شارك المقال
  • تم النسخ

سفير روسيا لدى المغرب: موسكو تحترم مقاربة الرباط للنزاعات الدولية.. والشراكة الاستراتيجية بيننا تحظى بتقدير كبير

دخل العالم، الذي بدأ لتوه في التعافي التدريجي من تداعيات جائحة فيروس كورونا، في نفق مظلم جديد بسبب النزاع المسلح بين روسيا وأوكرانيا، الذي ألقى بظلاله سريعا على الاقتصادات العالمية، خصوصا بعد العقوبات الغربية التي استهدفت موسكو، ما أثر على الصادرات القادمة من البلد الأوروأسيوي، والمتوجهة إليه.

المغرب، وعلى الرغم من بعده الجغرافي عن منطقة النزاع، إلا أنه تأثيراته وصلت سريعاً إليه، بعدما بلغت أسعار المحروقات مستويات قياسية غير مسبوقة، مع دفع الحكومة للتدخل لمساعدة مهنيي النقل على مواجهة التطورات الجديدة، كما أن الرباط، التي عرفت تاريخيا بانحيازها للمعسكر الغربي، غيّرت هذه الاستراتيجية خلال السنوات الماضية، وعملت على تنويع شركائها.

شهدت العلاقات المغربية الروسية تطورا كبيرا خلال السنوات القليلة الماضية، مع جعل العديد من المتابعين يتساءلون عن مصيرها بعد اندلاع النزاع المسلح في أوكرانيا، بسبب العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على موسكو، والتي أجبرت حلفاءها أيضا على تبنيها، إلا أن الرباط، كان لها رأي مختلف، حيث قررت البقاء على حياد في ما يقع.

وعلى الرغم من حيادها، إلا أن النزاع الذي تعرفه أوروبا الشرقية، وصل إلى المغرب، عبر الشد والجذّب الذي دخلت فيه سفارتا أوكرانيا وروسيا والمملكة المتحدة بالمغرب، إلى جانب انعكاسه على الرالي الدبلوماسي الذي كان من المفترض أن تشارك فيه تمثيلية موسكو، قبل أن تسحب بسبب تهديد نظيراتها الغربية بإلغاء المناسبة في حال حضورها.

لمناقشة هذه التطورات، وللإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، استضافت جريدة “بناصا”، السفير الروسي لدى المغرب، “فاليريان شوفاييف”، وفيما يلي نصّ الحوار:

مرحبا بك السيد سفير جمهورية روسيا الاتحادية لدى المغرب. كما تعرفون، فقد عرفت العلاقات الروسية المغربية خلال السنوات الماضية قفزة ضخمة جدا، تضاعفت فيها المبادلات التجارية بينهما بـ15 مرة، وكانت الرباط تتجه لأن تكون الشريك الاقتصادي الأول لموسكو في إفريقيا، غير أن التطورات الأخيرة أثارت العديد من المخاوف بخصوص إمكانية تأثيرها على سير العلاقات بين البلدين، ما رأيكم في هذا الأمر؟

مرحبا بك، وشكرا لجريدة بناصا على الاستضافة. بالحديث عن العلاقات الثنائية بين الفيدرالية الروسية والمملكة المغربية في تتميز بطابعها الودي والمنافع المتبادلة المبنية على أسس الاحترام المتبادل والفهم العميق للمقاربات المعتمدة من طرف كل دولة على حدة.

وقد كانت لنا فرصة لترسيخ هذه القناعة عبر الموقف الحيادي الذي عبر عنه المغرب، خلال جلسة التصويت المتعلقة بالأزمة الأوكرانية في منظمة الأمم المتحدة.

على ذكر جلسة التصويت المتعلقة بالأزمة الأوكرانيا في الأمم المتحدة، كيف استقبلتم السيد السفير موقف المغرب، وهل يمكن أن يكون له أي تأثير على رؤية موسكو للنزاع في الصحراء المغربية؟

روسيا تحترم هذا القرار الذي يعكس بدون شك المقاربة العامة للمغرب اتجاه كل التوترات الدولية. وفي ما يخص ملف قضية الصحراء فإن المسألة مختلفة تماما والموقف الروسي فيما يخص وضع هذه المنطقة معروف لدى الجميع بمن فيهم أصدقاءنا المغاربة.

اعتذرتم مؤخرا، السيد السفير، عن المشاركة في “الرالي الدبلوماسي”، بعد تهديد السفارات الغربية بإلغائه في حالة مشاركتكم، هل يمكن القول تبعا لهذا إن المغرب يستضيف “حربا من نوع آخر” بين سفارتكم والممثلين الدبلوماسيين المعارضين للتدخل الروسي؟

في رأيي ليس من اختصاص ومهام الديبلوماسيين المعتمدين المساهمة في أفعال شعبوية، هذه الأفعال تعتبر من سلوكات الفاعلين السياسيين وليس الديبلوماسيين الذين عليهم تبني منطق الحوار والبحث الدقيق عن الحلول، حتى لو كانت بعض الخلافات الظاهرة صعبة التجاوز في الوضع الحالي.

لو نعد إلى تأثير الأزمة الحالية في أوكرانيا على علاقات روسيا بدول العالم. نحن نرى كيف أن المشكلة الحاصلة في شرق أوروبا، أثرت بشكل كبير على علاقات موسكو بالعديد من الدول الموالية لـ”الغرب”، هل ترى أن الأزمة مع أوكرانيا، يمكنها أن تؤثر على الشراكة الاستراتيجية بين موسكو والرباط سياسيا واقتصاديا؟

تحظى الشراكة الاستراتيجية مع المغرب لدى روسيا بتقدير كبير. خلال الأزمة في أوكرانيا على المستوى السياسي نتفهم بشكل كامل موقف المغرب الذي أظهر الحياد في هذا الملف، لكن حصلت تغييرات على مستوى التبادل التجاري بالنظر للعقوبات الغربية المفروضة، والتي أثرت على الأسواق العالمية نظرا لارتباطات الدول بها وبمتغيراتها.

بناء على ما سبق، وأخذا بعين الاعتبار العقوبات المفروضة من الدول الغربية على روسيا، هناك العديد من المخاوف بخصوص إمكانية تعثر المبادلات التجارية بين روسيا والمغرب، بالأخص صادرات الحبوب، هل ترى أن هذه المخاوف واقعية؟

بكل تأكيد هي مخاوف واقعية، فالمعطيات الحالية تفرض علينا إيجاد حلول، وسنعمل مع أصدقائنا المغاربة على ضمان استقرار المبادلات التجارية بين البلدين.

في ظل هذا الوضع المعقد؛ الوباء الذي لم ينته بعد، والأزمة الحالية في أوكرانيا، وما ترتب عنها من تعثر نسبي على مستوى المبادلات التجارية، إلى أين تتجه العلاقات المغربية الروسية، هل ترى أن هناك مستقبلاً لها، وهل ستواصل تطورها على الرغم من المعيقات التي فرضتها الأزمة الحالية؟

تتوفر العلاقات الروسية المغربية على إمكانيات كبيرة في مجالات متعددة، بما في ذلك مجال الطاقة، والتجارة والاستثمارات والتعليم والسياحة والثقافة.

بفعل الوضع الوبائي تم تأجيل اللجنة العليا المشتركة بين الحكومتين الروسية والمغربية، والتي من المنتظر انعقادها هذه السنة بالعاصمة موسكو. أخذا بعين الاعتبار الإرادة المشتركة لقادة البلدين من أجل تعميق الشراكة الاستراتيجية الروسية المغربية، والتي تم التأكيد عليها خلال زيارة جلالة الملك محمد السادس لموسكو سنة 2016، وكذلك زيارة رئيس حكومة الفيدرالية الروسية فخامة الرئيس ديمتري ميدفيديف للمغرب في عام 2017، فذلك لن يزيد إلا من تقوية الروابط بين المغرب وروسيا.

بفعل ما يقع حاليا، صارت العلاقة بين الشعب الروسي وشعوب أوروبا الغربية آخذة في الانحدار، هل تتوقعون أن إفريقيا عموما والمملكة المغربية على وجه الخصوص، يمكن أن تُصبح الوجهة الأولى للمستثمرين كما للسياح؟

حاليا أصبحنا نشهد هجمة عدوانية ضد الروس “الروسفوبيا”، وتهديدات وعقوبات وهذا أمر غير مقبول وله طابع خطير على هذه المجتمعات. أما في ما يخص تطوير علاقاتنا مع الدول الإفريقية فهذه أولوية بالنسبة لروسيا لا علاقة لها بما يقع الآن في أوروبا أو في أي بقعة أخرى من العالم.

لقد كانت روسيا وما زالت حتى اليوم داعمة للشعوب الإفريقية في مقاومة كل أشكال الاستعمار.

لقد أعطت القمة الروسية الإفريقية في سوتشي سنة 2019، دفعة قوية للعلاقات بين روسيا والدول الإفريقية، وهي القمة التي شهدت مشاركة وفد مغربي ترأسه آنذاك السيد سعد الدين العثماني.

في نهاية حوارنا معك السيد السفير، اخترتم مؤخرا مطارات المغرب كنقطة توقف للطائرات الروسية، لماذا بالضبط المغرب دون غيره؟

في ظل الظروف الحالية، كان على شركات الطيران الروسية مواجهة إكراهات تنظيم رحلات خاصة للمواطنين الروس في أمريكا اللاتينية بفعل العقوبات المفروضة من طرف الدول الغربية، حيث كان من المفروض القيام بالتوقف بإحدى المطارات الأوروبية في طريق العودة لروسيا.

لقد تم اختيار مطارات المغرب من طرف شركات الطيران الروسية لاعتبارات تقنية وقد قامت السفارة بمد يد المساعدة عبر التدخل لدى السلطات المغربية المختصة من أجل الحصول على التراخيص اللازمة. ونستغل هذه الفرصة لنشكر أصدقاءنا المغاربة على دعمهم الكريم.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي