شارك المقال
  • تم النسخ

بعد تدخل روسيا في أوكرانيا: هل تفكر الصين في تدخل مماثل في تايوان؟‎‎

تبدي العديد من مراكز التفكير والقرار في أوربا والولايات المتحدة قلقا متزايدا من إمكانية قيام الصين بعمليات عسكرية في تايوان تحاكي التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.

الجنرال كينيث ويلسباش قائد القوات الجوية الأمريكية العاملة في المحيط الهادي، عبر عن تخوفه من استغلال الصين للأزمة الأوكرانية عبر القيام بما أسماه عملا “استفزازيا” في آسيا، ويجد هذا التخوف صداه في التوغل الأخير لعشرات المقاتلات الصينية داخل الخط الدفاعي الجوي لتايوان بالموازاة مع تحرك الآليات العسكرية الروسية في الداخل الأوكراني.

وفي رأي بوني لين خبيرة شؤون الأمن الآسيوي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، فإن بكين قد تعتبر الأزمة الأوكرانية اختبارا لمدى قدرة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على مواجهة أزمة مماثلة محتملة في تايوان.

بينما يعتبر آدم ني رئيس تحرير نشرة نيكان الدولية المتخصصة في الشؤون الصينية، أن الموقف الصيني الحالي يواجه معضلة حقيقية، إذ في حال اعتبرت الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن بكين متواطئة في التدخل الروسي في أوكرانيا، فقد تدفع الصين برأيه ثمناً باهظاً، خاصة وأن الصين لم تتخذ أي خطوة حاسمة بشأن الانفصال القطعي عن الغرب، بالنظر إلى أن اقتصادها ينبني على التجارة الدولية، وليس من صالحها بالتالي الانعزال عن منظومة العولمة، فضلا على أنها تحتفظ بمصالح حيوية هامة في أوكرانيا، وفي الوقت الذي تسعى فيه بكين إلى تطوير علاقاتها الاستراتيجية مع روسيا، فإنها ترغب في نفس الآن في تثبيت علاقاتها مع الولايات المتحدة والحفاظ على علاقاتها مع الاتحاد الأوربي.

في يونيو الماضي، وقعت بكين سلسلة من الاتفاقيات مع أوكرانيا، لربط البلاد ببرنامج طريق الحرير الجديدة المعروف بمبادرة الحزام والطريق، مع الاستفادة من عشرات العقود لتطوير البنية التحتية في أوكرانيا، وزيادة الصادرات الزراعية إلى الصين بثلاثة أضعاف، فيما تستأجر بكين بالفعل أراضٍ صالحة للزراعة تقدر ب 3 ملايين هكتار أي 5٪ من الأراضي الأوكرانية، بعقود وقعت منذ عام 2013 لمدة تصل إلى خمسين عامًا.

بينما شهد مطلع فبراير لقاءً صينيا روسيا توج باتفاق وصف بالتاريخي منذ توقيع الميثاق الصيني السوفياتي لعام 1950، حيث دام اللقاء بين بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ ثلاث ساعات على هامش افتتاح أولمبياد بكين الشتوي، قبل إصدار بيان مشترك تضمن على الخصوص الإشارة إلى دخول “العلاقات الدولية في حقبة جديدة”، فيما أكد يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي بحسب ما أوردته وكالة نوفوستي أن الصين تدعم مطالب روسيا بشأن الضمانات الأمنية قائلا: “تدعم بكين مطالب روسيا بشأن الضمانات الأمنية، وتشاطر الموقف القائل بأن أمن دولة لا يمكن ضمانه من خلال الإضرار بأمن دولة أخرى، ولا يمكن تدمير الاستقرار الإقليمي من خلال تعزيز التحالفات العسكرية”، ما يؤشر حسب مراسل مجلة ليكسبريس الفرنسية في بكين سيباستيان لو بيلزيك على أن الحالة الأوكرانية كانت حاضرة ضمنيا في المباحثات بين الطرفين، وإن لم يتم الإعلان عنها بشكل صريح.

وأبرم البلدان، بنفس المناسبة، نحو خمسة عشر اتفاقا تجاريا من بينها تسليم شركتي روسنفت وغازبروم الغاز والنفط الروسي إلى الصين بمبلغ يقدر بنحو 117 مليار دولار، لتنضاف هذه الاتفاقية الجديدة إلى عقد القرن المبرم في 2014، بعد شهرين فقط من ضم شبه جزيرة القرم من قبل القوات الروسية، والذي بلغت مخصصاته 400 مليار دولار على مدى ثلاثين عامًا.

وفي نفس يوم بدء العمليات الروسية في أوكرانيا، يوم 23 فبراير، سمحت سلطات الجمارك الصينية باستيراد القمح من كل الأراضي الروسية، في الوقت الذي سارع فيه الغرب إلى إعلان عقوبات اقتصادية موسعة ضد روسيا، وهو ما يؤشر بحسب لو شيانغ، الباحث في أكاديمية بكين للعلوم الاجتماعية، على أن “الصين مستعدة لمساعدة روسيا في الحفاظ على اقتصادها واقفا على قدميه”، ولم تصدر عن الصين أي إدانة لموسكو بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا، بل على العكس من ذلك، فالصين “تتفهم مخاوف روسيا المشروعة على أمنها”، وترفض وصف التدخل الروسي بالغزو وتعارض أي عقوبة محتملة ضد موسكو.

كما عبرت الصين بوضوح عن رفضها لخطة توسيع الناتو، حيث أعلن وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، قبل أيام قليلة من التدخل العسكري الروسي، أن “الحرب الباردة انتهت منذ فترة طويلة”. وأن “حلف شمال الأطلسي هو نتيجة للحرب الباردة”، متسائلا عما إذا كان توسع حلف الناتو نحو الشرق إلى الحفاظ فعلا على السلام والاستقرار الدائم في أوروبا، قبل أن يضيف أن “هذه مسألة يتعين على أصدقائنا الأوروبيين التفكير فيها بجدية”.

وبالنسبة للصين فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي المسؤول الأول عن صب الزيت على النار في الأزمة الأوكرانية، أو ذلك على الأقل ما عبرت عنه صحيفة غلوبال تايمز الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم، في افتتاحيتها ليوم 24 فبراير، ومن خلال الدفاع عن المصالح الروسية ضد حلف شمال الأطلسي، ربما يأمل المسؤولون الصينيون في معاملة روسية بالمثل في حال نشوب أزمة حول الملف التايواني، فالصين ترى في دفاع الغرب عن تايوان، نسخة طبق الأصل من مسلكية أوربا والولايات المتحدة تجاه روسيا في الشأن الأوكراني، وهو المنحى الذي ذهب إليه الخبير الدولي المتخصص فى الجغرافيا السياسية الآسيوية ريتشارد غياسى حين أكد على “أن بكين تفترض أن روسيا ستفعل نفس الشيء عندما تجد الصين نفسها فى وضع أمني حرج”.

المصادر: ليكسبيرس، روسيا توداي.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي