شارك المقال
  • تم النسخ

التصاريح القنصلية تهدد بتأزيم الوضع.. السفير الجزائري يستعد للعودة إلى فرنسا

ذكرت مصادر إعلامية فرنسية، أن السفير الجزائري في باريس سعيد موسي الذي تم استدعاؤه في خضم الأزمة الأخيرة سيعود قريبا لمهامه في العاصمة الفرنسية. يأتي ذلك، على الرغم من تصاعد مظاهر الخلاف بين الطرفين في الأسبوع الأخير، عقب وقف السلطات الجزائرية تقديم تصاريح العبور لمواطنيها الذين صدرت في حقهم أحكام طرد من التراب الفرنسي.

وقالت مجلة جون أفريك إن عودة السفير الجزائري ستكون وشيكة، استنادا لمصدر دبلوماسي في الجزائر العاصمة، لم يحدد بالضبط تاريخ هذه العودة. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد استدعى سفير البلاد في باريس، في 8 فبراير الماضي، على خلفية حادثة هروب الناشطة السياسية أميرة بوراوي نحو فرنسا عبر تونس، بطريقة اعتبرتها الجزائر تنتهك سيادتها، كون هذه السيدة لم يكن مسموحا لها قضائيا بالمغادرة.

ويبدو هذا التطور الإيجابي في العلاقة بين البلدين، منطقيا بالنظر لتفضيل الرئيسين أسلوب التهدئة في التعامل مع القضية في الأيام الأخيرة. فالرئيس تبون في لقائه الأخير مع وسائل إعلام جزائرية، تجنب الحديث على الأزمة مع فرنسا ولم يطعن في العمل المشترك الذي تم الانطلاق فيه مع الرئيس ماكرون خلال زيارته الأخيرة للجزائر، واكتفى فقط بتلميحات حول قضية بوراوي، معتبرا أن هناك أطرافا في الداخل لديها أجندات خارجية، على حد وصفه.

أما ماكرون، فعلّق على الأزمة الأخيرة مع الجزائر، في ندوة صحفية عقدها بقصر الإليزيه بمناسبة طرح الاستراتيجية الجديدة لفرنسا في إفريقيا، قائلا “رسالتي واضحة.. سأواصل العمل الذي شرعنا فيه، فليست هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها ضربة، سنواصل العمل الذي قمنا به منذ عدة سنوات حول ملف الذاكرة وغيرها، نريد تحقيق طموحات شبابنا”. وذكر أنه “متيقن من صداقة وإرادة وانخراط الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ومتأكد أننا مواصلة تسجيل تقدم في علاقات بلدينا”.

ويتوقع بناء على هذا المنحى، ألا تتأثر الزيارة المرتقبة للرئيس تبون نحو فرنسا في مايو المقبل، بعد حديث عن إمكانية مراجعة موعدها بسبب الأزمة، ورد فعل الإعلام الرسمي الذي تنبأ بمراجعة العلاقات مع فرنسا على خلفية قضية بوراوي. وينتظر الرئيسان، استكمال العديد من الورشات التي تم البدء فيها في إطار إعلان الشراكة المتجددة الذي تم توقيعه في الجزائر، والتي من أبرزها قضية الذاكرة التي أوكلت للجنة مشتركة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين وقضايا التنقل بين البلدين وترقية الاستثمارات ومحاربة الهجرة غير الشرعية وتكوين الشباب والتعاون الأكاديمي وغير ذلك.

وكادت الأزمة الأخيرة أن تعيد العلاقات لنقطة الصفر، وهو ما تخوف منه الإعلام الفرنسي الذي تفاعل بكثرة الأسبوع الماضي، مع أخبار تفيد برفض الجزائر إصدار تصاريح قنصلية، وهي وثائق أساسية للسماح بعودة الجزائريين المطرودين من فرنسا، وهو موضوع حساس في فرنسا في ظل النقاش اللامتناهي حول ظاهرة الهجرة وتأثيرها على المجتمع الفرنسي.

وسبق لقضية الامتناع عن تقديم تصاريح العبور، أن كانت في خريف سنة 2021 من أسباب الأزمة المتفجرة بين الجزائر وباريس، بعد تصريحات الرئيس ماكرون التي هاجم فيها النظام الجزائري، واعتبرها نظاما “عسكريا سياسيا، تبون عالق فيه”. ثم قرار وزير داخليته خفض منح التأشيرات للنصف لدول المغرب العربي الثلاثة في سياق انتخابي لمجاراة التحول اليميني حول موضوع الهجرة في المجتمع الفرنسي.

ووفق ما نقلته وسائل إعلام فرنسية في ذلك الوقت، فإن السلطات الجزائرية أصدرت تعليمات لشبكتها القنصلية في فرنسا بعدم ضمان أي جلسة استماع قنصلية وعدم إصدار أي جواز مرور بالنسبة للجزائريين الذين صدر في حقهم أمر بالترحيل من الأراضي الفرنسية. وبناء على ذلك، اتهم وزير الداخلية دارمانان، السلطات الجزائرية بعدم التعاون في استقبال مواطنيها المرحلين من فرنسا. لكن الرئيس الجزائري كذب تماما قي تصريحاته، أن تكون بلاده رافضة لاستقبال مواطنيها. وأشار إلى أن عدد الطلبات التي تسلمتها السلطات الجزائرية لا يتعدى العشرين، بينما الوزير الفرنسي قد ذكر عددا ضخما من الطلبات المرفوضة.

وفي كانون ديسمبر الماضي، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، خلال زيارته للجزائر، عن العودة إلى علاقات قنصلية “عادية” بين البلدين والرجوع بها إلى فترة ما قبل وباء كورونا، لاسيما ما تعلق بمنح التأشيرات. ويأتي الاتفاق الجديد، تجسيدا لما ورد في إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة الذي اتفق فيه الطرفان على تحديد الخطوط العريضة لتعاون أكبر في مجال تنقل الأشخاص لا سيما للطلاب ورجال الأعمال والعلماء والأكاديميين والفنانين ورؤساء الجمعيات والأنشطة الرياضية، مما يسمح بمزيد من المشاريع المشتركة. لكن إشكال التأشيرة، رغم إعلانات النوايا، لا يزال قائما لغاية الآن، فنسبة الرفض لا تزال مرتفعة، وفق المتابعين لهذا الملف.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي