شارك المقال
  • تم النسخ

بؤرة كورونا بالجزائر.. البليدة تبحث عن الممرضة التي غنى لها رابح درياسة لتخليصها من الوباء!

هل كان يدرك الفنان الجزائري المعروف رابح درياسة  لما غنى أغنيته المشهورة “قولولها الممرضة “، أن مسقط رأسه مدينة البليدة ستكون بؤرة لفيروس خطير بمثل “كورونا” ، وتغدو هذه المدينة الساحرة بحاجة ماسة إلى ممرضة لتداوي وترعى المرضى في مدينة الورود التي التهم فيروس كورونا اللعين رحيقها، وإعادة البسمة على محيا سكانها ؟

مدينة البليدة تبحث عن ممرضة درياسة لتغالب الوباء

مدينة البليدة الواقعة على مشارف الجزائر العاصمة، من الولايات الأكثر هدوء وراحة لجمال موقعها الجغرافي وتضاريسها الشامخة، سميت بمدينة الورود لارتباطها الوثيق ببساتين الورود والياسمين المحيطة بها من كل جهة، تفوح منها روائح زكية تثلج الصدور وتريح القلوب الحزينة.

سكان عاصمة الورود، والتي تحولت إلى بؤرة وباء فيروس كورونا، ليسوا في أحسن احوالهم خلال هذه الفترة العصيبة، بعد أن سدت كل الطرق المؤدية لمدينتهم الهادئة، بسبب انتشار فيروس كورونا الذي تفشى بين جدرانها واخترق الوباء بيوتها بيتا بيتا، ليسيتيقض أهاليها المسالمين على أخبار الموت يوميا والإصابة بهذا الوباء المستجد ..

تحولت حياة سكان مدينة البليدة إلى كابوس حقيقي وطبعت أيامهم مشاهد الرعب والخوف، عقب تهاطل الاخبار يوميا حول ارتفاع الحالات المسجلة لفيروس كورونا التي فاقت 150 حالة، أي نصف  ما سجلته البلاد من إصابات ، والوفيات التي بلغت 12 حالة .

سكان مدينة البليدة باتوا يترقبون يوميا الإحصائيات التي تقدمها وزارة الصحة والتي في كل مرة لايخلوا ذكر المدينة من الإصابات المسجلة والوفيات، وهو ما وضع مواطنيها تحت الصدمة والرعب، وزادهم الوضع تأزما مع فرض حظر للتجوال بصفة شاملة وأغلقت كل الطرقات المؤدية لها في مشهد يبدو لناظره انها مينة أشباح ولا يسكنها أحد.

أحلك الأيام تمر بها ولاية البليدة، التي لم يسبق لها وأن عايشتها حتى وقت المأساة الوطنية، العشرية السوداء، حين كانت المنطقة تحت رحمة الجماعات المتشددة التي قضت على اليابس والأخضر.

تقول الروايات القادمة من البليدة أن شخصا توفي قبل أيام فقط فرفض الجميع تغسيله وحضور جنازته خوفا من تنقل الفيروس القاتل إليهم … هذا لم يكن يحدث في العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر !

 أخبار الموت لا تكاد تنقطع في كل يوم في مدينة اشتهرت باسم مدينة الورود ،التي سجلت  أولى حالات الإصابة بفيروس كوفيد 19 بعد أن دخل إليها عن طريق عائلة مغتربة، حيث تقرب منها أهلها ومعارفها في مناسبة فرح عائلية، وقتها لم يكن يعلم كل من حضر تلك المناسبة أن الفرحة لن تدم طويلا بل الفرحة ستتحول إلى مأتم، بسبب نقل فيروس كورونا من فرنسا إلى مدينتهم ليصيب عشرات من الأفراد لهم علاقة قرابة، وهكذا نتشر الوباء من بيت لآخر إلى ان وصل الرقم إلى 150 حالة إصابة مؤكدة وما خفي أعظم..

لسان حال المدينة يتساءل في ذهول من هول الفترة العصيبة التي تمر منها: أين الممرضة التي غنى عنها رابح درياسة… قولوا لها الممرضة؟

لقد بات أهل البليدة في حاجة إلى الممرضة التي تداوي المرضى الذين فرضت عليهم كورونا حصارا مشددا وعزلة غادرة لم يكن أحد من سكان البليدة ينتظرها أو يتصورها.

كرونولوجيا تحول البليدة لبؤرة فيروس كورونا

في الثاني من شهر مارس من السنة الجارية، أعلنت وزراة الصحة الجزائرية في بيان لها تسجيل حالتي إصابة بالفيروس، ويتعلق الأمر بأم (53 سنة)، وابنتها 24 عاما تقطنان بمدينة البليدة، وقالت بأن العدوى انتقلت إلى الأم وابنتها من قريب لهما مقيم بفرنسا يبلغ من العمر 81 سنة، قدم لزيارتهما في الفترة ما بين 14 إلى 21 فبراير الماضي.

المغترب الجزائري تبين أنه مصاب بفيروس كورونا المستجد عند عودته إلى فرنسا، وفي ذات اليوم أعلنت الصحة الجزائرية من جديد ارتفاع عدد الإصابات بـ “كورونا” المستجد إلى 5 حالات من نفس العائلة بولاية البليدة.

وبعد ارتفاع عدد الإصابات بهذا الفيروس، أعلنت السلطات الجزائرية حالة استنفار لتحديد وتتبع الأشخاص الذين كانوا على اتصال بالجزائري المقيم في فرنسا، وأيضا بالأشخاص الذين كان لهم اتصال بالمصابين من نفس العائلة ،

وبعد 24 ساعة فقط (الثلاثاء) أعلنت مجددا وزارة الصحة  تسجيل ثلاث حالات إصابة جديدة بفيروس “كورونا”، ليرتفع عدد المصابين إلى ثمانية كلهم من عائلة البليدة.

وبعدها بيوم واحد فقط أي يوم الأربعاء، ارتفع عدد المصابين ليصل إلى 11 حالة من نفس العائلة، و16 حالة مساء اليوم ذاته وكلهم من نفس العائلة بمنطقة بوفاريك بولاية البليدة.

 دعوات لحجر صحي على ولاية البليدة

تسبب الوضع الصحي المتأزم الذي خلت فيه مدينة البليدة لمطالبة الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، من وزارة الصحة  للحجر على الولاية بأكملها للحد من انتشار الفيروس ومحاصرته في مكان تواجده، ووجهوا سيلا من الإنتقادات للسلطات وقالوا باأها تأخرت كثيرا في حصر وتتبع الأشخاص الذين كان لهم اتصال بالمهاجر الجزائري الذي زار عائلته بولاية البليدة.

وطالب بعض النشطين في الفضاء الأزرق من مثفين وإعلاميين ومختصين في المجال الصحي بضرورة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بداية من المدارس والجامعات والأماكن والمواصلات العامة، ومنع التنقل من وإلى محافظة البليدة، وتساءل بعضهم لماذا لا يتم عزل مدينة البليدة مثلما فعلت الصين مع مدينة ووهان ؟ .

وتسبب الوضع في مشاكل نفسية للكثير من مواطني البليدة ممن عايشوا ساعات من الرعب عند بداية انتشار الفيروس حيث  تم إجلاء 46 طالبة جامعية بالبليدة رفقة أستاذة إلى مستشفى مدينة بوفاريك في الولاية  اشتبه  في إصابتهم بالفيروس، لكن التحاليل جاءت كلها سلبية وأثبتت أنه لا علاقة لهم بكورونا .

وبعدها بدأت حالات الإصابة بالفيروس تتزايد من يوم لآخر إلى ان بلغت رقما يعال نصف عدد  الإصابات التي سجلتها الجزائر التي تحصي لح الساعة 302 إصابة مؤكدة .

حجر تام على الولاية لمحاضرة الفيروس  

قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مساء يوم الإثنين الماضي فرض حجر شامل على ولاية البليدة وحجر جزئي على العاصمة الجزائر لمدة عشرة أيام، وإجراءات أخرى لمواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).

و أمر الرئيس تبون بالتطبيق “الفوري” للإجراءات التي قررها المجلس الأعلى للأمن وهذا بفرض حجر تام في البيوت لمدة عشرة أيام قابلة للتمديد في ولاية البليدة (50 كلم) جنوب العاصمة الجزائر مع منع الحركة من وإلى هذه الولاية الموبوءة.

ونصت الإجراءات على أنه يجب أن يكون الخروج من المنازل استثنائيا ومرخصا به مسبقا من قبل السلطات المختصة للشرطة وقوات الدرك، على أن يتم اتخاذ إجراءات استثنائية لضمان تموين السكان بالمستلزمات الطبية والمواد الغذائية.

ونصت أيضا على فرض حظر تجول جزئي في العاصمة الجزائر من الساعة السابعة مساء إلى السابعة صباحا لمدة عشرة أيام، على أن يتم تعميم هذا الإجراء على كل الولايات التي ظهر فيها أو سيظهر فيها الفيروس حسب الملاحظات اليومية لوزارة الصحة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي