شارك المقال
  • تم النسخ

الأمن المائي في المغرب.. كيف تستفيد الشركات الإسبانية من الأزمات المائية وتحولها إلى فرص اقتصادية؟

يواجه المغرب، تراجعا حادا في هطول الأمطار، يرافقه انخفاض كبير في منسوب المياه في خزاناته، ويعد الجفاف الذي يعاني منه المغرب من أشد موجات الجفاف في تاريخه، حيث يمتد دون انقطاع لأكثر من ست سنوات.

وأقر نزار بركة، وزير التجهيز والماء، بأن هطول الأمطار انخفض بنسبة 67% عن المعدل السنوي، كما انخفضت تدفقات المياه إلى الخزانات بنسبة 66%، بالإضافة إلى ذلك، أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تكثيف تبخر المياه المخزنة، مما أدى إلى تقليل موارد المياه المتاحة وشكل تهديدًا كبيرًا للأمن المائي في البلاد.

وتسلط أزمة المياه الضوء على العلاقة بين الماء والغذاء، حيث أنها تؤثر على الأمن الغذائي للمملكة، حيث أضرت الظروف الجوية السيئة والنقص المستمر في المياه بالقطاع الزراعي المغربي بشدة، وهو أمر حيوي للاقتصاد الوطني.

وفي الربع الرابع من عام 2023، وصل التباطؤ إلى 5.2% على أساس سنوي، مقابل 6.9% على أساس سنوي في الربع الأول، وبحسب تقرير المجلس الأعلى للتخطيط، فإن هذا الانخفاض في القيمة المضافة للفلاحة المغربية يعزى أساسا إلى نقص المياه، الذي تفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة الموسمية عن المتوسط، مما أثر سلبا على المحاصيل.

وفي موسم 2022-2023، انخفض إنتاج الحبوب بنسبة 15% عن متوسط السنوات الخمس الماضية، علاوة على ذلك، من المتوقع أن يتفاقم الوضع، لأنه إذا احتل المغرب في عام 2020 المرتبة 27 في العالم من حيث الإجهاد المائي، فمن المتوقع أن يصعد إلى المرتبة 19 في عام 2040.

استراتيجية المغرب

وتبنت المملكة المغربية استجابة استباقية تعتمد على الإدارة المتكاملة للمياه، وفي هذا الصدد، تؤكد الحكومة المغربية على الأهمية الحيوية للمنظمات الدولية مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي في تقديم المساعدة المالية والتقنية لتعزيز الأمن المائي للبلاد.

وتتجسد هذه الشراكات من خلال الموافقة على برامج تمويل بملايين الدولارات تدعم تنفيذ الخطة الوطنية للمياه 2020-2050، والتي تتمحور حول ثلاثة أهداف رئيسية: تعويض العجز المائي، وربط الأحواض المائية، واستكشاف إمكانيات جديدة للمياه. إدارة.

وتغطي الإجراءات المتخذة مجموعة واسعة من الاستراتيجيات، بدءًا من تلقيح السحب وحتى بناء ما يعرف باسم “الطرق المائية السريعة”، ومع ذلك، يبدو أن الأولوية هي لتحلية المياه.

وأطلقت الحكومة العديد من الخطط لبناء محطات تحلية المياه، بهدف أن يأتي 50٪ من إمدادات مياه الشرب بحلول عام 2030 من عمليات تحلية المياه، وذلك للاستخدامات الزراعية والحضرية بشكل أساسي.

وينطوي تمويل هذه المشاريع على التعاون بين القطاعين العام والخاص المغربي، وهو نهج يمكن أن تستفيد منه إسبانيا.

إسبانيا كشريك في التخفيف من آثار الجفاف في المغرب

وقد أظهرت الحكومتان موقفاً تعاونياً، حيث قدمتا إشارات رمزية ومادية على التزامهما المشترك في مكافحة الجفاف، وينعكس ذلك في التعاون الاستراتيجي لتعزيز القدرة على مواجهة تحديات تغير المناخ.

كما ينعكس في الإعلان المشترك الصادر خلال الاجتماع الرفيع المستوى الثاني عشر في فبراير 2023، وتولد أزمة المياه هذه فرصًا مهمة للشركات الإسبانية، في سياق اقتصادي وكانت العلاقات بين البلدين مكثفة تقليديا.

وتثري تجربة الشركات الإسبانية بالمغرب، في تطوير مشاريع رائدة في قطاع المياه، هذه الرواية لأكثر من عقد من الزمان، حيث كانت أبينجوا (كوكسابينجوا الآن) في طليعة تطوير المشاريع ذات المستوى العالمي في المغرب العربي، مما ساهم بشكل كبير في الأمن المائي والتنمية المستدامة في المغرب.

وتشمل الأمثلة الرمزية تنفيذ التقنيات الحديثة في تحلية المياه وإدارة المياه بكفاءة، ويجسد تواجد أبينجوا المستمر في المغرب التزام إسبانيا بتعزيز الأمن المائي للبلاد والاستفادة من الفرص التجارية في سوق المياه.

وتنوي الحكومة الإسبانية تعزيز وجود الشركات الإسبانية في هذا السوق، على سبيل المثال، في عام 2023، وافق مجلس الوزراء على اعتماد قابل للسداد بقيمة 5 ملايين يورو لتركيب محطات معالجة المياه في المغرب.

تحويل الأزمات إلى فرص استثمارية

وتم تعزيز هذا الالتزام من خلال تقديم ما يصل إلى 800 مليون يورو في شكل خطوط ائتمان للشركات الإسبانية التي تستثمر في المغرب العربي، مع التركيز على مجالات مثل الطاقات المتجددة والمياه وتحلية المياه والبنية التحتية والخدمات اللوجستية والصناعة والابتكار.

وتعتبر الشركات الإسبانية رائدة وقادة على مستوى العالم في تصدير التكنولوجيا والخبرة في مجال تحلية المياه وإعادة استخدام المياه، وفي الواقع، خمس منها من بين الشركات العشرين في العالم التي تمتلك أكبر قدرة مثبتة لتحلية المياه، بما في ذلك شركة واحدة في المركز الأول.

وقد مكن هذا الالتزام من إنجاز مشاريع طموحة مثل محطة تحلية المياه بالدار البيضاء، التي طورتها شركة إسبانية أخرى، باستثمار قدره 800 مليون أورو وبطاقة يومية تبلغ 548 ألف متر مكعب.

وبحسب الخبراء، فإن تحليل الأمن المائي في المغرب من منظور SWOT، يمكن اعتبار نقاط الضعف بمثابة فرص للشركات الإسبانية، في حين يظهر الجفاف وتخفيف آثار تغير المناخ كمجالات للتعاون بين حكومتي إسبانيا والمغرب.

وتشير التقارير، إلى أن الحكومة والشركات الإسبانية في حالة تأهب ليس فقط لتعزيز العلاقات التجارية في بلد يتوسع فيه قطاع المياه حاليًا، ولكن أيضًا لأن الخبرة المكتسبة قد تكون حاسمة في منع المواقف المناخية والتخطيط لها عاجلاً وليس آجلاً.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي