شارك المقال
  • تم النسخ

ورقة بحثية ترصد تسارع نمو الاقتصاد المغربي ومآلات تسليح الجيش المغربي على أمن المحيط الأطلسي

تحت عنوان: “”التجارة وإعادة التسلح: صعود المغرب من أجل الأمن عبر المحيط الأطلسي”، أكدت وثيقة بحثية أن تطور المملكة المغربية على الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي “الناتو” يشكل فرصة وكذلك تهديد للمنظمة، وذلك رغم قيام جهات فاعلة إقليمية أخرى بتطبيق تدابير قسرية ضد شركاء الأطلسي لتقليل دعمهم للمملكة.

وأبرزت الورقة البحثية التي نشرتها منظمة “Esglobal” الإسبانية، وألفها لفائز في جامعة برشلونة المستقلة، المعروفة أيضًا باسم UAB، جيسون سي موير، أن النظام الجزائري يحاول استخدام أوراق الهجرة والسيطرة على الإرهاب في منطقة الساحل لزعزعة استقرار الشركاء الأوروبيين، وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة بضرورة تخفيف دعمها الصريح للمملكة المغربية.

واعتمد صاحب الوثيقة البحثية، لإجراء هذا التحليل، على استخدام المتغير الليبرالي المعروف باسم “ليبرالية الترابط” مع أداته المفاهيمية للترابط المعقد، معتمدا على الآثار الإيجابية للتجارة على المسرح الدولي وما يترتب على ذلك من سلام تجاري.

ومن ناحية أخرى، وظف جيسون سي مور، في تحليله واستنتاجه على الواقعية البنيوية التي تركز على آثار الفوضى الهيكلية على النظام الدولي مع مفهوم المعضلة الأمنية، وهي ظاهرة ناتجة عن غياب سلطة مركزية في العلاقات الدولية.

وأوضح صاحب البحث، أن “المغرب بلد ذو موقع استراتيجي على مفترق طرق أوروبا وإفريقيا والشرق الأوسط”، مبرزا أنه “إذا قام المرء بتحليل وضع المغرب على المسرح الدولي في العقود الأخيرة، فمن الواضح أن عهد محمد السادس قد اتخذ خطوة إلى الأمام من حيث استغلال هذا الوضع الجيوسياسي، مما أدى بالبلاد إلى سلسلة من الإصلاحات الليبرالية التي كان هدفها القيام بنهضة اقتصادية تشارك بشكل أكبر في الأسواق الدولية”.

وأضاف، أن “الولايات المتحدة، تعتبر المغرب بشكل متزايد حليفًا مهمًا ضد الإرهاب وشريكًا تجاريًا، وقد يكون هذا مؤشرًا على درجة نجاح التطورات الاقتصادية”، متسائلا: “حول ما مدى تأثير كل هذه القضايا على الأمن عبر الأطلسي؟”.

وأوضحت المنظمة، أن هذا سؤال منطقي يستحق إدخال مصطلح الترابط المعقد، الذي صاغه روبرت كوهان وجوزيف ناي منذ أواخر السبعينيات، حيث كانت الفرضية المركزية لهؤلاء المؤلفين هي أن الاعتماد المتبادل الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية كان مختلفًا ومعقدًا بمعنى أن الملاذ الأخير للقوة لم يعد قابلاً للنقاش وأن القضايا الاقتصادية لم تعد تُنزل بشكل قاطع إلى مجال السياسة المنخفضة.

ومن هذا المنظور، قد يكون لأجندة الأمن عبر الأطلسي شريك موثوق به في المغرب، والذي يعني تدفقات التجارة المتزايدة مع الاقتصادات الغربية الرئيسية أنه أصبح صاحب مصلحة مسؤول محتمل، لذلك، فإن أحد الفاعلين المهتمين بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع بقية وحدات النظام، وتقييم إيجابي للحفاظ على أمن شركائه في المحيط الأطلسي وتقليل التهديد المحتمل الذي قد يشكله نموه.

وعلى هذا المنوال، بينما يتقدم المغرب في عملية التصنيع مع معالم مثل تقديم أول سيارة “صنع في المغرب”، فإنه يحافظ على الحوار المفتوح والتعاون مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في مجالات مثل الإرهاب والهجرة، كما يأتي الكثير من التمويل الذي تتطلبه مثل هاته المشاريع من هؤلاء الشركاء.

وكشف الورقة كذلك النقاب عن الوجه الآخر للعملة، معتبرة أن المغرب هو واحد من أفضل عشرين متلقيًا على مستوى العالم للمساعدة الدولية للتعليم والتدريب العسكري (IMET)، والتي من خلالها تلقى كبار الضباط العسكريين تدريبات في الولايات المتحدة.

ويوافق الكونغرس الأمريكي بانتظام على حيازة المملكة المغربية للأسلحة العسكرية، وهي حقيقة تتسبب في ما يعتبره العديد من المحللين إعادة تسليح حقيقية لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث للبلاد، ومن الناحية الدولية، يمكن النظر إلى هذا النهج على أنه مكمل للقسم السابق، حيث أن حافز المغرب هو الاعتماد على التجارة الدولية والانفتاح عليها، ويمكن أن يكون منح الأسلحة يعني تصورًا أكثر أمانًا لمواقف المملكة في المنطقة.

وأوضحت منظمة “Esglobal”، أن ذكر كلمة “منطقة” يفتح الطريق إلى الحافة الأخيرة من التحليل، وهي المعضلة الأمنية التي ينطوي عليها الوضع في المنطقة المغاربية، وما يترتب عليها بالنسبة للشركاء الأطلسيين.

وفي عام 1950، صاغ العالم السياسي الأمريكي جون هيرز مفهوم المعضلة الأمنية، للإشارة إلى الوضع الذي يمكن أن يؤدي فيه تقوية دولة ما بمفتاح عسكري إلى إطلاق تأثير الدومينو في المنطقة، مما يجعل الدول المجاورة تشعر بالضعف، وبالتالي اتخاذ المبادرة وإعادة التسليح .

وفي هذه الحالة، فإن إعادة تسليح المغرب، بدعم من الولايات المتحدة، تُظهر علامات التأثير على اللاعبين الرئيسيين الآخرين في المنطقة المغاربية، مثل الجزائر، إذ لا يخفي الأخير انزعاجه ويعلن صراحة، على لسان قيادته العسكرية أنه يتم إعادة تقييم القدرات الدفاعية للبلاد في مواجهة الوضع الجديد في المغرب المجاور.

وفي العلاقات الثنائية الغامضة، يمكن للجزائر استخدام أوراق الهجرة والسيطرة على الإرهاب في منطقة الساحل لزعزعة استقرار الشركاء الأوروبيين، وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة بضرورة تخفيف دعمها الصريح للمملكة العلوية.

وخلصت الوثيقة البحثية، أن الصعود التجاري للمغرب، من منظور ليبرالي، يمثل فرصة لأجندة الأمن عبر الأطلسي، بوجود شريك موثوق فيه لتعزيز الاستقرار في الجناح الجنوبي لحلف الناتو، ومع ذلك، من خلال اتباع نهج واقعي يمكن أن تكون إعادة التسلح في البلاد تهديدًا للأمن عبر المحيط الأطلسي، مع قيام جهات فاعلة إقليمية أخرى بتطبيق تدابير قسرية ضد شركاء الأطلسي لتقليل دعمهم للمملكة.

ويعتبر التقارب المغربي مع الغرب، بحسب الوثيقة ذاتها، بمثابة تحقيق حلم أمريكي تم العمل عليه منذ المسيرة الخضراء، مشيرة إلى أنه يجب على شركاء الأطلسي تقييم مدى فائدة هذا التقارب دون التسبب في تهديدات للأمن عبر المحيط الأطلسي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي