شارك المقال
  • تم النسخ

بعد استئناف العلاقات.. هل يصبح المغرب جسر إسرائيل إلى العالم الإسلامي؟

قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، إنه من بين جميع اتفاقيات تطبيع الدولة الإسلامية الأربعة، فإن أحدث اتفاقية بين إسرائيل والمغرب تَبرزُ من حيث قدرتها على تحقيق استراتيجية طويلة الأمد.

ولفتت الصحيفة في مقال نشرته أمس (السبت)، إلى أنه إذا تمت رعاية التحالف المغربي بشكل صحيح، فإن ذلك يمكن أن يمثل نهاية بحث إسرائيل عن دولة تكون بمثابة جسر للعالم الإسلامي.

وأكدت الصحيفة، أنه على مدى الأشهر القليلة الماضية، مرت إسرائيل بموجة سلام لم تشهدها في السنوات الـ25 الماضية، وأن السلام مع العالم الإسلامي كان ضرورة إستراتيجية للدولة اليهودية.

وأضافت، أنه من بين أحد العناصر الأساسية في سعي إسرائيل لتحقيق ذلك السلام الواسع، هو فكرة إنشاء “جسر” بينها وبين هذه الدول البعيدة استراتيجيًا.

في أوائل التسعينيات، تشير “جيروزاليم بوست” إلى أن إسرائيل بدأت في رعاية علاقتها مع تركيا بالنظر إلى مكانتها، واعتبارها أشهر الجسور القومية في العالم التي تجمع بين أوروبا والشرق الأوسط، بيد أن هذا الجسر انهار مع صعود أردوغان الذي لم تكن له رغبة في صنع السلام مع دولة وصفها بـ”السرطان”.

وأوضحت الصحيفة، أن هناك ثلاثة عناصر رئيسية حولت العلاقة المستقرة والحيوية بين إسرائيل وأنقرة إلى علاقة عداء، وأن الدبلوماسيون الإسرائيليون لا يرغبون في تكرار الكارثة التركية مع المملكة المغربية، لكنها تخضع للتمحيص.

العنصر الأول: القرب الجغرافي بين إسرائيل وأنقرة

الصحيفة ذاتها، أبرزت أن الشرق الأوسط هو مرجل للنشاط الجيوسياسي الذي يجذب أي دولة ترغب في القوة والهيمنة، ومن المفارقات أن أحد أكبر العوامل المساهمة في التحالف المغربي الإسرائيلي، هو أن المغرب لا يقع في الشرق الأوسط (مثل شبه الجزيرة العربية والشام).

والعلاقات المغربية الإسرائيلية المستقبلية، التي ترجع في جزء كبير منها إلى مكانة المغرب الخارجية لن تكون عرضة لطبيعة” لعبة العروش” لسياسات الشرق الأوسط.

ودرس الجغرافيا هنا مهم، حيث يجب أن يأتي الجسر من الخارج، وليس من الشرق الأوسط الذي يمكنه حماية هذا التحالف بشكل حاسم من المشاعر التي استحوذت على العلاقات الإسرائيلية التركية.

العنصر الثاني: التاريخ المغربي والتاريخ العثماني

واعتبرت الصحيفة، أن ماضي الهيمنة العثمانية لتركيا يشكل تطلعاتها اليوم، أما المغرب فليس لديه مثل هذه الادعاءات بالإمبراطورية، وبالتالي فهو أقل عرضة لسياسة خارجية عربية شعبوية من المحتمل أن تُزعج العلاقات مع إسرائيل.

وأضافت، أن المغرب يتشابه مع تركيا، حيث أن البلد الواقع في شمال إفريقيا له حدود دولية مع إسبانيا، الشيء الذي يعزز توجه الدولة المعتدل تجاه الدول الغربية، وذلك على عكس تركيا التي لا تحافظ على مظالم إقليمية مع جيرانها الغربيين، والتي عملت مثلها على تأجيج القومية التركية في عداء للغرب.

وتابعت الصحيفة، أن هناك معطى آخر، لا يمكن تجاهله، والذي يتجلى في معاهدة الصداقة المغربية الأمريكية (1777)، باعتبارها أقدم معاهدة صداقة غير منقطعة في تاريخ الولايات المتحدة.

كما يتمتع المغرب بثقافة بوتقة الانصهار، ويضم رابع أكبر كثافة سكانية في العالم العربي، ومع ذلك فإن تاريخه يحمل تركيبة عرقية غنية، بعد أن استضاف القرطاجيون والفينيقيون واليهود من الشرق.

وبالنسبة لإسرائيل فإن الدرس هو أنه لا يمكن تصوير التاريخ من أجل المصلحة السياسية، وأن تراجع تركيا عن سياسة عثمانية ليس من قبيل الصدفة، فالماضي هو المقدمة، سواء كان يتجاهل احتلال قبرص، أو يتجاهل الإبادة الجماعية للأرمن.

وأشارت الصحيفة، إلى أن التاريخ الراسخ للتسامح والتعددية هو سلعة ثقافية ثمينة للدولة اليهودية المعرضة للتحيز القومي والشيطنة العرقية.

العنصر الثالث: السياسة المؤسسّية

وأضافت الصحيفة، أنه في طبيعة الشرق الأوسط المتقلبة رأسا على عقب، كلما كانت الجذور أعمق، إلا وقل تعرضها لمشاعر الأرض المحروقة التي كثيراً ما تندلع في المنطقة، وبدت تركيا ذات يوم جذابة للغاية بسبب زخارف الدولة الديمقراطية الحديثة التي ورثتها بعد الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، تلاشت الثورة الكمالية حيث أن استبداد أردوغان يقره تغييره الدستور التركي.

وعلى الرغم من أن المغرب نظام ملكي دستوري، إلا أنه يتمتع بنظام سياسي مستقر صمد أمام اختبار الزمن. وفي الوقت الذي تتراجع فيه الديمقراطية التركية، فإن الحكومة المغربية تقوم بالتحرر تدريجيا، وتوجد معارضة سياسية فاعلة، مما يجعل المغرب أول بلد عربي لديه حزب معارض يتولى السلطة من خلال العمليات الانتخابية.

وأوضحت الصحيفة، أنه قد لا يكون لدى المغرب نوع من الجاذبية التي تجذبها الاضطرابات الكمالية على مضيق البوسفور باعتبارها باني الجسور بين الشرق والغرب، وهنا يجب على إسرائيل أن تبتلع الدرس.

ومع ذلك، فإن المغرب لديه أوراق اعتماد ذات طابع زمني لجعل الحجة القائلة بأنه واحد من الدول الإسلامية القليلة جدا المعتدلة والمستقرة في العالم.

وتجد إسرائيل في المغرب أمة عربية مسلمة مستقرة وديمقراطية وتحررية، دولة تتمتع باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واقتصاد قائم على مبادئ التجارة الحرة، وإسرائيل، من جانبها، تقدم الكثير من الفرص للغرب الذي يتطلع إلى احتضان القرن الحادي والعشرين.

وأشارت الصحيفة ذاتهان إلى أنه مع وصول أول وفد إسرائيلي أمريكي إلى الرباط، فيجب أن يتم تطوير الدبلوماسية مع المغرب بعناية حيث تصبح العلاقات العامة والتبادلات الثقافية والشركات الدبلوماسية على نفس القدر من الأهمية.

ومع ذلك، تضيف “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، أنه لا يمكن تجاهل مأزق الماضي لأن إسرائيل تواجه – لأول مرة منذ جيل – فرصة جدية لبدء بناء تحالف استراتيجي دائم مع دولة مسلمة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي