شارك المقال
  • تم النسخ

هل يُغيّر المغرب تموقعه في المجتمع الدوليّ خلال مرحلة ما بعد جائحة “كورونا”؟

تسبب فيروس كورونا المستجد، منذ بدء تفشيه في العالم، خلال أواخر سنة 2019، في أزمات غير مسبوقةٍ على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، شُلّت معه أغلب الاقتصادات، وأفلست جراءه مجموعة من الشّركات، ما دفع العديد من المراقبين إلى اعتبار أن الجائحة، ستسفر عن تغيّر كبير على مستوى تموقعات الدول.

وحاولت مجموعة من الدول البقاء مستقرّةً في مواجهة تداعيات الجائحة، مع البحث عن موطئ قدمٍ لعالم ما بعدها، خصوصاً في ظلّ التوقعات التي أطلقها عدد من قادة البلدان، مثل الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، والرئيس الصيني شي جين بينغ، ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، هنري كسنجر، كلّهم اعتبروا بأن الفيروس سيغير وجه النظام العالميّ.

ويعدّ المغرب واحداً من البلدان التي استفادت من فترة تفشي الجائحة، بعدما تمكن من مواجهتها بطريقة وُصفت بالجيدة، إلى جانب أنه قابل معركته الداخلية ضد الفيروس، بالاستمرار في البحث عن تحالفات جديدة على المستوى الخارجيّ، بعدما أغرى مجموعةً من الدول العالمية، لتقرّر تأييده في ملف النزاع المفتعل بالصحراء المغربية.

واستطاعت المملكة بناءَ تحالفات وصفها مراقبون بالمهمة، على رأسها تقاربه مع الولايات المتحدة الأمريكية، واعتراف الأخيرة بمغربية الصحراء، لأول مرة في تاريخها، بالإضافة إلى عودة علاقاته مع الإمارات، موازاةً مع حلّ الأزمة الخليجية، التي كان المغرب واحداً من المتضرّرين منها، بسبب الضغط الذي مورس عليه، للخروج من منطقة الحياد التي اختارها.

وفي هذا السياق يقول حمزة الأنفاسي، الباحث في العلوم السياسية، إن “تحركات المغرب من أجل تغيير تموقعه في الخريطة الجيوسياسية العالمية وفي المنطقة، لم تنطلق مع حائحة كورونا، لكنها بدأت على الأقل مند عشرية، بانطلاق الامتداد الإفريقي، إلى جانب محاولته العودة على المستوى السياسي للاتحاد الإفريقي”.

وأوضح الأنفاسي في تصريحٍ لجريدةٍ “بناصا”، بأن كلّ هده التحركات، هي “مؤشرات تؤكد على أن المغرب، لم ينطلق اليوم مع جائحة كورونا في محاولته تغيير تموقعه على مستوى الخريطة الجيوستراتيجية”، ولكن، يضيف المتحدث، “هذا عمل للدبلوماسية والاقتصاد والمفكرين المغاربة على مستوى التخطيط الإستراتيجي منذ مدة”.

وتابع الباحث المغربي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، بأن “جائحة كورونا، رغم سلبياتها الكثيرة، إلا أنها جعلت بعض الدول تظهر على السطح كبديل محتملٍ لمرحلة ما بعد الوباء”، مسترسلاً: “هناك العديد من الدول التي عانت مؤسساتها جدّاً وظهر ذلك من خلال تعاملها مع الجائحة، لذلك هناك دول ستستفيد جدّا من هذه التحولات الكبيرة التي عرفها العالم في السنة الأخيرة”.

وأوضح الأنفاسي في التصريح ذاته، بأن “هذه التحولات لا تهمّ فقط المستوى الاقتصادي والبنية التحتية والمؤسسات، ولكنها أيضا، تتعلق بالمستوى السياسي ومستوى التحالفات”، معتبراً بأن المغرب يبني حاليا تحالفات جديدة، تنضاف إلى المعطيات الاقتصادية والبنى التحتية والموقع الجيوستراتيجي.

واختتم الباحث في العلوم السياسية، بأن “هناك بوادر باستمرارٍ للتحالفات التي يبنيها المغرب حاليا مع كلّ من إسرائيل، الإمارات، والولايات المتحدة الأمريكية، في المستقبل، وهي كلّها، وفقه، محدّدات ستجعل المرحلة المقبلة مغايرة تماماً، وسيلعب فيها المغرب دوراً إستراتيجياً وطلائعياً على مستوى المنطقة المغاربية، ومنطقة الشرق الأوسط، وأيضا على مستوى العمق الإفريقي”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي