شارك المقال
  • تم النسخ

كيف عرقلت “العادات والتقاليد” إجراءات “الحجر الصحي” بالمغرب؟

مع دخول فيروس كورونا للمغرب شهر مارس الماضي، اضطرت الحكومة لإعلان حالة الطوارئ الصحية، وفرض حجر صحي على كافة أرجاء التراب الوطني، وإصدار حزمة من التوجيهات من ضمنها التباعد الاجتماعي ووضع الكمامة، واستخدام المعقمات لغسل اليدين باستمرار، في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة كوفيد-19.

وانضبط غالبية المواطنين لتعليمات وزارتي الداخلية والصحة، بالحفاظ على مسافة الأمان، وارتداء الكمامة، إلى جانب استعمال مواد التعقيم، إلا أن عددا آخر منهم، كان يجد صعوبات بالغة في الالتزام بإجراءات السلامة الصحية، خاصة في الشق المتعلق بالتباعد الاجتماعي، والذي يتصادم بشكل مباشر مع تقاليد المجتمع المغربي، المبنية أساسا على التجمع والالتقاء.

الأعراس

تبعا لقرارات الحجر الصحي، فقد منعت وزارة الداخلية كافة المناسبات التي تعرف تجمعات للمواطنين، ومن بينها الأعراس، ما أجبر الأشخاص الذين كانوا يستعدون للزفاف على إلغائه أو تأجيله لغاية زوال الجائحة، فيما اختار البعض إقامته بشكل افتراضي باستخدام التطبيقات الإلكترونية، لكن فئة، قليلة نعم، ولكنها موجودة، قررت أن تقيم حفلة زفافها سراً، وتدعو إليها أفراد العائلة، ما يترتب عنه اجتماع العشرات في مكان واحد.

العادات والتقاليد المغربية، تقتضي إقامة حفل الزفاف، ومن العارِ أن تقبل عائلة الزوجين، عيشهما تحت سقف واحد، من دون إقامة وليمة يحضرها المقربون والجيران، ما جعلها (أي التقاليد) تقف حائلا دون الالتزام بالتباعد الاجتماعي، نظرا لأنه من السمات الأساسية لأي عرس، هو حضور الناس، وفي ظل الظرفية الاستثنائية وحرصا على إبقاء المناسبة بعيدةً عن أعين السلطات، تم الاكتفاء بأفراد العائلة فقط.

وبالرغم من حرص خارقي القانون، على عدم وصول خبر العرس للسلطات، إلا أن الأخيرةَ تمكنت من ضبط أحد حفلات الزفاف السرية، وذلك في مدينة بني بوعياش بإقليم الحسيمة، بداية يونيو الجاري، معتقلةً على إثرها 12 شخصا، بتهمة خرق حالة الطوارئ الصحية والحجر المفروضين في المملكة للتصدي لجائحة كورونا.

العقيقة

الأسر التي كانت على موعد مع ازدياد مولود جديد، في هذه الظرفية الاستثنائية، وجدت نفسها هي الأخرى مجبرةً على عدم إقامة أي حفلٍ، ولكن، ولأنه لابد من أن تخرج فئة عن القاعدة، فقد احتفل عدد من المواطنين، سراً، بالعقيقة، وجمعوا لها عدداً من أفراد العائلة، ضاربين الإجراءات الوقائية المعمول بها عرض الحائط.

وسبق للسلطات المغربية أن منعت، شهر مارس الماضي، حفل عقيقة، بسبب مخاوف تفشي فيروس كورونا، وذلك بجماعة بومية التابعة لإقليم ميدلت، مطالبةً المواطن بتأجيل المناسبة لما بعد الجائحة، علما أن الإجراءات التي كان معمولا بها وقتها، هي حظر كل التجمعات التي يفوق عدد المتواجدين بها 50 شخصا، قبل أن يليها فرض التباعد الاجتماعي ومنع كل التجمعات مهما كان العدد.

العزاء

من المفترض، في ظل الإجراءات الوقائية المعمول بها، حاليا، ألا يشهد العزاء، عناق المواساة، وزيارات التعزية، ولكن، ونظرا لأن التقاليد والعادات التي تكونت عبر قرون طويلة، يصعب تجاوز تأثيرها في شهور قليلة، فقد خرق عدد من المواطنين القوانين، وقاموا بتلقي وتقديم واجبات العزاء، إلى جانب إقامتهم لوضيمة، وربما وضائم متتالية.

وفي هذا السياق، عرفت إحدى الجماعات القروية التابعة لإقليم الحسيمة، مؤخرا، إقامة مأتم، في سرية تامة، داخل البيت، وبعيداً عن أعين السلطات، والتي ساعد في تجنبها تواجد المنزل في “دوار”، منعزل وسط تضاريس جبلية.

وبالرغم من تحذيرات إمام مسجد “الدوار”، الموجهة للسكان، من الذهاب لتقديم واجب العزاء، إلا أن الجيران حرصروا على التوجه إلى بيت المتوفي، لتعزية أبنائه، الذين بدورهم رحبوا بالزوار، وأقاموا وضائم حضرها ما يزيد عن الـ 50 شخصا، موزعين على ثلاثة أيام.

المعايدة والزيارات

عيد الفطر هذه السنة، كان استثنائيا بكل المقاييس، وربما لم يعرف التاريخ مثيلا له، لأن الغالبية العظمى من البلدان الإسلامية، فرضت الحجر الصحي للتصدي لكورونا، ومنعت المعايدة، ومنها من أصدر فتاوي حاسمة في الموضوع تحرمها (أي المعايدة)، تحريما قطعيا، لما قد تسبب فيه من ضرر على النفس.

غير أن التقاليد من جديد، كانت أقوى من الفتاوي والقوانين، وجعلت عدداً كبيراً من الأشخاص يقومون بواجب المعايدة، وما يترتب عنها من تقبيل وعناق، على الأقل في صفوف أفراد العائلة وبعض الجيران، إلى جانب زيارتهم لأقاربهم القاطنين داخل نفس المدينة أو الجماعة الترابية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي