شارك المقال
  • تم النسخ

تفاصيل صادمة ومعطيات جديدة.. هل أصبحت مهنة المحاماة في المغرب وراثية؟

ما تزال نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، تثير الجدل، بعدما تضمنت اللوائح أسماء عائلية محسوبة على جسم القضاء، العدل، والمحاماة، وسط مطالب بفتح النيابة العامة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، لتحقيق عاجل في الموضوع الذي يمسّ واحداً من أكثر القطاعات حساسية في الدولة.

وكان الامتحان الذي أقيم في الـ 4 من شهر دجنبر الماضي، وأُعلن عن نتائجه في الـ 24 من الشهر ذاته، قد عرف مشاركة أزيد من 70 ألف شخص، نجح منهم 2081 فقط، الأغلبية القصوى منهم، من عائلات وأقارب مسؤولين وقضاة ومحامين، وفي أفضل الأحوال، من أحزاب معيّنة داخل الحكومة.

وكشفت مصادر مطلعة لجريدة “بناصا”، أن أولى الشكوك حول مصداقية الامتحان، بدأت قبل إجرائه حتى، حين قررت هيئات المحامين، مقاطعة حراسة الامتحانات، قبل أن تدخل في حوار مع وزارة العدل، لتقرر بعدها المشاركة عبر لجنة منها، في عملية التصحيح، ويفاجأ الجميع بمرور أبناء وأقارب وجوه معروفة في القطاع.

تحالف بين حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال؟

وتقول مصادر الجريدة، إن هناك تحالفاً في الخفاء، بين حزبي الاستقلال، في شخص نقيب جمعية هيئات المحامين بالمغرب، عبد الواحد الأنصاري، وحزب الأصالة والمعاصرة في شخص وزير العدل عبد اللطيف وهبي، من أجل قبول العائلة والأقارب، والموالون للحزبين بالخصوص، في امتحان المحاماة.

وتابعت المصادر، أن جمعية المحامين كانت قد احتجت، مباشرة بعد إعلان الوزارة عن امتحان المحاماة، تحت شعار “الدفاع عن شرف وسمعة المهنة”، ومشكل الضريبة، ودخلت في حوارات مع الوزارة، دون أي جدوى، حيث كان وهبي وقتها، متشبثا برأيه في اجتياز الامتحان، بنفس النظام القديم، ونجاح عدد كبير، على شاكلة ما حدث في 2019.

وأردفت المصادر نفسها، أن أحد المحامين المعروفين على الصعيد الوطني، كان قد أعلن في تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”، أن عدد الناجحين في امتحان المحاماة لن يتعدى 900 شخصا، بعدها رفعت جمعية هيئات المحامين احتجاجها، وظلت صامتة، لغاية الاجتماع الأخير الذي جمعها بالوزارة، والذي انتهى ببلاغ مشترك، أعلنت فيه عن حل مشكل الضريبة، وحل مشكل “هواجس واعتبارات الجمعية”.

قبل أربعة أيام من إعلان النتائج، هيئة المحامين بطنجة وتطوان، خرجت ببلاغ تؤكد فيه مشاركة الجمعية في عملية التصحيح، وهو ما يثير التساؤل بخصوص الصفة التي يحضرون بها، خصوصا أنهم كانوا قد قاطعوا حراسة الامتحان من الأصل، ليتفاجأ الجميع بمرور أبناء وبنات وأقارب أشخاص معروفين، على رأسهم نقيب المحامين ووزير العدل.

بولعيد قرجيج، واحد من الأشخاص الذين تضرّروا من هذه الخروقات، أعرب في تصريح لـ”بناصا”، عن أسفه الشديد، لما حصل، مبرزاً أنه باعتباره طالبا باحثا في القانون، يشعر بـ”بالاستياء لما يثار حول نتائج امتحان مزاولة مهنة المحاماة، فهي تدخل ضمن المهن الحرة والمترشح الحاصل على المعدل له الحق في الحصول على الأهلية”.

وتابع: “لكن النقاش الحاصل متعلق بضمانات نزاهة المباريات في المغرب، وهذا الأمر ليس جديدا، وما يقع الآن هو أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة إيضاح وفضح على مرأى ومسمع المجتمع ككل، وفي جانب الطلبة الغاضبين الذين يطالبون بفتح تحقيق، في تقديري الشخصي ستكون فرصة ووسيلة لإقبار الملف والقضية بشكل طبيعي وينتهي الجدل”.

وطالب قرجيج بإعادة النظر في صيغة أسئلة المباريات “QCM”، من الأصل، لأنها “لا تناسب شعبة القانون لوجود آراء فقهية كثيرة، وكذلك تعارض المضمون الأصلي للنص مع الاستثناء، وقد حصل مع بعض الأسئلة في الفترة المسائية في امتحان الاهلية”.

للتوضيح أكثر، يضيف قرجيج: “على سبيل المثال وضع سؤال ظاهر وواضح في بنيته، محكمة النقض هل هي محكمة قانون أم محكمة موضوع أم محكمة موضوع وقانون أم جميع الأجوبة خاطئة”، متابعاً: “الأصل هي أنها محكمة قانون والاستثناء تكون محكمة موضوع في بعض القرارات الإدارية، يعني عدم وضع تصحيح مضبوط من طرف الوزارة المعنية يثير نقاش حول مصداقية الإمتحان من الأصل”.

جدل واسع.. ومطالب بتوضيحات من الوزارة

الناشط الحقوقي خالد بكاري، طالب وزير العدل عبد اللطيف وهبي، في تدوينة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، بتحمل مسؤوليته السياسية والأخلاقية، والخروج من أجل الدفاع عن “نزاهة” المباراة التي نظمتها وزارته، بالحجج والمحاضر، وكل ما يفيد بأنها “مرت في أجواء سليمة، لأن الأمر أصبح قضية رأي عام”.

واعتبر بكاري، أن حديث الوزير عن أنه لن يطالب بفتح تحقيق، لـ”عدم توفر أركان الجريمة، هو هروب إلى الأمام، لأن التحقيق قد يفتح حتى بسبب الشك في وجود الفعل الجرمي”، مضيفاً: “وحديثه عن التصحيح الآلي ولجان من تسعة أشخاص يبقى ادعاء، ما لم يتم إثبات اأنه كان معمما، بتحقيق من جهة محايدة وخصوصا في الحالات التي هي محط شبهة”.

وأوضح أن الشبهات ستظل تلاحق هذه المباراة، التي أشرف عليها أيضا، نقباء وقضاة، مسترسلاً أنه في حال ثبت “التلاعب، وهو الراجح، لأنه “بزاف على المصادفات” التي لا يقبلها حتى منطق الاحتمالات “الشاذة”،، فهذا يعطي صورة عن واقع العدل بالبلد: وزارة وقضاء ومحاماة !!”.

واختتم بكاري تدوينته بالقول: “لو ثبت ذلك، فهذا يعني أن من تواطئوا في مباراة خدمة لمصالح متبادلة ذات طابع أسري أو حزبي، غير مؤتمنين على مصالح العباد التي قد تضيع إذا توفر عنصر المصلحة الشخصية”.

المحاماة.. سقوط آخر الجبهات؟

تحت هذا العنوان، اختار الإعلامي يونس مسكين، التعليق على الجدل الدائر حول امتحان المحاماة، معتبراً أن ما يحصل هو بمثابة نهاية لـ”هيئة المحاماة” التي ظلت “تشارك، بعيوبها ومشاكلها طبعا لأنني لا أزعم أنها مثالية، لكنها كانت تشارك في النقاش العمومي وتستطيع طرح مقترحات مضادة وإعلان اعتراضها ولو بخلفيات فئوية و”خبزية” أحيانا”.

وأضاف أن ما يجري، هو “إيذان بفتح عهد جديد في تاريخ مهنة ظلت منذ استقلال المغرب ضميرا مجتمعيا وسياسيا وحقوقيا، لتصبح على غرار أجسام مهنية أخرى، تجمعا لأشخاص يدبرون مسارات مهنية شخصية بشكل منعزل تماما عن أي نقاش عمومي أو تنظيم مهني وحس حقوقي أو رسالة إنسانية”.

وتابع: “أشخاص سينكفئون على أنفسهم لتدبير “مقاولاتهم” والبحث عن “طرف خبز” أبنائهم، والتقاط ما فضل عن عمالقة المهنة وذوي المصالح الخاصة فيها من فتات، والحرص على بناء شبكة علاقات شخصية قائمة على المصالح التجارية والذاتية، وسلّم لي على النضال الحقوقي والنّفس السياسي والمعارك الجماعية من أجل التصدي للتعسف والشطط”.

صمت وزارة العدل الطويل إقرار بالفضيحة

من جهته، انتقد الإعلامي رضوان الرمضاني، صمت وزارة العدل، وتغاضيها عن الردّ، على الجدل الكبير الذي أحدثه امتحان المحاماة، حيث قال إنه قرأ الكثير من التعليقات بخصوص الموضوع، بعضها “يسخر من “استنساخ” أسماء عائلية بعينها، وبعضه يتهم، تلميحا أو صراحة، بأن الأمر ليس مجرد “حادثة” أو “صدفة” بل “عن سبق إصرار وترصد”… “.

وأردف: “لن أجتهد في الاستنتاج، لكن منطق العدل يفرض أن يتم التفاعل مع هذه الملاحظات (الاتهامات)، وتوضيح ما ينبغي أن يتم توضيحه، للمعنيين بالأمر، أو من يعتبرون أنفسهم متضررين، وللرأي العام كله”، مشدداً على أن هذا الأمر: “ليس مجرد ترف تواصلي… بل “فرضا” على من اختار المساهمة في تدبير الشأن العام”.

واسترسل: “في جلسات المحاكم، قبل الوصول إلى الجوهر، يتم الحسم في الدفوعات الشكلية… وهذا ما ينبغي أن يكون، حتى وإن كان الخيط بين الدفوعات الشكلية وبين الجوهر رفيعا للغاية في هذه الحالة…”، مختتماً: “الكرة في مرمى عيد اللطيف وهبي، فهو المحامي، قبل الوزير… فليعتبرها “وشاية” افتراضية وجب التعامل معها بجدية…”.

رد الوزير بعد طول انتظار.. وهيئة تطالب بإقالته

بعد انتظار دام لأزيد من أسبوع، خرج عبد اللطيف وهبي عن صمته بخصوص الضجة، وقال إن “الآلة هي التي صححت أوراق الامتحانات”، مضيفاً: “أنني خلقت 2000 منصب شغل، في الوقت الذي واجهت فيه ضغوطات للاكتفاء بـ500 أو 600 منصب فقط”.

وفيما يخص الأسماء العائلية التي تكررت في اللوائح، قال وهبي إن المعنيين “هم أيضا مواطنون مغاربة، ومن حقهم النجاح في مباراة المحاماة”، متابعاً: “المغرب فيه 42 وهبي في المحاماة ولا صلة لي بهم”، معرباً عن ثقته في “اللجنة التي أشرفت على امتحان المحاماة”، قبل أن يقلل من أهمية المطالبة بفتح تحقيق في موضوع يطالب به “الجالسون في المقاهي ومن يكتب في فيسبوك”.

وفي سياق الضجة، طالب المنتدى الديمقراطي المغربي للحق والإنصاف، النيابة العامة، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بفتح تحقيق جاد ومسؤول، وتحمل مسؤوليتهما الأخلاقية والقانونية، في الأمر، داعيا في السياق نفسه، إلى إقالة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، و”محاسبته، على هذه الفضيحة السياسية المكشوفة وغير المبررة”.

وشدد المنتدى على ضرورة، “إلغاء مهزلة لوائح نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، باعتبارها محصورة لفائدة أبناء العائلات المحسوبة على القضاء والمحاماة، والشخصيات السياسية النافذة”، مطالبا بـ”إعادة تصحيح الامتحان، وإعادة النظر في النظام الكندي المشؤوم، والرفع من عدد المناصب المتبارى عليها”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي