شارك المقال
  • تم النسخ

الحـ.ـرب على غـ.ـزة…فشل المقـاولة وانتصار المقـ.ـاومة!

أما بعد،

بعد السابع من أكتوبر لن يكون كما قبله، بعيدا عن العواطف و كذلك أحكام القيمة التي يرسمها من يريدون شيطنة المقاومة, وجعل حركة حماس مجرد أداة وظيفية لدى إيران، وهو أمر يفتقد للدلائل والحجج الثابتة في ظل ما تحقق من مكاسب للقضية الفلسطينية بعد معركة طوفان الأقصى في ظل العجز الذريع لمنظمة التحرير في تحقيق أي مكتسبات عبر مقاربة التنسيق الأمني “المقدس” كما سماه رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والذي لم يحقق للفلسطينيين سوى مزيدا من الاستيطان والاعتقال الإداري في الضفة واقتحام المسجد الأقصى و تهويد المقدسات الإسلامية هناك.

أما بعد،

لقد ضربت هذه الحرب في الصميم أطروحة الحضارة الغربية ووضعت خطا فاصلا بين أنظمة الغرب وشعوبها، بل امتد الضغط الشعبي في بعض العواصم الغربية إلى مراكز القرار، و هنا نضرب مثلا برئيس الحكومة الإسباني الذي خرج من جبة الموقف الأمريكي و الإسرائيلي وانضم إلى مقاربة الدول العربية في الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وكذلك كان موقف رئيس الحكومة البلجيكي الذي دعا إلى وقف الحرب و قتل المدنيين، وهو ما أربك الحكومة الإسرائيلية التي لم تتعود على مواقف غربية بهذا الشكل والمنطق المختلف، والذي جاء بعد تراكم للفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة و عدم إحراز أي تقدم في الأرض في ظل مقاومة شرسة أربكت آلة الحرب طيلة ثمانية وأربعين يوما، وضربها في مقتل عبر الاستهداف اليومي للدبابات وناقلات الجنود وعدد كبير من القتلى في صفوف الجنود وضباط وجنرالات الجيش الإسرائيلي في مختلف محاور القطاع.

أما بعد،

لقد فشلت منظومة الجيش الإسرائيلي في كسب التعاطف الدولي وخرجت المظاهرات تناهض السلوك الإجرامي لنتنياهو وحكومته الذين صورتهم في الحضيض وخسرت علامتهم التجارية الكثير من النقط في بورصة الدول الديمقراطية و سوق القانون الدولي و ميدان الجيوش القوية التي لا تقهر، في المقابل شاهدنا اهتماما كبيرا بروح الفلسطينيين و مقاومتهم ورباطة جأشهم وظهر اهتمام كبير بالإسلام وقيمه لدى الشباب في أوروبا و أمريكا وهو ما وثقته فيديوهات منتشرة في منصات التواصل الاجتماعي رغم التضييق الممنهج ضد كل محتوى يدعم الموقف الفلسطيني.

أما بعد،

لقد فشلت المقاولة الأمريكية تحت علامة “إسرائيل” في تحقيق أرباح و مكتسبات رغم دعم لامشروط من أمريكا و بريطانيا وبعض الحكومات الغربية، فلا هي استعادت الرهائن و الأسرى ولا هي فككت منظومة المقاومة الفلسطينية ولا هي أسرت وقتلت قيادات كتائب القسام، ولا هي هجرت أهل الأرض. بل كل ما حققت هو دمار للبنية التحتية وقتل الأطفال والنساء وتطيع الأشلاء من الضحايا المدنيين في قطاع غزة وكذلك في الضفة الغربية، وهذا ربما سيكون مكلفا لها أكثر من كلفة الحرب الاقتصادية التي بلغت 2,5 مليار دولار يوميا و تراجع في النمو إلى 2% و انكماش بنسبة 11% في بنية الإنتاج بسبب انخراط العمال في جيش الاحتياط.

هذه كلها عوامل تؤشر على عدم قدرة إسرائيل على خوض معركة طويلة ومعقدة وتبشر بقرب انتصار المقاومة، وأولى البشائر صفقة الأسرى المدنيين والهدنة، والتي من المتوقع أن تتبعها صفقات أخرى ستكون مؤلمة و مربكة للداخل الإسرائيلي، وستكون بنفس إيجابي وتساعد على لم الشمل الفلسطيني في أفق حلحلة القضية الفلسطينية و فتح أفق مفاوضات قد تلعب فيه دول مؤثرة ومنها المغرب دورا كبيرا من أجل إقامة دولة فلسطينية و عاصمتها القدس الشريف.

أما بعد،

بالرغم من الكلفة الإنسانية فإنه بمنطق الحرب والتاريخ ومعادلة القوى غير المتكافئة فإن قبول إسرائيل منطق التفاوض مع المقاومة هو انتصار للمقاومة الفلسطينية وفشل للمقاولة الغربية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي