شارك المقال
  • تم النسخ

تحدي شبح الجفاف.. المغرب يراهن على توظيف أنماط وراثية جديدة من القمح لمواجهة شح المياه

تُحدث الثورة الزراعية في المغرب تحولاً إيجابيًا في مواجهة تحديات الجفاف، وتُساهم في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك اعتمادا على مجموعة من التقنيات الحديثة، مثل الري بالتنقيط والزراعة المائية واستخدام الطاقة الشمسية، وتطوير أنماط وراثية جديدة تتحمل الجفاف والحرارة وإنتاج كميات وفيرة.

وفي هذا الصدد، قال ووليتاو تاديسي ديغو، رئيس المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة والأراضي القاحلة «إيكاردا»، ومركز البحوث الزراعية:”انظروا إلى هذه السنابل الجميلة للقمح، الفرق في الجودة بين حقولنا وحقول والآخرين ملحوظ”، مشيرا إلى مساحة خضراء مورقة في قرية مْرْشوْش جنوب الرباط، تشكل تباينًا صارخًا مع الأراضي القاحلة في أماكن أخرى.

وبحلول عام 2040، يستعد المغرب لمواجهة إجهاد مائي “مرتفع للغاية”، وهو توقع قاتم من معهد الموارد العالمية، وهو منظمة بحثية غير ربحية، وترسم الأرقام الصادرة عن البنك المركزي في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا صورة قاتمة.

ومن المتوقع أن تتقلص المساحات المزروعة في جميع أنحاء المملكة إلى 2.5 مليون هكتار في عام 2024 مقارنة بـ 3.7 مليون في العام الماضي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بأكثر من النصف إلى 25 مليون قنطار (2.5 مليون طن) خلال نفس الفترة.

وقال تاديسي، الذي افتتح مركزه مؤخراً بنك الجينات النباتية: “لقد أصبح من الضروري استخدام البذور القادرة على الصمود وتوظيفها في أسرع وقت ممكن”، وتتمثل مهمة تاديسي في تطوير أنماط وراثية لا تتحمل الجفاف والحرارة فحسب، بل تنتج أيضًا كميات وفيرة.

وفي العام الماضي، وبينما كانت البلاد تعاني، حققت قرية مرشوش الصغيرة محصولًا قدره أربعة أطنان للهكتار الواحد مع هطول أمطار يبلغ 200 ملم فقط، حيث إن تقنيات الري والبذر الإستراتيجية هي التي تقف وراء هذه الثورة الزراعية.

وسعيًا لتحقيق أقصى قدر من الإنتاج، يقوم المزارعون بتجربة أوقات الزراعة والري الحكيم، وحتى كمية ضئيلة من الماء تبلغ 10 ملليمترات، تم تطبيقها بعناية، حولت التربة القاحلة إلى حقول مزدهرة.

وقال ميغيل سانشيز جارسيا، المتخصص في الشعير في إيكاردا، إن الشعير أيضًا شهد انتعاشًا، حيث قفزت غلاته من 1.5 طن إلى طنين للهكتار في العام الماضي، وذلك بفضل الأنماط الجينية الذكية مناخيًا.

ويكشف المركز، الذي يعمل في 17 دولة في أفريقيا وآسيا، إنه طور 30 ​​”خط النخبة” من الحبوب، وقال أحمد العامري، الباحث في علم الوراثة في إيكاردا، إن معظمها يتم إنتاجه في المغرب عن طريق تربية أنماط وراثية من القمح البري ذات أسلاف مختلفة.
“نظام بطيء”

وافقت السلطات الزراعية المغربية على ستة أصناف جديدة من القمح والشعير العام الماضي، لكن العقبات البيروقراطية تلوح في الأفق.

وقال الباحثون في المركز إن عمليات الموافقة تطول، مما يعيق نشر الأصناف الجديدة للمزارعين في الوقت المناسب، مما يؤدي إلى رحلة مدتها خمس سنوات من الموافقة إلى البذور الجاهزة للسوق.

وقال موها فراحي، رئيس الحفاظ على الموارد الوراثية وتحسينها في المعهد الوطني للبحوث الزراعية، إن “نظام إصدار الشهادات يستغرق وقتا طويلا ويجب مراجعته بسرعة”.

وأشار فراحي أيضا إلى عدم مشاركة الشركات الخاصة والمزارعين الذين يختارون “البذور الأجنبية للحصول على عائد أسرع على الاستثمار في حين أن هذه البذور لا تتكيف مع مناخ المغرب”.

ومع ذلك، يرى الكثيرون مجالاً للتحسن، حتى في بلد يعاني من الجفاف، حيث يستهلك المواطن العادي حوالي 200 كيلوغرام من القمح سنوياً – وهو أعلى بكثير من المتوسط ​​العالمي، وفقاً للأرقام الرسمية.

وقال الباحث العامري “خلافا لدول مثل مصر أو إثيوبيا، اختار المغرب تحرير سوقه”، مما يعني أن السلطات ليس لديها سيطرة على الأصناف التي يختارها المزارعون، لكن العامري لا يزال مقتنعا بأنه، إلى جانب البرنامج الزراعي الوطني، فإن اعتماد الأصناف المرنة على نطاق واسع سيساعد في تعويض الخسائر المتزايدة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي