شارك المقال
  • تم النسخ

جون أفريك: مواقف الرئيس التونسي قيس سعيّد الداخلية والخارجية تبدو “متناقضة” و”غامضة” وعزلته آخذة في الازدياد

سلطت صحيفة “جون أفريك” الفرنسية، الضوء، على عزلة الرئيس التونسي قيس سعيد، مشيرة إلى أنها آخذة في الازدياد بعد أن فقد سابقا تأييد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يُعد حليفا رئيسيا له ولاعبا أساسيا على الساحة السياسية بالبلاد، كما أن أغلب مواقفه الداخلية والخارجية تبدو “متناقضة” و”غامضة”

وأشار تقرير الصحيفة، إلى أن الرئيس التونسي، يتبنى موقفا متشددا بشكل خاص تجاه إسرائيل بينما يعارض في الداخل قانونا يجرم أدنى تطبيع للعلاقات مع الدولة اليهودية، وأن هذه فجوة في المواقف الكبيرة تزيد من عزلته على الساحة الدولية.

وذكرت القصاصة ذاتها، أنه مع نسبة 72.7% التي مكنته من الوصول إلى المنصب الأعلى في عام 2019، كان قيس سعيد يطمح إلى منصب قيادي، وهو المنصب الذي يشغله اليوم بلا شك في تونس.

ومن ناحية أخرى، من الصعب قراءة مبادراته على الساحة الدولية، بل إن مواقفه مثيرة للقلق لأنها لا تتماشى مع رؤية ومصالح مختلف الأطراف، وخاصة في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط.

وفي يونيو ويوليو 2023، خلال المناقشات التي أدت إلى توقيع مذكرة تفاهم لشراكة استراتيجية وعالمية بين الاتحاد الأوروبي وبلاده، دعا رئيس الدولة التونسية إلى اتباع “مقاربة إنسانية” في التعامل مع اللاجئين فيما يخص الهجرة غير الشرعية/ ودون الكشف عن الآليات التي سيتم تنفيذها، اقترح عقد قمة دولية حول الهجرة.

وأضافت الصحيفة، أن جيورجيا ميلوني، رئيسة المجلس الإيطالي، تغلبت عليه من خلال تنظيم حدث مماثل على عجل في روما في يوليوز، وباءت هذه القمة، التي كانت أشبه باجتماع سريع دون اتخاذ قرار حقيقي، بالفشل، ولم يجد قيس سعيد المنصة التي كان يأمل فيها ولا الوسيلة لتسليط الضوء على أفكاره.

وأظهرت الحلقة الفجوة التي تفصل نوايا ميلوني عن نوايا الرئيس التونسي، لأن قيس سعيد يؤمن بالقضايا التي يدافع عنها، وينحدر من جيل الطفرة السكانية، وقد رسم المبادئ وشكل شخصيته في وقت تميز بظهور أيديولوجيات قوية على خلفية انضمام الدول المستعمرة إلى الاستقلال.

وقالت الصحيفة، إن قيس، سياسي غير نمطي، يفي بوعوده، وعندما تحدث خلال حملته الانتخابية عن القضية الفلسطينية بلهجات غنائية عظيمة، اعتقد كثيرون أن الأمر مجرد خطاب، ومع ذلك، يجب علينا أن ندرك أن فلسطين مدرجة بالفعل في جدول أعمالها.

وجاء في الديباجة: “إننا ملتزمون بالشرعية الدولية وانتصار الحقوق المشروعة للشعوب التي لها، بموجب هذه الشرعية، حق تقرير المصير، وفي المقام الأول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته على هذه الأرض بعد تحريرها وعاصمتها القدس”، وهو تأكيد اعتبره التونسيون غير مناسب في دستور من المفترض أن يؤسس نظامهم الجديد.

وموقف تونس الحالي ينبع من هذه العقيدة، فقبل اندلاع الصراع بين حماس وإسرائيل، في القمة العربية الثانية والثلاثين في جدة في ماي 2023، دعا قيس سعيد الدول العربية إلى الوقوف في وجه “المخططات الأجنبية الهادفة إلى إقامة نظام عالمي جديد”.

وقال: “لقد حان الوقت للإنسانية أن تضع حداً للظلم الذي يعاني منه أهلنا في فلسطين”. إن هذا العالم الذي يتم إعادة تشكيله يجب ألا يُبنى مرة أخرى على عاتق أمتنا ومصير شعوبنا، ويجب أن نطالب بأن نعتبر متساوين مع أولئك الذين يريدون إعادة تنظيمها”.

وقد واصل قيس سعيد رفض هذا الموضوع من خلال جعل بلاده تتبنى مواقف متطرفة، لا تتماشى مع السياق الحالي ومع رغبات الفلسطينيين أنفسهم، الذين يطالبون بحل الدولتين بدلاً من الاستعادة الافتراضية للأراضي المنهوبة.

ولذلك تجد تونس نفسها في موقف محرج، خاصة عندما يهاجم رئيسها، الذي يدعو إلى الوحدة، الزعماء العرب بالتأكيد على أنه “بدون العدالة الاجتماعية، لن يكون هناك استقرار سياسي ممكن”، مضيفا أن التحدي الذي يواجه بلدانهم يتمثل في “الحفاظ على الاجتماعية”.

وكانت الحرب بين حماس وإسرائيل فرصة لتأكيد موقف تونس، أو بشكل أدق، موقف قيس سعيد، لأنه يعتقد أنه الوصي على إرادة الشعب، وفي 28 أكتوبر، امتنعت تونس، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عن التصويت على قرار يدعو إلى هدنة إنسانية فورية في غزة.

واعتبرت أن المطالبة بوقف إطلاق النار تفتقر إلى الحزم وأن إدانة الفظائع التي يرتكبها الكيان الصهيوني تظل غير كافية، إلا أن حماس شكرت الأمم المتحدة على هذه المبادرة، وطلب بعض الفلسطينيين من تونس أن تكون أكثر واقعية، ويتمسّك قيس سعيد بموقفه المبدئي، حتى لو كان ذلك يعني الظهور منعزلاً.

ورغم الأزمة العامة التي تعيشها البلاد، اتخذت القضية الفلسطينية أبعادا كبيرة في تونس، لدرجة أن خلافا عميقا اندلع حول هذا الموضوع بين الرئيس والنواب، وصدق بعضهم كلام قيس سعيد.

وبعد أن أكدوا أن التطبيع مع إسرائيل هو بمثابة «خيانة عظمى»، أرادوا ترجمة هذه الفكرة إلى قانون يجرم أي خطوة نحو الاسترضاء، وشعروا بالإهانة الشديدة: فقد انتقد الرئيس نهجهم الذي رأى أنه كان من شأنه أن يضر بمصالح البلاد على الساحة الدولية.

وسلط هذا الحدث المؤسف الضوء على المجال المحدود للمناورة أمام جمعية مجردة من السلطات الحقيقية، وعلى الرغم من ذلك، تمرد بعض النواب، وأصروا على طرح مشروع القانون، وهو النص المهم الأول الذي تم وضعه بمبادرة منهم، للتصويت، وفي نهاية المطاف، تم تأجيل الأمر إلى أجل غير مسمى، مع إعطاء الأولوية لاعتماد موازنة 2024.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه طريقة لإخفاء الأزمة بذوق سيء للغاية بينما تستعد تونس، في خضم الانهيار الاقتصادي، لمواجهة نقص جديد في الخبز، وقد وضعت فترة الجفاف الطويلة البلاد في صعوبة كبيرة، رفض قيس سعيد المساعدات من المؤسسات المالية الدولية.

وقبل عام من الانتخابات الرئاسية، تلطخت الخلافات بين رئيس الدولة والبرلمانيين، في نظام يتولى فيه مستأجر قرطاج، باسم الشعب، كل السلطات، وإذا تحدث هؤلاء الأشخاص، الممثلون بالنواب، بصوت متنافر، فماذا سيحدث في الانتخابات، حيث من المفترض أن يفعل قيس سعيد، على الأقل كما في عام 2019، كما هو الحال في عام 2019؟

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي