شارك المقال
  • تم النسخ

السياسة الأمنية في منظور جماعة العدل والإحسان بين الاختلالات والإصلاحات(3)

    أولت جماعة العدل والإحسان في وثيقتها السياسية اهتماما خاصا للسياسة الأمنية المتبعة من طرف نظام الحكم بالمغرب. فقد أشارت إلى مجموعة من الاختلالات التي تعتريها رغم محاولات التحديث التي باشرتها السلطات لتطوير أجهزتها الأمنية مما يتطلب وفق الوثيقة العمل على إدخال مجموعة من الإصلاحات ضمن الجسم الأمني للنظام القائم.

       1-اختلالات السياسة الأمنية المتبعة

  تبنت جماعة العدل والإحسان منذ تأسيسها مع الشيخ عبد السلام ياسين النهج السلمي في معارضتها لنظام الحكم بالمملكة .غير أنها هذا لم يمنع من اصطدام الجماعة مع أجهزة النظام الأمنية . فقد دخلت الجماعة في رهان قوة مع السلطة تمثل خاصة من خلال مجموعة من المظاهر كالمشاركة في بعض المسيرات الجماهيرية ، أوإقامة مخيمات بالشواطئ…وقد أسفر هذا الرهان على لجوء السلطة إلى العمل على احتواء تحركات الجماعة و مضاعفة التضييق على نشاطها من خلال شن حملة من الاعتقالات داخل نشطاء فصيلها الطلابي في مختلف الجامعات المغربية ؛ خاصة في جامعات سطات ومراكش و المحمدية والجديدة التي  كانت تعتبر مركز ثقل فصيل العدل و الإحسان ،ومصادرة منشوراتهم الثقافية و النقابية . بالإضافة إلى تقديم مجموعة من نشطاء الجماعة إلى المحاكمة سواء في بني ملال ، وسطات ، والمحمدية وتطوان والجديدة و غيرها ؛ حيث صدرت في حق بعضهم أحكام بالسجن. وكذا منع الترخيص لمظاهراتها الاحتجاجية كمسيرة التضامن مع الشيشان و تخليد ذكرى اليوم العالمي لحقوق الانسان ، حيث تم بهذا الصدد اعتقال بعض أعضاء الجماعة بالرباط و قمع كل التجمهرات التي نظمتها الحركة في مختلف مدن المملكة كتطوان و الجديدة ومراكش وغيرها.كما واصلت هذا التضييق حتى بعد رحيل شيخها عبد السلام ياسين سواء من خلال الحد من عدد المشاركين في جنازته أو من خلال تشميع بيت خلفه بالجماعة إلى غير ذلك من التضييقات الأمنية.

وبالتالي، فهذه التجربة السياسية المريرة للجماعة مع الإجهزة الأمنية لنظام الحكم بالمغرب ، دفعت الجماعة في وثيقتها السياسية أن تفرد حيزا لما اعتبرته اختلالات أمنية اعتبرتها الوثيقة السياسية للجماعة نابعة من مرتكزات العقيدة الأمنية للنظام القائمة على “خدمة نظام الحكم أكثر من خدمة الوطن “والتي تحصر مفهوم الأمن العام في إطار ضيق بدل “مفهوم الأمن المجتمعي بما يقتضي من ن صون لكرامة الإنسان وحريته”. ووفق هذا المنظور عادة ما تلجأ الأجهزة الأمنية للعنف المفرط في فض التجمعات العمومية في الشوارع من تظاهرات ومسيرات شعبية التي تعتبرها غير مرخصة ،  مما أدى إلى “انتشار بعض مظاهر الانفلات الأمني المقلق ” في منظور القيادة السياسية للجماعة. بالاضافة إلى ذلك ، عادة ما لجأ ت السلطات الأمنية في قمع معارضيها السياسيين إلى مجموعة من الوسائل غير المشروعة في نظرها والتي تتمثل في الكثير من الأحيان في ” تحرك أجهزة المخابرات خارج الضوابط القانونية”  كخرق خصوصيات بعض المواطنين من خلال “اللجوء بشكل متنام للتجسس غير القانوني، و فربكة ملفات أخلاقية وتوظيفها لتخويف ومحاكمة المعارضين”  بل لجوء الأجهزة الأمنية في “بعض الأحيان، إلى التعذيب والاحتجاز السري للمعارضين.” ولعل مما يساهم في هذه الاختلالات الأمنية في منظور الوثيقة “غياب قواعد ومعايير واضحة لحكامة أمنية وطنية وللتدخلات الأمنية، ووجود ممارسات غير ديمقراطية وسط الجسم الأمني ، بالإضافة إلى عدم “خضوع الجهاز الأمني للحكومة إلا بشكل صوري.”

       2-إصلاحات السياسة الأمنية المتبعة

    ترى الوثيقة إلى أنه على الرغم  من سن نظام الحكم لبعض الإصلاحات لتحديث أجهزة  مؤسسته الأمنية  خلال السنوات الأخيرة، فما تزال السياسة الأمنية في حاجة إلى إصلاحات عميقة تهم  تعديل مرتكزات العقيدة الأمنية والتي  من أهمها “حماية الأمن العام بشكل احترافي والابتعاد عن توظيف الأمن والمخابرات في أتون الصراع السياسي. كما ينبغي أن تتوسع  مرتكزات هذه العقيدة إلى ” جعل الأمن بمفهومه العام ضرورة من ضروريات الحياة السياسية وحقا من حقوق الإنسان” بالمملكة ، ولتشمل خدمة الأمن بالمدن والحواضر و “وجعل أجهزة الأمن بمختلف أصنافها في خدمة المواطن والوطن.”

ووفق هذا السياق الإصلاحي ، تقترح الوثيقة تحسين آليات العمل الأمني من خلال :

  • ترشيد تدبير الموارد البشرية من خلال إعادة تحديد أدوار جديدة للقوات الأمنية

المعروفة بقوات التدخل السريع.

       -إعادة الاعتبار للموارد البشرية والأمنية من خلال الحد من الشطط الذي يمارس

عليها، واحترام حقوق العاملين فيها ، وتحسين ظروف اشتغالهم، والسماح لهم بممارسة العمل النقابي.

    –  إدماج البعد الأخلاقي والاجتماعي والحقوقي في السياسة الأمنية، وإدماج التربية

على حقوق الإنسان في برامج تكوين الشرطة.

-تطوير استعمال الوسائل الحديثة والرقمية في  تدبير المرفق الأمني، بما يحقق شفافية أكثر في الفعل الأمني، ويضمن تقديم خدمة أمنية سريعة وأكثر جودة.

وبالإضافة إلى تطوير الموارد البشرية للمؤسسة الأمنية وتحسين أدائها ، تقترح الوثيقة   تأسيس معهد للدارسات الأمنية لرصد وتتبع السياسات الأمنية بالمملكة ، وكذا  إخضاع مختلف أجهزة الأمن والمخابرات للمراقبة البرلمانية  والمحاسبة القضائية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي