شارك المقال
  • تم النسخ

“لعبة التوازنات” تدفع فرنسا إلى تجنّب تطوير موقفها من نزاع الصحراء المغربية مخافة تأزيم علاقاتها مع الجزائر

أكدت الزيارة الرسمية التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، إلى الرباط، ولقاؤه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، انتهاء الأزمة الدبلوماسية المندلعة بين البلدين منذ صيف سنة 2021، غير أنها، لم تُخرج باريس، من المنطقة الرمادية، فيما يخص موقفها من نزاع الصحراء.

ولم يأت وزير الخارجية الفرنسي، بأي جديد في موقف بلاده من نزاع الصحراء، بالرغم من تكراره لأكثر من مرة، مصطلح “المضي قدماً”، سواء خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة، أو في التصريحات التي تحدث فيها عن الموضوع منذ تعيينه في المنصب في الـ 11 من شهر يناير الماضي.

واكتفى رئيس الديبلوماسية الفرنسية، بتجديد التأكيد على موقف فرنسا “الواضح والمستمر” من نزاع الصحراء، والمؤيد لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب من أجل تسوية هذا الملف، وهو نفس الموقف الذي يتبناه قصر “الإيليزيه” باختلاف ساكنيه، منذ سنة 2007.

وخلّف هذا الموقف، الذي لا ينسجم مع تصريحات سيجورنيه، التي سبقت زيارته، والتي تحدثت عن “المضي قدما”، الكثير من الشّكوك، بخصوص مدى جدية باريس، في طي صفحة الأزمة المندلعة مع المغرب، وتطوير علاقاتها مع المملكة، من خلال الخروج من “المنطقة الرمادية”.

وأرجع عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالسويسي، هذا الأمر، إلى “لعبة التوازنات الدقيقة”، التي تلعبها فرنسا في علاقاتها مع المغرب والجزائر، معتبراً أن باريس، ترى أن هذا الموقف، هو “أقصى ما يمكنها تقديمه” لصالح الرباط في هذا الملف.

وقال بنلياس، في تصريح لجريدة “بناصا”: “من الواضح أن العلاقات المغربية الفرنسية، بدأت تعود تدريجيا إلى حالتها الطبيعية بعد فترة من الجمود والفتور بسبب بعض المواقف غير الودية، التي صدرت من فرنسا، كتخفيض عدد التأشيرات الفرنسية للمغاربة”.

ومن ضمن المواقف العدائية لفرنسا، حسب بنلياس، اتهامها لـ”المغرب بالتجسس على الشخصيات الفرنسية، والموقف الرمادي للدبلوماسية الفرنسية من قضية الصحراء المغربية”، مضيفاً أن هذا التوتر وصل مداه “عند غياب سفيري البلدين في كل من الرباط وباريس”، ولكن، يتابع أستاذ القانن العام: “استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كان مؤشراً على بداية تجاوز الخلافات التي وقعت بينهما”.

وأوضح بنلياس، الخبير في العلاقات الدولية، أن “تعيين وزير أول جديد في فرنسا ووزير خارجية جديد، كذلك ساهم في قبول المغرب استقبال وزير خارجية فرنسا، لإعطاء دينامية جديدة للعلاقات المغربية الفرنسية، نظرا للعلاقات التاريخية والسياسية والاقتصادية والإنسانية التي تربط البلدين، ومن ثمة استثمار هذا الرصيد الكبير في تطوير هذه العلاقات في شكل شراكة استراتجية متجددة”.

ونبه إلى أن “الدبلوماسية الفرنسية مدركة بشكل جيد أن المغرب ينتظر أن تطور فرنسا من موقفها من قضية الصحراء المغربية، وإن كانت قد أكدت أنها تدعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي، وهذا يظهر أنه غير كاف وهذا يعود بالأساس إلى لعبة التوازن الدقيقة التي تلعبها فرنسا في علاقاتها مع كل من المغرب والجزائر”.

وذكر أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي، أن “أقصى ما ترى فرنسا إمكانية تقديمه للمغرب هو دعم مبادرة الحكم الذاتي، ومجهودات المبعوث الشخصي للأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الداعي لإيجاد حل سياسي واقعي ومتفاوض عليه، وتشجيع آلية الموائد المستديرة”.

وأشار بنلياس إلى أن “المغرب يدرك جيدا أن السياقات الدولية والإقليمية، والتغيرات التي تشهدها القارة الأفريقية، والموقع الملفت الذي يحتله المغرب على مستوى عدد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، والمبادرات المختلفة وفي مقدمتها مشروع أنبوب الغاز النيجري الذي يربط عدد من البلدان الأفريقية وأوربا، ومبادرة الأطلسي التي تفتح أفاقا اقتصاديا واعدة للدول الأفريقية، كلها مبادرات تعزز من مكانة المغرب الإقليمية والدولية وهي الكفيلة بأن تفرض على باقي الشركاء الاعتراف بمصالح المغرب الوجودية والقومية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي