قسم المملكة إلى قسمين، الأول يضم الأقاليم والعمالات التي لم تعد تسجل حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا، والثاني يضم المناطق التي ما تزال تعرف إصابات جديدة بكوفيد-19، إلا أن ممتهني التهريب السري، لم يتوقفوا، فقد باتوا يتحركون لمسافات طويلة في الطرق الرئيسية، قبل التعريج على الممرات الترابية الجانبية عند اقترابهم من حدود المنطقتين “1” و”2″.

ورجح أحد المواطنين لـ”بناصا”، أن تكون المناسبات المفاجئة، وراء رغبة عدد من الناس في الانتقال بين المنطقتين، خاصة حالات الوفاة أو المرض، التي لا علاقة لها بفيروس بكورونا، فمثلا، يضيف المتحدث:”توفيت جارتنا قبل فترة قصيرة، واضطر أبناؤها القاطنون بالمنطقة رقم 2، للسفر غير القانوني باستخدام سيارتهم للوصول إلى بيت أمهم الراحلة، الكائن في منطقة التخفيف الأولى”، وفق قوله.

وتابع بأن العمل أيضا يمكن أن يكون سببا في رغبة أي شخص مغادرة تراب المنطقة رقم 1 إلى 2 أو العكس، وبالضبط لمن لا يتوفرون على وثائق تثبت مهنتهم، الأمر الذي يُصعب إمكانية حصولهم على وثيقة استثنائية مقدمة من السلطة، ويجبرهم على “الحريك”، حسب ما صرح به لـ”بناصا”.

من جهته اعتبر آخر في تصريح لـ “بناصا”، بأن “العالقين في المناطق التي عرفت تفشيا كبيرا للوباء، هم أيضا سعوا للعودة إلى بيوتهم بعد تخفيف إجراءات الحجر، وذلك بهدف التخلص من واجبات الكراء التي تراكمت عليهم، وبالأخص الشباب الذين يتواجدون بطنجة من أجل العمل، وينحدرون من أقاليم أخرى صنفتها الداخلية مؤخرا في المنطقة الأولى، كالحسيمة مثلا”.

واسترسل بأن التقسيم الجديد، جعل العرائش وطنجة أصيلة العمالة والإقليم الوحيدين، من جهة الشمال، ضمن التصنيف الـ 2، فيما باقي المناطق عرفت تخفيف إجراءات الحجر، الأمر الذي أغرى بعضهم للسعي من أجل وصول لتطوان أو الفحص-أنجرة، بغية تسهيل مهمة السفر إلى الحسيمة، لأن الطريق إليها مفتوح ولا يشترط التوفر على رخصة استثنائية.

وكانت السلطات مؤخرا، قد شددت إجراءات الدخول أو الخروج من المدن المصنفة في المنطقة رقم “2”، نظرا لما تعرفه من استمرار في تسجيل الحالات المصابة بفيروس كورونا، حيث تتواجد نقط تفتيش في كل المداخل، إلى جانب نقط الدرك في الطرق الوطنية والإقليمية المؤدية للمناطق المعنية بتشديد القيود.

يذكر أن وزارتي الداخلية والصحة، كانتا قد أعلنتا، ليلة أمس الجمعة، عن تصنيف كافة أقاليم وعمالات المملكة، ضمن منطقة التخفيف رقم “1”، باستثناء أقاليم وعمالات، طنجة أصلية، ومراكش، والعرائش والقنيطرة، نظرا لظهور بؤر وبائية جديدة، وذلك بداية من الـ 24 من شهر يونيو الجاري.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي