شارك المقال
  • تم النسخ

ماهي استراتيجية الجزائر في المرحلة القادمة أمام المتغيرات الدولية والحراك الشعبي الداخلي؟

ما هي استراتيجية الدولة الجزائرية في المرحلة القادمة؟ فهل تغيرت الجزائر بعد الحرب الباردة وسقوط المعسكر الشرقي؟ وما موقع الحراك الشعبي الذي أقفل سنته الأولى في تحقيق أشواقه وطموحاته نحو بناء دولة جزائرية جديدة؟

فهل هناك معالم للتغيير بادية للعيان وفق ما تفرضه الظروف الداخلية والإقليمية والدولية أم أن الجزائر/الدولة ستبقى سادرة في عقيدتها الكلاسيكية القديمة التي تعود إلى الحرب الباردة؟

في الجواب على هذه الأسئلة،  يعتبر عبد الرحيم المنار اسليمي، أن قراءة مرجعية السياسة الخارجية الجزائرية من فترة بومدين الى بوتفليقة، هي “خليط من عقيدة الجيش الجزائري المتأثر بجيش الدولة العثمانية القديمة، وبقايا مدرسة الاتحاد السوفياتي السابق والحرب الباردة  وتأثيرات القدافي وجزء من بصمات فرنسا”.

 مضيفا في حديث مع جريدة “بناصا” بأن العالم قد تغير وانهارت القطبية الثنائية بينما “ظلت السياسة الخارجية الجزائرية جامدة، واختار هذا الخليط عدو استراتيجيا واحدا هو المغرب لدرجة أن السياسة الخارجية الجزائرية لها ملف واحد منذ سنة 1963 هو العداء للمغرب”.

سيكولوجية العداء للمغرب

وذهب رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إلى أنه اليوم توجد ثلاث شخصيات تؤثر في السياسة الخارجية الجزائرية وتشرح سلوكها العدواني اتجاه المغرب.

وهذه الشخصيات، حسب رأيه، هي الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، وهو رجل إدارة ليس له خبرة بالملفات الخارجية، والشخصية الثانية هي سعيد شنقريحة رجل حرب، وصبري بوقادوم، وزير الخارجية، الذي لازال يعتقد انه ممثل للجزائر في الأمم المتحدة

وهذه الشخوص الثلاثة، يرى المحلل السياسي، هي من “تؤثر فيها عوامل سيكولوجية وعوامل محلية وتفسر هجومها على المغرب والتسابق معه في إفريقيا والخليج”.

فالرئيس عبد المجيد تبون، كما يرى المنار اسليمي، “يحكمه عامل سيكولوجي ورثه عن بوتفليقة الذي حكم الجزائر بناء على العداء للمغرب، ولا توجد أمامه خيارات لكونه يعتقد أن هذا العداء هو المورد الوحيد لتجاوز الطعن في شرعيته من طرف الحراك”.

 ومقابل ذلك، هناك “سيكولوجية شنقريحة رجل الحرب المهيأ للعداء للمغرب” حسب اسليمي، لكون شنقريحية، يضيف المتحدث: ” ظل طيلة السنوات التي قضاها في قيادة المنطقة العسكرية الثالثة على الحدود مع المغرب يعمل على التحريض وتدريب مليشيات البوليساريو على حرب الوكالة مع المغرب، بل أن محاولات مختار بلمختار في سنة 2009 باختراق الجدار الأمني المغربي كانت أمام أعين شنقريحة وقيادات البوليساريو”.

 لذلك من الطبيعي أن يدعم شنقريحة “توجه تبون العدائي للمغرب، ويتكامل هذا الجانب السيكولوجي مع دور صبري بوقادوم وزير الخارجية، الذي ظل منذ سنة 2013 يشتغل على ملف واحد في الأمم المتحدة وهو العداء للوحدة الترابية المغربية”.

قرارات الخطوة الواحدة

وإلى جانب هذه العوامل السيكولوجية، يلاحظ رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، أن هناك عاملا محليا، وهو ما وصفه بـ”قرارات الخطوة الواحدة”، ذلك أن “السياسة الخارجية الجزائرية في مرحلة تبون وبوقادوم وشنقريحة هي عبارة عن ما يسمى بقرارات الخطوة الواحدة وهي سلبية وغير واقعية، يحكمها هدف محاولة الهروب الى ملفات خارجية لتشتيت أنظار الحراك الشعبي”.

 ولهذا نلفي “اضطرابا كبيرا في توجهات السياسة الخارجية الجزائرية فهي لم تستقر بعد لأنها محكومة بعوامل داخلية متمثلة في الحراك، فقد لاحظنا كيف حاول تبون أن يجمع بين تركيا والإمارات وحفتر والسراج وأن يصيغ وزير خارجيته بيانات ضد المغرب تجعله اليوم الطرف المباشر في نزاع الصحراء أمام المجتمع الدولي، وكيف سافر تبون الى السعودية لطلب حضور البوليساريو للقمة العربية الإفريقية والطريقة التي أجابته بها المملكة العربية السعودية بطريقة مباشرة بالرفض وعن طريق جامعة الدول العربية بحضور أبو الغيط شخصيا للجزائر لإبلاغها بقرار الدول العربية برفض حضور كيان البوليساريو” يقول الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي.

الحراك الشعبي؟

وما موقع الحراك من الإعراب في السياسة الداخلية؟

في الجواب على هذا السؤال، يقول المنار اسليمي، في اتصاله مع جريدة “بناصا”: “يجب انتظار ماسيفرزه الحراك الشعبي المستمر ومعرفة هل  سيتخلص تبون من الطعن المستمر في شرعيته لنعرف شكل السياسة الخارجية الجزائرية بعد بوتفليقة”.

وأضاف بأن ما يجري اليوم من سلوكات لأشخاص “مرتبطة بسيكولوجية منهارة هاربة من الحراك وجدت أمامها مورد العداء للمغرب”.

ويقول: “في نظري، فإن هذا النوع من القرارات ذات الخطوة الواحدة التي تعمل بها خارجية الجزائر ستكون تكلفتها غالية، لأنها تستنزف أموالا كثيرة وتخلق مزيدا من الصراعات ستجعل الجزائر معزولة في نهاية المطاف نتيجة هذه الالتقائية حول العداء للمغرب بين تبون المطعون في شرعيته وشنقريحة رجل الحرب وبوقادوم الذي لازال يحمل تمثل وجوده في الأمم المتحدة وهو يدافع عن البوليساريو”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي