شارك المقال
  • تم النسخ

النقابات التعليمية حصان أعرج والحكومة بيدها الحل

استمرار تنسيقيات رجال ونساء التعليم في الاحتجاج بعد توقيع حكومة عزيز أخنوش والمركزيات النقابية على اتفاق 10 دجنبر دليل قاطع على أن ما أقدمت عليه الحكومة في علاقتها بنقابات مفصولة عن قواعدها لم يكن محسوبا وكرس لعبث غير مسبوق في تاريخ الحوار الاجتماعي بالمغرب.

استمرار تنسيقيات رجال ونساء التعليم في الإضراب عن العمل بنسب مئوية عالية جدا هو آخر مسمار في نعش الحكومة التي زعمت أنها فاوضت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والحال أن الواقع يثبت ان هؤلاء الذين حضروا باسم المركزيات النقابية ووقعوا مع الحكومة اتفاق عشرة دجنبر لا تمثيلية لهم في الواقع الذي تجسده الدينامية الاحتجاجية لرجال ونساء التعليم إلا إذا كانت قواعد تلك النقابات قد تمردت عليها!

في مقال سابق نبهت إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أنه بموازاة العرض الحكومي الذي قدم للمركزيات النقابية (الأكثر تمثيلية) كان يتعين على الحكومة إشراك التنسيقيات في الحوار الاجتماعي حرصا على المصلحة الفضلى لملايين التلاميذ مادام أنهم يمثلون شريحة واسعة من نساء ورجال التعليم الذين أخدوا على عاتقهم الاستمرار في النضال إلى حين تحقيق المطالب التي خرجوا يحتجون من أجلها مند الاسبوع الاول من شهر أكتوبر غير أنه للأسف الشديد اختارت الحكومة اللجوء إلى حل ترقيعي عوض معالجة الملف معالجة بنيوية في إطار مقاربة تشاركية لا تقصي أي طرف.

التحجج بالإطار المؤسساتي للمفاوضات الحكومية مع المركزيات النقابية التي اثبت الواقع أنها لا تمثل إلا نفسها أمر مرفوض في ظل اختلال ميزان القوى وفي ظل استمرار معاناة ملايين التلاميذ الذين حرموا من حقهم الدستوري بسبب فشل الحكومة في احتواء الأزمة وفق مقاربات معقولة بذل الالتفاف على المطالب الجوهرية لرجال ونساء التعليم.

لا نختلف حول مقدار الزيادة في الأجر الذي يبقى مقبولا إلى حد ما ولكن رجال التعليم لم يخرجوا من أجل الزيادة في الأجر فقط بل كانت لهم مطالب جوهرية تتعلق بمقتضيات النظام الأساسي الذي طالما انتظروا صدوره مند سنتين.

الرهان على المركزيات النقابية في ضبط دينامية الاحتجاج في قطاع التعليم رهان على حصان أعرج والواقع يثبت أن منسوب الثقة في المركزيات النقابية تراجع مثلما تراجعت ثقة المواطن عموما في الاحزاب السياسية التي فقدت البوصلة وأصبحت تلعب دور المتفرج في ظل بروز ديناميات احتجاجية جديدة أصبح تتأطر خارج قواعد الضبط التقليدية.

الحكومة تسرعت وكان يتعين عليها الاكتفاء بالعرض دون توقيع محضر الاتفاق إلى حين استطلاع رأي باقي الفاعلين لأنها كانت تعلم أن المركزيات النقابية غير قادرة على إعادة الأساتذة للأقسام وأن هناك شبه قطيعة بينها وبين (قواعدها) والدليل على ذلك عدم قدرتها على اقناع رجال التعليم بقبول العرض الحكومي رغم الدعاية الاعلامية الكبيرة التي خصصت لاتفاق عشرة دجنبر.

لو حدث ما حدث في المغرب في دولة تحترم ربط المسؤولية بالمحاسبة لأسقطت الحكومة برمتها دستوريا لأن مصلحة ملايين التلاميذ أولى من مصلحة لوبيات لا ترغب في إصلاح جذري للتعليم الذي استنزف ملايير الدراهم دون أي جدوى.

من العيب والعار أن يتلقى عشرون في المائة من التلاميذ تعليمهم بشكل سلس في المدارس الخصوصية في الوقت الذي يتم فيه هدر الزمن الدراسي لملايين التلاميذ في التعليم العمومي. أين نحن من مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدل والانصاف؟

ما وقع مؤلم بكل المقاييس ولا ينبغي مقاربته إلا من خلال الحرص على المصلحة الفضلى لملايين التلاميذ عوض الاستمرار في تضيبع المزيد من الوقت في لعبة شد الحبل وتسييس معركة رجال ونساء التعليم الذين خرجوا من أجل ملف مطلبي واضح.

النقابات لا يمكن التعويل عليها لإعادة الأساتذة إلى اقسامهم والواقع أكد بأن مسألة التمثيلية أصبحت متجاوزة في تدبير الملف ولا خيار أمام الحكومة غير الانفتاح على باقي المكونات والالتزام معها بحل الاشكالات العالقة وتفادي شيطنة حراك التنسيقيات وأدلجته لأن ملايين التلاميذ ضائعون ويحتاجون العودة إلى فصولهم الدراسية اليوم قبل غد.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي