شارك المقال
  • تم النسخ

عبد الفتاح نعوم: نقاط على حروف أوروبا.. هل يبني القوم وفاقا أوروبيا جديدا؟؟

في مقال تحليلي تحت عنوان: “نقاط على حروف أوروبا.. هل يبني القوم وفاقا أوروبيا جديدا؟؟، اعتبر عبد الفتاح نعوم، المحلل والباحث في العلوم السياسية، أن مجيء وزير بلجيكا الأول إلى المغرب، وتطوير النقاش بخصوص الشراكات المتنوعة بين المغرب وبلجيكا، إن في الإطار الثنائي أو متعدد الأطراف (الأوروبي)، يشير إلى أن كل انخراط بلجيكي سابق في مناوشة المغرب ليس شأنا بلجيكيا على الإطلاق، وإنما كان بفعل فاعلين تائهين في الجيوبوليتيك والتاريخ.

تراجع الدور الفرنسي وتنامي التأثير الألماني-الإسباني

وأضاف نعوم، أنه “ومن خلال حديث البلجيكيين عن ريادة المغرب السياسية والأمنية والاقتصادية يتضح أن المختبر الإسباني والالماني قد تمكن فعلا من وضع فرنسا وبلجيكا داخل مراجله، ورفع درجة الغليان القصوى، وهو ما يتضح في شكل ليونة فرنسية متذبذبة اتجاه المغرب، تأتي بعدها اندفاعة بلجيكية، ما كان لها لتحدث لولا أن درجة حرارة المختبر الإسباني الألماني قد فعلت فعلها بالمتعضيات الفرنسية البلجيكية”.

ويرى الباحث في العلوم السياسية، أنه “لا يمكن فصل الموقف البلجيكي عن نظيره الفرنسي، فبين الدولتين ما صنع الحداد، لا من جهة تداخلهما الثقافي والديموغرافي والتاريخي، ولا من ناحية ترابط أجندتيهما داخل أوروبا وخارجها”.

ضرورة مراجعة الوفاق الأوروبي:

وأشار إلى أن “الوفاق الأوروبي الذي دشنته أوروبا عام 1815، بعد فشل حروب فرنسا علت أعتاب واترولو، هو نفسه الذي انحل في شكل اتحاد أوروبي تلا حروب ألمانيا العالمية الأولى والثانية وما بينهما”.

وفي كلا الوفاقين لم يكن لبلجيكا أن تخرج عن سقف فرنسا، فهي التي كانت تحتلها قبل وفاق القرن التاسع عشر، ثم انسحبت منها عند إبرامه، لتعود إلى هولندا، التي ستنفصل عنها لاحقا في العام 1830، وبين هذا وذاك ما تزال بلجيكا ملزمة باتفاقية حدود فرنسية هلوندية موقعة خلال العام 1820.

ومضى قائلا: “كل ما جرى ويجري في أوروبا من اختبارات جيوسياسية قاسية يؤكد أن الوقت قد حان لمراجعة مشكلة أوروبا مع جوارها الجنوبي والشرقي، وإنتاج وفاق أوروبي جديد، لن يكون له من بداية سوى ترتيب علاقات فرنسا التي ورثثت موقع العمود الفقري لأوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم تنجح في منع التآكل والاعوجاج من النيل من فقراته الهشة أصلا”.

وبالتالي، يردف المصدر عينه، فـ”ترتيب علاقاتها مع الالمان والإسبان، تقتضي أيضا ترتيب علاقاتها مع جاريهما المباشرين أي الشرقي والجنوبي، ليكون ذلك التسليم هو تسليم بأهمية دوريهما في مختطبة الجوارين إياهما نيابة عن أوروبا، ولا يبقى لفرنسا داخل أوروبا سوى رفع اليد عن الاستعمال السيء لفضاءات بلجيكا المحسوبة على الاتحاد الأوروبي، تارة ضد الشرق ممثلا في روسيا وتارة ضد الجنوب ممثلا في المغرب”.

دور المغرب كعامل اعتدال في شمال إفريقيا

وبعد خروج روسيا في عنق زجاجة المستنقع الأوكراني؛ وقلبها للطاولة على فرنسا داخل الساحل الإفريقي الذي أخْلَته صاغرة مهزومة، ولم يعد بيدها سوى القفاز الجزائري الذي تلاعب به قوى الساحل وجماعاته الإرهابية ونزعاه الانفصالية، انبعث دور روسي جديد منطلق من فهم معادلات الساحل في علاقتها بضرورات استقرار شمال إفريقيا، وهو الاستقرار الذي تشكل فيه الشراكة مع المغرب عامل اعتدال.

وفي الوقت نفسه احراجا لأوروبا التي كلما اقتربت دولها من المغرب إلا وانكشفت فرنسا وبقيت لوحدها في حالة احراج بقدر اصطفافها إلى عوامل الفوضى التي تكدست كلها داخل الجزائر وفي جوارها وعلى طول حدودها

ضرورة اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء

وأردف نعوم، أنه “في وجه كل ما يجري من فرز واصطفافات داخل أوروبا وفي جواريْها؛ لا يسع فرنسا سوى أن تسارع الزمان لتحسين علاقتها بالمغرب من بوابة اعتراف بمغربية الصحراء في الإطار الثنائي، مع ما يعنيه من آثار قانونية وسياسية، ذات صلة بوضعية النزاع داخل أروقة الأمم المتحدة، وتكريس المنحى المعمول به اتجاه بلجيكا؛ عبر رفع اليد عن كل أدوات التشويش على المغرب ومصالحه في أي مكان كان”.

معضلة الجزائر

وتابع، أن “معضلة فرنسا اتجاه هذا الخيار الصعب عليها يكمن أساسا في ارتباطها بمعضلة الجزائر على نحو يجعل معضلة الجزائر؛ كانت وماتزال معضلة تصفية استعمار، جرى الالتفاف عليها خلال السنوات الفاصلة بين طرح المسألة حينما تحدث عنها لأول مرة الملك الراحل المغفور له محمد الخامس سنة 1957، وبين العام 1962، أي عام توقيع اتفاقية ايفيان، وهو ما يجعل عمر معضلة الجزائر من عمر الجمهورية الخامسة”.

وخلص المصدر ذاته، إلى أن “تصفية الاستعمار الفرنسي بكل ملاحقه وأوجهه يعني ميلاد جمهورية فرنسية سادسة، وهي فقط التي سيكون بإمكانها أن تكون عنوانا لتسوية كبرى فرنسية-مغربية-شمال إفريقية، وفي الوقت نفسه تكمن المعضلة بالنسبة لفرنسا في عدم القدرة على ضبط معطيات ما بعد تلك التصفية لاسيما من الناحية الأمنية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي