شارك المقال
  • تم النسخ

“لا رد ولا تعليق”.. لماذا يتمادى الإعلام الجزائري في تجاهل تعزية المملكة في “أزمة الحرائق” ودعوات الملك لتطبيع العلاقات؟

في الوقت الذي لازال المغرب يبذل فيه مجهودات حميدة لإنهاء الخلافات مع الجزائر ومساعدتها في إخماد الحرائق الغابوية الأخيرة، وتقديم التعازي بشكل رسمي، إلا أن الإعلام الجزائري تمادى في تجاهل مقصود للأيادي المغربية الممدودة، ومعها الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش الذي دعا فيه الجارة إلى طي صفحة الماضي المملوءة بالخلافات والنزاعات وبدء صفحة جديدة أساسها الاحترام المتبادل والتعاون.

وغيبت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية وباقي المواقع الإلكترونية الحكومية الإشارة إلى تقدم المغرب، عبر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بـ”صادق التعازي لما خلفته هذه الحرائق من خسائر في الأرواح، وخالص المتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين”، وكذلك الحال بالنسبة لخطاب العرش الأخير.

وحتى في الأفراح، تجاهل الإعلام الجزائري الرسمي، النتائج الإيجابية الأخيرة التي حققها المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة، وقبله قصة تفوق “أسود الأطلس” التي تفوق الخيال، وتابعها العالم بشغف بفضل مشوار استثنائي في مونديال قطر 2022، مما اعتبره متابعون أنه تجاوز للمهنية الإعلامية بشكل صارخ، ووصل إلى حالة مرضية.

تجاهل الإعلام الجزائري للمواقف النبيلة للمغرب “سلوك غير مهني”

وفي هذا الصدد، قال محمد عبد الوهاب العلالي، الأكاديمي المغربي في علم اجتماع الإعلام، ومسؤول ماجستير التواصل السياسي والاجتماعي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، إن “إعراض الإعلام الجزائري عن تعزية المغرب لضحايا الحرائق التي اجتاحت مناطق في الجزائر الشقيقة مؤخرا، وتجاهل الخطاب الملكي، سلوك غير مهني”.

وأكد العلالي، في تصريح خص به جريدة “بناصا”، أن الجزائر تعتبر أن هذا الموضوع هو خبر مثل باقي الأخبار مصدرها الدولة المغربية في ظروف دقيقة لأزمة بيئية طبيعية تجتاحها الشقيقة الجزائر، وخلفت العديد من الضحايا من بين أبنائه، وبالتالي فمهنية ومصداقية الإعلام الجزائري تقتضي أولا أن يتم نشر الخبر كواقعة موضوعية، وبعد ذلك يمكن التعليق وبالتالي كما يقول مثل معروف في الإعلام” “الخبر مقدس والتعليق حر”.

وأضاف الخبير في علم اجتماع الإعلام، أن “الشعب الجزائري من حقه، أي له الحق في الإعلام من خلال وسائط إعلامه الوطنية بالأخبار والمعلومات التي هو موضوعها وتخص المنطقة المغاربية وتهم بالأساس مواساة وتعزية للشعب الجزائر، ويتضامن معه في المحنة التي يجتازها ولا أحد من حقه أن يكرس نفسه رقيبا حول نشر المعلومات وتبادلها خاصة في الظروف الحالية لانتشار الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي”.

وأوضح، أن “نفس الأمر يمكن قوله بالنسبة لمحتوى الفقرات التي جاءت في خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لسنة 2023، والتي مفادها أن المغرب يمد يده للجزائر لطي صفحة التوترات الظرفية المؤثرة سلبا على تنمية المنطقة المغاربية ويطمئن إخواننا الجزائريين والشعب الجزائري الشقيق والقيادات السياسية الحكيمة في الجزائر بأن المغرب كما كان في الماضي سيكون دائما متفحتا ومتطلعا إلى تجاوز كل الصعاب والعقبات”.

المغرب يكرس لسياسة حكيمة تتجاوز الظرفية

وزاد، أن “المغرب يحاول جاهدا طي الخلافات التي شهدتها العلاقات بين الدولتين خلال العقود الأخيرة، وأنه لن يكون مصدرا لأي نزاع مفتعل بين المغرب والجزائر لا مصلحة للشعبين والدولتين فيه، وبذلك أكد على التوجه الذي يسير عليه منذ مدة بأن ما يجمع المغرب والجزائر يتجاوز الظرفية الاستثنائية القائمة فوق الوقائع السلبية المتمثلة في قطع العلاقات الدبلوماسية وإقفال الحدود بين البلدين وإيقاف أنابيب الغاز”.

ويرى العلالي، أن “المغرب على عكس الجزائر، يكرس سياسة حكيمة وعقلانية غير منفعلة، ولا متأثرة ببعض الاتجاهات السلبية القائمة، وبذلك فهو يؤكد على أن يده ممدودة لكل صيغ الحوار والتعاون وفرص التلاقي والتآخي بين الشعبين”.

وبالتالي، يضيف المصدر ذاته، “فكما هو الأمر بالنسبة لموضوع الحرائق من حق الشعب الجزائري والرأي العام الجزائري أن يعرف النداءات التي توجهها القيادة المغربية في أكثر من مناسبة لثني الحاكمين في الجزائر عن اتجاهات التصعيد واستحضار المصلحة العليا للشعبين في التآخي والتعاون كعنصر بناء يضمن سياسة جوار إيجابي”.

وأشار محمد عبد الوهاب العلالي، إلى أن “دلالة المبادرة المغربية، تكرس مفهوما مستقبليا للتعاون بالمنطقة المغاربية، وتعبر أن تجاوز الخلافات في الظرفية القائمة يمكن أن يوفر فرصا أكبر لمواجهة الأزمات التي تعرفها المنطقة المغاربية في الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب والكوارث الطبيعية وغيرها”.

ولفت العلالي، إلى أنه يجب على حكام الجزائر بأن يفهموا بأن المنطقة المغاربية قد تواجه وضعيات صعبة جدا لا تستطيع كل دولة واحدة من الدول المغاربية التغلب عليها، ولكن التضامن المشترك قد يكون عاملا مهما للحد من تأثيراتها ونتائجها السلبية على الناس بهذه المنطقة”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي