شارك المقال
  • تم النسخ

النسيج الاقتصادي المغربي بين الاختلالات والإصلاحات

على غرار ما سبق أن أصدره شيخ  جماعة العدل والإحسان عبد السلام ياسين من كتابات  حول الاقتصاد الاسلامي ، خصصت وثيقة جماعة العدل والإحسان محورا منفردا للوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمملكة وما يعاني منه من اختلالات هيكلية وما يترتب عنه من فوارق اجتماعية وطبقية صارخة.

اختلالات النسيج الاقتصادي بالمملكة

أجملت وثيقة الدائرة السياسية للجماعة أبرز الاختلالات التي يعاني منها النسيج الاقتصادي الوطني في المملكة في عاملين أساسيين:

العامل الأول يتمثل في التركيز الشديد لرؤوس الأموال ووسائل الإنتاج والأراضي في يد العائلة الملكية والعائلات النافذة وبعض الشركات الأجنبية التي استفادت من اقتصاد الريع والتوزيع غير العادل للأراضي والثروات والامتيازات، في مقابل انحسار كبير للفرص المتاحة لباقي الفاعلين والمستثمرين الصغار والمتوسطين،

   – تغول الاقتصاد غير المهيكل، إذ تشير تقديرات «بنك المغرب» إلى أنه يمثل 30% من الناتج الداخلي الإجمالي إلى حدود سنة 2018 ، بينما تشير تقديرات أخرى لمؤسسات وطنية ودولية أنه ما بين 60%  و 80%، من الساكنة النشيطة المشتغلة تمارس نشاطا غير مهيكل. وإذا كان الجزء الظاهر من الاقتصاد غير المهيكل يتمثل أساسا في الوحدات الصغيرة التي تشغل عمالا دون التصريح بهم وتنتج سلعا وخدمات، وتتهرب عمدا من التزاماتها الضريبية والقانونية، فإن الجزء الآخر الذي هو نتاج منظومة الفساد والريع والبحث عن الإثراء غير المشروع،يشمل التهريب والأنشطة الخفية للمقاولات الرسمية، مثل عدم التصريح برقم المعاملات الكلي وعدد العمال الحقيقي، إضافة إلى «المنافسة غير الرسمية»، حيث تتهرب بعض الشركات عمدًا من التزاماتها على الرغم من امتلاكها الموارد والهياكل اللازمة للوفاء بها.

الفوارق الاجتماعية  والمجالية بالمملكة

أدت هذه الوضعية إلى المظاهر التالية:

     -استمرار اغتناء العائلات النافذة وتفقير شرائح عريضة من  المجتمع،

      – استمرار تراجع المؤشرات الماكرو اقتصادية من قبيل التزايد البنيوي والمّطّرد لمستوى العجز التجاري وعجز الميزانية،

      – تفاقم المديونية، وارتفاع معدل البطالة، وتنامي ظواهر الفقر  والهشاشة،

       -استمرار اعتماد الاقتصاد على التساقطات المطرية، واتساع رقعة الاقتصاد غير المهيكل،

      – تركيز مجالي كبير للنشاط الاقتصادي، مع استمرار وضعية العزلة التي تعيشها معظم المناطق، وضعف البنيات التحتية في جل المجالات الترابية غير الساحلية، وخاصة منها العالم القروي.

  • إصلاحات النسيج الاقتصادي بالمملكة

تقترح الوثيقة ، لإصلاح اختلالات النسيج الاقتصادي بمختلف سلبياته ، الارتكان إلى  المرتكزات الأساسية التالية:

– منح فرصا متكافئة للمساهمة في إنتاج الثروة اقتصاد العدل، والاستفادة منها عبر آليات التوزيع المنصفة والمتاحة أو الممكن ابتكارها، وتوزيع مجالي متوازن، ورعاية اجتماعية كافية.

-الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق الدولية، اقتصاد منفتح على العالم، لكن يضمن استقلالية البلد والمجتمع، عبر الاعتماد على المنتوج المحلي بدعم الطلب الداخلي، والتقليص من نفقات الاستيراد، مع تشجيع المنتوج التصديري.

-تقوية الاستثمار والتحفيز على الجودة والابتكار، ومحاربة كل أشكال الاحتكار واستغلال النفوذ والتفضيلات غير المشروعة، انطلاقا من إطار قانوني واضح وجهاز مؤسساتي فعال في مراقبته لمدى احترام شروط التنافسية ومعاييرها.

– تخليق المعاملات الاقتصادية تقوم على الصدق والإخلاص والإتقان والإنصاف والعفو  والسماحة والإيفاء بالعهد. إذ تعتبر هذه الفضائل الأخلاقية أساسية في زرع الثقة وتجذرها في العمليات الاقتصادية، مما يؤدي إلى ارتفاع أداء الاقتصاد وفعاليته في الحد من الفقر والهشاشة والتعاسة وما إلى ذلك من الأمراض الاجتماعية والنفسية.

– تأهيل رأس المال المعرفي، واقتصاد المعرفة، بالاستثمار الجيد في البحث والتطوير والتعليم والتدريب ونماذج الإدارة الجيدة، إذ أصبحت الاتصالات وتقنية المعلومات والأنشطة الرقمية والأنشطة المبنية على المعرفة تؤدي دورا أساسيا في عمليات إنتاج السلع والخدمات في مختلف المجالات من مال وأعمال وسياحة وتأمين ونقل ومواصلات، وأضحت أهميتها تزداد بوتيرة سريعة في تنافسية الاقتصادات.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي