شارك المقال
  • تم النسخ

القاضي عبد الله الكرجي: لجنة الأخلاقيات القضائية تسعى إلى تأطير السلوك القضائي ومواكبة تطبيق “المدونة” على الصعيد الجهوي

قال القاضي عبد الله الكرجي، المشرف على لجنة الأخلاقيات القضائية بالمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، في حوار خاص مع جريدة بناصا الإلكترونية، إن إحداث لجنة للأخلاقيات القضائية من لدن المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، ترمي إلى تأطير السلوك القضائي على المستوى الجهوي لكونها تضم في عضويتها جميع رؤساء المكاتب الجهوية، كما تسعى إلى تتبع ومواكبة تطبيق مدونة الأخلاقيات القضائية.

وتطرق الحوار مع عبد الله الكرجي إلى ملاحظات نادي قضاة المغرب حول مدونة الأخلاقيات القضائية ومسألة الهندام وأشياء أخرى تكتشفونها في ثنايا الحوار.

متى أحدثت لجنة الأخلاقيات القضائية؟

   أحدثت لجنة الأخلاقيات القضائية بالمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، بمقتضى دورة هذا الأخير المنعقدة بتاريخ 08/07/2023، وتم وضع الثقة في شخصي المتواضع من قبل أعضاء المجلس الوطني للإشراف عليها، وتضم في عضويتها جميع رؤساء المكاتب الجهوية لنادي قضاة المغرب.

هل يمكنكم تسليط الضوء على الهدف من إحداث هذه اللجنة؟

وجب التذكير أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية وضع مدونة للأخلاقيات القضائية تطبيقا للمادة 106 من القانون التنظيمي المتعلق به، ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 8 مارس 2021؛ واعتبارا لخصوصية التشريع في مجال يرمي إلى تأطير ومأسسة “مبادئ سلوك” تعزز الاستقلال الذاتي للقاضي، فإن هذه المدونة تظل في تماس مع الأمن المهني وحتى النفسي للقاضي، وتطرح جدلية التوفيق بين وجوب وضع مبادئ وقيم لحماية الحكم القضائي من مداخل التأثير وتحصين صورة السلطة القضائية دون المساس بالأمن النفسي والحياة الخاصة للقاضي.

  وبالنظر إلى كون هذه المدونة نصت على التزامات يترتب عن مخالفتها فتح مسطرة تأديبية قد تؤدي إلى إصدار عقوبة تأديبية تؤثر على المسار المهني للقاضي، فإن المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب ارتأى إحداث لجنة للأخلاقيات القضائية تقوم، من جهة، بتأطير السلوك القضائي على المستوى الجهوي لكونها تضم في عضويتها جميع رؤساء المكاتب الجهوية، ومن جهة أخرى، بتتبع ومواكبة تطبيق مدونة الأخلاقيات القضائية، وتقديم المساعدة القانونية الملائمة للقضاة في كل ما يتعلق بالمادة التأديبية.

بمناسبة حديثكم عن مدونة الأخلاقيات القضائية، هل لديكم ملاحظات بخصوص هذه المدونة ؟

   بعد مرور ما يناهز السنتين والنصف عن نشر مدونة الأخلاقيات القضائية، ووفق ما سبق وأبداه “نادي قضاة المغرب” من ملاحظات بخصوص هذه المدونة، فإنها بقدر ما هي مدونة تؤطر السلوك القضائي (وليس الأخلاقيات لأن ما يهم بالضرورة هو سلوك القاضي المستقل)، إلا أن هذه المدونة ذهبت إلى تفاصيل حياتية للقاضي، وهو ما يخالف صراحة المادة 106 المذكورة سابقا، والتي أطرت نطاقها الموضوعي بالقيم والمبادئ والقواعد التي يتعين على القضاة الالتزام بها أثناء ممارستهم لمهامهم ومسؤولياتهم القضائية.

   كما أن بعض الالتزامات (والتي يشكل خرقها مخالفة مهنية) صيغت بقالب حر وصياغة فضفاضة من قبيل إلزام القاضي بـ:

ــ تجنب كل تصرف أو سلوك قد يؤثر على استقلاله أو يوحي بذلك (المادة 5)؛

ــ التعبير عن آراء بشكل يضعف الثقة في حياد القضاء (المادة 8)؛

ــ الامتناع عن أي سلوك يمكن أن يوحي أو ينم … (المادة11)؛

ــ الابتعاد عن أي سلوك مناف للقانون والحرص على الاستعمال الرشيد والحكيم لما يوضع لديه من وسائل وإمكانات، ويلتزم القاضي بدرجة عالية من الحذر عند التعبير عن آرائه، وتوخي الاحتياط في قبول “الصداقات” عبر الوسائط، والكتابة بلغة واضحة، وتجنب التلميحات كما أضافت المدونة التزامات وقيودا عند المشاركات الإعلامية، (المادة 23).

ـ حسن المظهر والحرص على الظهور الدائم بمظهر لائق (المادة 24)؛ ومما يطرح بخصوص هذه القاعدة، عدة أسئلة، من قبيل: حول معايير المظهر غير اللائق؟ وما هي معايير المظهر اللائق؟ ومن له سلطة تقييم المظهر اللائق وغير اللائق؟ سيما أمام اختلاف ثقافات القضاة وتعاقب الأجيال الوافدة على القضاء.

فمسألة الهندام يختلف بشأنها أحيانا داخل نفس العائلة بل والأسرة، لأن ما يعتبر في نظر البعض من هندام عمل أو سياحة (لائقا) قد يعتبر في نظر البعض الآخر غير لائق بالنظر لعدم تماشيه، بنظره، مع الأعراف أو الأخلاقيات المهنية أو حتى الذوق العام وموضة العصر أو لغلوه في الحداثة !

وما رأيكم السي عبد الله بخصوص عبارة “كل ما من شأنه”؟

نعم، وأما بخصوص عبارة “كل ما من شأنه”؛ التي وردت في مواد  عديدة، حيث  تكررت في المادة 8، فقط ، أربع مرات؛ مما يعد خروجا عن مبادئ وقواعد التأثيم خاصة مبدأ الشرعية، إذ يرى الفقه الإداري أن مبدأ المشروعية يُعد ركنا من أركان المخالفة أو الجريمة التأديبية، مع اعترافه بالصعوبات التي تواجه تطبيق هذا المبدأ؛ وحجتهم أنه إذا كان القانون التأديبي لا يتقيد بمبدأ الشرعية حسب مفهومه الجنائي، إلا أنّ ذلك لا يعني عدم الخضوع لقاعدة شرعية الخطأ التأديبي؛ فالشرعية هنا تأخذ لونا مختلفاً يتفق مع طبيعة القانون التأديبي، بحيث تتنوع مصادر الركن الشرعي بصورة تنسجم مع واجبات الوظيفة ومقتضياتها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي