شارك المقال
  • تم النسخ

هل كذب بوريطة على غوتيريش بقبول المغرب توسيع مهام الـ“مينورسو”؟

صبري الحو*

تقديم موجز

تقرير الأمين الأمين العام للأمم المتحدة رقم 787 في عدم الاشارة الى الآليات الوطنية التي تشتغل في ميدان حقوق الانسان نقاشا كبيرا وسط الخبراء المغاربة في الميدان، بحيث ذهب الجميع الى التنبيه والشك في ذلك، ووصفه بأنه يؤسس لأجندات مرتبطة بسابق الترصية التي ترمي الى توسيع مهام المينورسو لتطال حقوق الانسان.

ولئن اختلف مع هذا الرأي في النتيجة النهائية، فإننا نتقاطع كثيرا في نوايا وخلفيات الأمين العام بحيث أنظر اليه ضغطا يمارسه على المغرب من أجل استصدار تنازل نوعي وكبير لتوسيع حرية المينورسو لتصل الى محاوريها المحليين، وهو جزء من النهج المبتكرة لروس المرفوضة من ذي قبل، وسيي الأزمة معه.

وفي التقرير ما يسند هذا الرأي، كما أن الديبلوماسية المغربية انطلت عليها تلك المناورة وقدمت وعدا كاذبا للأمين العام في علاقة بذلك، وهو ما يمس بحقوق المغرب ذات الشرعية التاريخية والرجحان القانوني وبمصداقية الديبلومازسية المغربية لعدم قدرتها الوفاء بالوعد.

نص التقرير

تشير الفقرة 70 من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أن السيد الأمين العام تلقى رسالة من المغرب بتاريخ 9 من شتنبر الماضي، أي شهرا قبل الإفراج عن تقريره في الثالث من اكتوبر.

وأن هذه الرسالة وردت فيها معلومات بخصوص مجهودات المملكة المغربية وإنجازاتها في مجال تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها” بما في ذلك الحوادث المحددة المبينة في تقاريره المنتظمة الموجهة الى مجلس الأمن.

وتحمل هذه الفقرة اعترافا من قبل الأمين العام بتلقيه من طرف المغرب تقريرا وليس مجرد رسالة وفقا لوصفه، لأنه يتضمن أجوبة دقيقة عن قضايا محددة، كانت معروضة عليه، وسبق أن جعلها محل احاطة من قبله الى مجلس الأمن.

إلا أن السيد الأمين العام اكتفى بسرد كلام عام سواء من حيث طبيعة الجهود المغربية لتعزيز حماية حقوق الانسان والحريات الأساسية وفقا لتعبيره الفضفاض والعائم، إذ لم يشر إلى ما قام به المغرب وكيف تعاملت الآليات المغربية، مع الحالات المثارة.

ونفس الشيء يقال عن ترك الأمين العام للحالات التي تناولها التقرير المغربي غير معرفة أيضا، واكتفى بالإحالة إليها بتلك المُشار إليها في سابق تقاريره الموجهة إلى مجلس الأمن، دون تحديد ولا إشارة واحدة إلى مراجع وتاريخ هذه التقارير.

ويستمر استعمال السيد الأمين العام للتعابير العامة حتى الفقرة 86 من باب الملاحظات والتوصيات والمخصصة لحقوق الإنسان، حيث خرج عن سياق سابق تقاريره التي كانت تشير إلى عمل الآليات المغربية سواء المجلس الوطني لحقوق الإنسان أو اللجان الجهوية لحقوق الإنسان في العيون والداخلة.

إذ أن السيد الأمين العام ضمن الفقرة حث الطرفين على حماية حقوق الإنسان وتعزيز حمايتها، ومعالجة مسائل حقوق الإنسان العالقة، وتعزيز تعاونهما مع آليات الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن السيد الأمين العام أتم ملاحظته الخاصة بحقوق الإنسان والواردة في الفقرة 86 بتعبير عام وغير واضح ومُبهم، ويحمل لغزا وبرقية خفية من خلال قوله وبصيغة الوجوب بضرورة رصد حالات حقوق الإنسان على نحو مستقل ونزيه وشامل ومطرد من أجل كفالة حماية جميع الناس في الصحراء، وترك هذا التنبيه دون تخصيص لمن يوجه هذا الكلام.

وهو الشيء الذي يجعل المراء لصيقا بهذه الملاحظة، فهل هي موجهة الى الأطراف؟ أم هو توصية موجهة الى مجلس الأمن؟.

هذا سؤال مهم ولا شك، فماهو المغزى والهدف المستتر وراء ذلك؟

شخصيا أميل إلى ترجيح الاعتقاد الثاني مادام التقرير بالكامل موجه بالأساس الى مجلس الأمن. ولا شك أن عدم إشارة الأمين العام للأمم المتحدة للآليات الوطنية التي تستغل في مجال حقوق الإنسان بما فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان واللجان الجهوية لحقوق الإنسان، وخاصة لجنتي الداخلة والعيون يرجع الى عدم تلقي المفوضية خلال الفترة المشمولة بالتقرير لأية حالة انتهاك لحقوق الإنسان خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

والدليل يحمله التقرير نفسه في فقراته من 68 و 69 و 70 و 71 بحيث لا يتحدث عن حالات انتهاك لحقوق الإنسان في الإقليم خلال تلك الفترة بخلاف الحالتين المشار إليهما في الفقرة 71 التي تم رصدهما لدى البوليساريو والمتعلقة بمدافع عن حقوق الإنسان ومدون تعرضا للمضايقة والاعتقال وسوء المعاملة والاحتجاز التعسفي من طرف قواتها.

علاوة على ذلك فإن عدم الإشارة إليها لا يلغي وجود تلك الآليات الوطنية التي تشتغل في مجال حقوق الإنسان. كما إن ذلك لا ينسخ سابق الإقرار الأممي بالوجود والإشهاد على جدية اعمالها الثابت في لوائح وقرارات الأمم المتحدة.

كما أن عدم تضمين العام لذلك في تقريره لا يشكل سببا لخلق آلية بديلة أو لتوسيع مهام المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، تحت أية ذريعة، رغم ما استبق التقرير من موافقة اسبانيا مثلا على ذلك، أو ان المينورسو هي البعثة الوحيدة في العالة التي لا تقوم بتلك المهام.

بل إن غرض الأمين العام يرمي إلى استصدار تنازل كبير ونوعي من المغرب على الطريقة والشكل المشار إليه في الفقرة 56 من نفس التقرير من أجل تيسير الوصول إلى المحاورين المحليين غرب الجدار الرملي من أجل استقاء معلومات موثوقة وتقييم الحالة في المنطقة التي تقع تحت مسؤوليتها والإبلاغ عن هذه الحالة.

وهو الطلب الذي يرفضه المغرب على الإطلاق رغم الأمل الذي عبر عنه السيد الأمين العام بعد لقائه مع وزير الخارجية المغربي في الأسبوع رفيع المستوى على هامش انعقاد الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة ( الفقرة 54 من التقرير باب التحديات التي تواجهها البعثة).

واعتبر ما قدمه السيد وزير الخارجية المغربي للأمين العام بمثابة وعد كاذب يمس في عمقه وجوهره بحقوق المغرب ذات الشرعية التاريخية والرجحان القانوني، ويضر في شكله بوجه المغرب وبمصداقية ديبلوماسيته مادام الوفاء بذلك الوعد مستحيلا ومرفوضا.

لأن في السماح للبعثة بالوصول إلى محاورين هو جزء من النهج المبتكرة للمبعوث الشخصي للأمين العام السابق كريستوفر روس، والتي كانت إحدى أسباب الأزمة وسحب المغرب للثقة منه لمرتين منه، وهو اجراء وتصرف مقبول لأن فيه مس بسيادة المغرب وشك في شرعيتها ، ومحاولة لتقوية بعثة المينورسو على حساب حقوق المغرب ، ومحاولة لسحب البعثة البساط من المغرب

.*محام بمكناس، خبير في القانون الدولي_الهجرة ونزاع الصحراء

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي