شارك المقال
  • تم النسخ

تقرير استخباراتي إيطالي يحذر من تمدد الأذرع الروسية الصينية في القارة السمراء وينبه من خطورة إعادة التوجيه الجيوسياسي الأفريقي

كشف تقرير استخباراتي إيطالي، كيف أن ضعف الهياكل المؤسسية واستئناف الصراع بين الفصائل والجماعات العرقية في إفريقيا قد وفر مساحة لوجود أكثر وضوحا للتنين الصيني والدب الروسي في القارة السمراء.

ووفقا لتقرير الاستخبارات السنوي لعام 2023، الذي عُرض يومه (الأربعاء) في روما، فإنه وخلال عام 2023، مارست روسيا ضغوطا قوية على الجبهة الجنوبية للحلف الأطلسي بوجودها في أفريقيا، مما أدى إلى تقويض المصالح الأوروبية والغربية.

وفي عملية إعادة التفاوض على التوازنات الجيوسياسية، تعيد بعض الدول الأفريقية تصميم تحالفاتها، وتبتعد عن العلاقات التاريخية مع القوى الغربية وتقترب من روسيا والصين، ويثير هذا الاتجاه شكوكا بين المحللين الذين يخشون من تداعيات سلبية محتملة على الأمن والاستقرار الإقليميين.

وعلى وجه الخصوص، نأت مالي والنيجر وبوركينا فاسو بنفسها عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS)، التي يُنظر إليها على أنها تهدد سيادة الدول الأعضاء، وقد سلط هذا الكسر الضوء على المخاطر التي تواجه البلدان المجاورة، مثل نيجيريا.

ويُعزى النفوذ الروسي المتزايد في القارة جزئيًا إلى شخصية يفغيني بريغوزين، قائد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، الذي توفي قبل الأوان في حادث تحطم طائرة يعتقد البعض أنها عملية اغتيال.

ويأخذ الوجود الروسي في أفريقيا أيضاً شكل لفتات مثل الوعد بشحنات الحبوب المجانية إلى خمس دول أفريقية، على الرغم من أن هذا يمثل ارتياحاً محدوداً مقارنة بصادرات روسيا الضخمة من الحبوب ولا يؤدي إلى تحسين الأمن على المدى الطويل.

وتجد روسيا بوتين، حسب التقرير ذاته، نفسها معزولة على الساحة الدولية، في حين يبدو أن مبادرات مثل مجموعة البريكس تفقد زخمها، مع تخلي دول مثل الأرجنتين عن الانضمام، كما يتسم دور روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفي مجتمع مجموعة العشرين بأفعال لا تتوافق مع خطابها الرسمي.

ويرى التقرير، أن رؤية عالم “متعدد الأقطاب” التي تروج له روسيا قد يبدو مفيدا لأفريقيا، لكنه في الواقع يخفي نية توسيع النفوذ الروسي، وليس بالضرورة في مصلحة البلدان الأفريقية، ويبدو أن الهدف الروسي المتمثل في مكافحة التعددية يتناقض مع حاجة الدول الأفريقية للتعبير عن صوتها في الأمم المتحدة.

ومن المعروف أيضًا أن روسيا لا تحترم القوانين الدولية، كما ظهر في غزو أوكرانيا، الذي أدانه الاتحاد الأفريقي، والذي دعا إلى احترام سلامة الأراضي الأوكرانية، وأدى هذا الغزو، الذي حدث رغم العقوبات الغربية والدعم العسكري لكييف، إلى التفكير في مدى ملاءمة هذه التأثيرات الخارجية.

وقد تورطت مجموعة فاغنر في مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان والطغيان والإفلات من العقاب في بلدان مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، ويبدو أن تدخلهم في الدول غير المستقرة بالفعل تمليه المصالح الروسية وليس الأغراض الإنسانية أو التنموية.

وأشار التقرير، إلى أنه وعلى الرغم من هذه المخاوف، امتنع الاتحاد الأفريقي عن إدانة الأعضاء الذين يتعاونون مع فاغنر علنًا، مفضلاً الحوار على النقد المباشر.

وفي المقابل، تعمل الصين على توسيع نفوذها في أفريقيا، غالباً تحت ستار الاستثمارات الزراعية والبنية التحتية، في حين أن الصفقات في الواقع هي في الغالب لصالح بكين، وتواجه الصين اتهامات باستغلال الموارد الطبيعية الأفريقية دون احترام البيئة والمجتمعات المحلية، فضلا عن الممارسات التجارية غير العادلة وما يسمى “دبلوماسية فخ الديون”.

ويُنظر إلى كلا العملاقين، روسيا والصين، على أنهما يستخدمان مكانتهما لاستغلال أفريقيا وتعزيز نفوذهما الاقتصادي والعسكري، وهذا يضع أفريقيا في موقع استراتيجي، حيث ستحدد خياراتها توازن القوى العالمي في المستقبل.

ومؤخراً، التقى الزعماء الأفارقة في أديس أبابا للتأمل في التغيرات الجارية والدور الذي تلعبه القارة على الساحة الدولية، وسوف يجدون أنفسهم مضطرين إلى الاختيار بين توسيع النفوذ الخارجي من خلال العلاقات الاقتصادية والعسكرية، أو السعي إلى قدر أكبر من الحكم الذاتي والاستقلال الذي قد يكون أكثر استدامة على المدى الطويل.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي