شارك المقال
  • تم النسخ

شيء من الكلام عن حديث المرأة

من القضايا التي لا يكثر عنها الحديث أثناء تناول قضايا المرأة ما نجده من كبت وقمع وتسلط عليها وعلى آرائها وإرادتها؛ بحيث تجد أن الرجل غالبا عند مشاورته مع المرأة وحديثه معها في بعض المجتمعات التي ما إن يتم الحديث معها أو طرح أفكار وتصورات أو التعبير عن عفوية المرأة مما تقتضيها طبيعتها بنكتة أو سرد قصة أو ضرب مثال أو تقريض شعر أو إيراد مزحة فيتم الحجز على كلامها بدون سند اجتماعي أو فكري. فالاسلام لم يحجم على المرأة أبدا، بل جعل لها حق المشورة وإبداء الرأي والنقاش وكذا المزاح، وفي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ما يدلل على هذا المعنى الجليل؛ فعندما جاءته أخطر امرأة عرفها العهد النبوي الشريف، وهي هند بنت عتبة رضي الله عنها، تعرض إسلامها على الرسول صلى الله عليه وسلم في بيعة النساء، وهو يعرض بنود وقوانين البيعة في نقاش طويل نذكر منه قوله صلى الله عليه وسلم لها: تبايعنني ألا تزنين.

قالت هند: وهل تزني الحرة يا رسول الله؟!

قال: تبايعنني ألا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن.
قالت: والله إن اتيان البهتان لقبيح!

قال: تبايعنني ألا تعصينني في معروف.
قالت: والله ما جلسنا هنا وفي أنفسنا أن نعصيك في معروف.

قال: تبايعنني ألا تقتلن أولادكن.
قالت: قد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا في بدر !

يقول الحاضرون؛ فأمسك كبار الصحابة من أبي بكر وعمر وغيرهم على بطونهم من شدة الضحك، وابتسم النبي صلى الله عليه وسلم مدللا على قوة شخصية الصحابية هند بنت عتبة وفطنتها وذكاءها وقوة ملاحظتها وحنكتها في السياسة وسرعة ردها بأدب على الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم، وهذا الأمر مما افتقده زمننا، وأضحى معه قمع المرأة والنيل منها نوع من الرجولة !!!

فالسماحة، والعفو، واللين جوهر الدين وهو مما يفتقده زماننا الذي كثرت فيه الرهبانية المتمسحة بلبوس الدين، بينما “لا الدين دعوة للاستسلام ولا هو دعوة للحرب ولكنه دعوة للخير تواجه الواقع بما يكافئه” كما يعبر عن ذلك الدكتور جاسم سلطان، ويمكن تحميل هذه الحرب على مثل ما تعلنه النسوية على الذكورية في المجتمعات المعاصرة التي تدعي أن القرآن هو الذي يحكمها وأنه كرم الرجل والمرأة على حد السواء بينما تخالف ذلك، إذن فلا حاجة إلى تعقيد الحديث مع المرأة فإنها نبع الحب والحياة وهي الجزء الأصيل لهذا المعنى، بل إننا سنربح مجتمعا صالحا اذا تعاونّا على إعداد المرأة للارتقاء بنفسها وفكرها، لكن مع الاسف حال المجتمع المعاصر قاعدته هي أن يمارس فيه كل شي ويتبرأ من كل شي!!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي