شارك المقال
  • تم النسخ

أكاديميون: “وثيقة العدل والإحسان” جاءت بنقاش سياسيّ مفقود في وقت تطغى فيه الشعبوية.. وهي تمثل تطوّرا في مسار الجماعة

أكد أكاديميون وباحثون، في ندوة نظتها جريدة “بناصا”، أمس الاثنين، على أن الوثيقة السياسية التي أصدرتها جماعة العدل والإحسان المعارضة، في الـ 6 من شهر فبراير الماضي، جاءت بنقاش سياسي مفقود، في وقت تطغى فيه الشعبوية على الساحة، مبرزين أنها تمثل تطورا مهمّا في مسار التنظيم.

وقال محمد شقير، الباحث الأكاديمي في علم الاجتماعي السياسي، في الندوة التي سيّرها الإعلامي نورالدين لشهب، والتي بُثّت على صفحة “بناصا” بـ”فيسبوك”، وقناتها على “يوتوب“، إن الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، “جاءت في وقتها، نظرا للسياق السياسي، الذي يعرف عقما سياسيا، ويعرف غيابا لأي حوار أو نقاش سياسي”.

وأضاف الباحث الأكاديمي أن “الوثيقة أتت لتثير نقاشاً سياسياً افتقده المشهد السياسي لفترة طويلة، بعد أن أصبح مجالا للشعبوية، وللتنابز بالألقاب وغير ذلك”، موضحاً أن “إخراج الوثيقة حاليا، في حد ذاته، حسنة سياسية، وفرصة، لإثارة الكثير من الإشكالات التي أصبح المشهد السياسي يفتقدها”.

ونبه إلى أن “الوثيقة تستمد منطلقاتها من فكر الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله، في خطوطه العريضة، سواء فيما يتعلق بمنظوره لمنظومة الحكم بالمغرب، أو في منظوره للاختلالات التي تعرفها هذه المنظومة، وبالتالي من الصعب جدا، أن نقول إن الوثيقة حققت قطيعة على المستوى الفكري والمرجعي”.

وأشار شقير، إلى أن “الوثيقة بقيت دائما، تشير في عدة فقرات، بأن لها منطلقات، مستمدة من مكونات فكر الشيخ عبد السلام ياسين. وبالتالي لا يمكن أن نقول إن الوثيقة قد حققت قطيعة، بل هي استمرارية، ولكن بشكل أكثر تنظيما، وأكثر تموقعا في المشهد السياسي”.

وهذا راجع حسب الباحث الأكاديمي نفسه، إلى أن “مكونات الوثيقة، في حد ذاتها، تعتبر كبرنامج سياسي، يلم بكل مرجعيات الجماعة، ويحدد في الوقت نفسه، مجموعة من الإجراءات والمقترحات، في مجموعة من المحاور، التي حاولت فيها الوثيقة، بلورة عدة مقترحات، تجعل منها برنامجا سياسيا متكاملا، يمكن أن نصفه بالمشروع السياسي المتكامل، وفي الوقت نفسه، مشروع عملي”.

واعتبر شقير، أن هذا الأمر، هو “الجديد الذي أتت به الوثيقة”، مسترسلاً: “بمعنى أن هناك رغبة في التطور من منهج وأفكار نظرية، إلى أفكار عملية، بمعنى هناك انتقال من مجال تنظير وانتقاد والحوار، إلى مجال عملي، وهنا الجديد والتطور الذي عهكسته الوثيقة، وبطبيعة الحال، دون أن تتجاوز أو تضع قطيعة مع مرجعيتها الياسينية”.

من جانبه، أبرز عمر إحراشان، أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، وعضو الأمانة العامة لجماعة العدل والإحسان، المعالم الأساسية للوثيقة السياسية، موضحاً أنها “ليست مشروعا مجتمعيا، لأن المشروع المجتمعي هو مشروع فكري عام، غير مضبوط بزمن، وأعتقد أن كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، هي من تعكس المشروع المجتمعي”.

وأكد إحرشان، في مداخلته، أن الوثيقة، ليست أيضا “برنامجا انتخابيا، لأن الوضع الطبيعي في البرنامج الانتخابي، هو وضع أرقام، والوثيقة تجنبت لغة الأرقام، لأن البرنامج الانتخابي، هو آخر مرحلة من مراحل تفصيل أو تطوير أفكار المشروع المجتمعي لكي تلتقي بالواقع، وهي محدودة بمدة زمنية معينة، وبالتالي يجب أن تكون مرقمّة”.

وأردف: “لا نزعم لأنفسنا، أننا لدينا هذه القدرة الآن، كما لا نريد أن نكذب على المواطنين، ونقول لهم، هذا ما سنقوم به، لأننا سنصبح أمام وعود انتخابية، يمكن أن ننكصها في أول فرصة”، مضيفاً: “ثم إننا في الواقع المغربي، لا وجود لأي تنظيم سياسي مؤهل للقيام بهذا الأمر، وخير مثال، هو وعود الأحزاب السياسية في البرامج الانتخابية، في كل انتخابات، والتي تتنصل منها لاحقا، بمرّر أن الأحزاب تكون في ائتلاف حكومي”.

وواصل القيادي في “الجماعة”، أن “وثيقة العدل والإحسان، هي مرحلة من مراحل تطور الجماعة نحو تفصيل المجمل. لم تصل بعد إلى البرنامج السياسي أو البرنامج الانتخابي، ولكنها بالتأكيد انتقلت من مرحلة الأفكار العامة، إلى نوع من التفصيل”، مسترسلاً أنها “ولأول مرة، تجمع تشخيص الجماعة إلى جانب اقتراحاتها، لكل قضايا الشأن العام الخاصة بالمغرب. كما أنها ولأول مرة، تصدر وثيقة بهذا الحجم، تغطي كل هذه المجالات، بصبغة مؤسساتية للجماعة، وهي حصيلة لنقاش استمر لسنوات داخل التنظيم، فيه تشاور، وصودق عليها في مؤسسة، في أكتوبر الماضي”.

وأوضح إحرشان، أن الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، هي “مقترح الجماعة، لتفعيل نقاش عمومي داخل المغرب، لأن العدل والإحسان، ترى نفسها هي أيضا مسؤولة، وهو ما دفعها لتلقي “بهذه الوثيقة في الساحة العمومية، وعلى كل المغاربة، وكل الفاعلين، كمقترح لتطوير هذا النقاش”.

أما خالد بكاري، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، فقد أكد على أن جزءاً من أهمية الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، يكمن في “الفراغ الموجود في الساحة السياسية”، منبهاً إلى أنه “في فترة بين الستينيات والتسعينيات، كانت هناك غزارة في إنتاج الوثائق السياسية من طرف القوى السياسية، عبر مذكرات، أو برامج، أو أوراق المؤتمرات الحزبية، كانت لها قيمة سياسية وفكرية وتتحول مع مرور الوقت، إلى أوراق تستغل في العمل الأكاديمي، لقيمتها التأسيسية”.

وزاد المحلل السياسي في مداخلته، أن “هذه الأمور، غابت في السنوات الأخيرة، وهناك تراجع في النقاش السياسي”، مبرزاً في هذا السياق، أن هذا الأمر، “يحسب لجماعة العدل والإحسان، التي أنتجت هذه الوثيقة في هذه المرحلة، وأتمنى أن تمذهب باقي التنظيمات السياسية في هذا التوجه”.

هذا، ونبه البكاري، إلى أنه “في مرحلة كان الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، هو من يكتب جميع الأوراق والوثائق والكتب الخاصة بالعدل والإحسان، وبالتالي هو مشروع شخص، وكان متتبعون يطرحون سؤال: الجماعة ما بعد الأستاذ عبد السلام ياسين، لأنه دائما، حين يكون هناك شخص في كاريزما الشخص، نتحدث عن ما بعده، لأنه في العديد من التجارب السابقة، تتراجع قوة التنظيم”.

واسترسل: “أنا كان لي سؤال آخر، هو عبد السلام ياسين توفي رحمه الله، الآن سنرى أناسا آخرين، أو سنرى مؤسسات التنظيم، هي من ستعيد إنتاج وثائق أخرى. هذا العمل بدأ في عهد عبد السلام ياسين، حيث كانت هناك وثائق ولكنها لم تحظ بنقاش كبير، مثل وثيقة حلف الإخاء في 2006، ووثيقة جميعا من أجل الخلاص في 2007 أو 2008، ولكن لم تأخذ هذا الصدى الذي أخذته الوثيقة السياسية الأخيرة”.

بالنسبة لي، يقول البكاري، “هناك نوع من التطور داخل نسق المشروع، ولكن هو تطور أكثر في الجانب المصطلحاتي، والوثيقة بنفسها تشير إلى هذا الأمر، بحيث تؤكد أن الجماعة تعمدت استخدام لغة مشتركة، تيسيراً للتواصل، لأنه مثلا في الوثائق الأخرى، كانت هناك بعض مصطلحات متداولة سياسيا، ولكن كانت هناك هيمنة لمصطلحات ومفاهيم الأستاذ عبد السلام ياسين، وهو ما كان يطرح مشكلاً، لأن باقي الأشخاص غير المنتمين للجماعة، كانوا يجدون عسرا في فهم بعض المفاهيم، والتي تكون مفاهيم مؤسسة في تلك الوثائق”.

أما في الوثيقة السياسية الحالية، يوضح البكاري، فـ”الجهاز المفاهيمي الغالب على الوثيقة، هو جهاز يستعمل المفاهيم السياسية المتداولة في علم السياسية، وأيضا في النقاش العمومي السياسي، وحتى في بعض الأحيان حين يكون استشهاد في الوثيقة بإحدى كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين، نشعر أن هناك اختلافا بين لغة الوثيقة خارج ما اقتبس من كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين، وما هو موجود في الوثيقة”.

التسجيل الكامل للندوة

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي