شارك المقال
  • تم النسخ

استفحال مظاهر الجريمة الإلكترونية يهدد ورش الرقمنة في المغرب

برزت الرقمنة كنتيجة للتطور الحاصل في الميدان التكنولوجي والتقني وتعاظم دورها خاصة في الدول المتقدمة، ففرضت نفسها كنمط جديد يدير العلاقات الاجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وييسر التعاملات التجارية والاقتصادية بين مختلف الفاعلين الرسميين وغير الرسميين في علاقتهم بالمواطنين، ما حدا بالمغرب إلى مواكبة هذه الطفرة التكنولوجية بشروعه في العمل بورش الإدارة الإلكترونية واعتماد العمل والتعليم عن بعد في القطاعات التي تتيح ذلك، لاسيما بعد تفشي فيروس كورونا الذي فرض التقيد بالاجراءات الاحترازية وملازمة البيوت، غير أنها لا تخلو من تبعات سلبية لطالما هددت الحياة الخاصة بالأفراد فيما يعرف بالجريمة الإلكترونية.

بعد اتخاذ السلطات المغربية لقرار الحجر الصحي بداية العام المنصرم، بات إكمال السير العادي للمؤسسات والمرافق العمومية أمرا ضروريا، فسارعت إلى توفير جميع الخدمات من تعليم وصحة واقتصاد وعمل عن طريق الاستعانة بالرقمنة التي تتيح التواصل والتفاعل عن بعد بالصوت والصورة بمجرد الربط بشبكة الأنترنيت.

تؤكد التقارير والدراسات إلى أن الجرائم الإلكترونية قد سجلت تزايدا ملحوظا في زمن كورونا، متجاوزة الجرائم التقليدية، وذلك بفعل استغلال الشبكات الإجرامية حاجة الأفراد للشبكة العنكبوتية لتلبية حاجياتهم المختلفة، ناهيك عن الإقبال الواسع والمستمر على وسائل التواصل الاجتماعي ك”الفايسبوك وواتساب” كبديل للقاءات المباشرة لتفادي انتشار العدوى.

“عادل” هو شاب في عقده الثاني، اعتاد تصفح مواقع التواصل الاجتماعي بشكل دائم ومستمر إلى حد الإدمان، حكى ل”جريدة بناصا” تفاصيل الجريمة الإلكترونية التي كان ضحيتها حينما باشره حساب فيسبوكي يحمل صورة فتاة بالحديث معه ومحاولة استمالته لكي يتواصل معه عبر تقنية الفيديو، وهو الأمر الذي تم بموافقته بعد إغوائه، وتفاجأ الشاب بفتاة تبدو بمظهر مخل للحياء تقوم بحركات جنسية قرابة دقيقتين.

واسترسل “عادل” حديثه بإحساسه بالصدمة لما حل به، ويقول: “أثناء استغرابي من أفعال تلك الفتاة انقطع الإتصال فجأة، ووردتني في حينه رسائل تحتوي وعيدا وعبارات توحي بأنني وقعت فعلا في فخ الابتزاز، وأن المجرم عمد على فبركة شريط يُظهر أنني كنت في علاقة حميمية مع تلك الفتاة عبر تقنية الفيديو، وطالبني بمبلغ 2000 درهم وإلا ستذهب سمعتي وكرامتي في مهب الريح بنشر الشريط على المواقع الإباحية وإرساله لأصدقائي وأفراد عائلتي”.

من المعروف أن ابتكار الوسائل الرقمية الحديثة صاحبه تطوير لوسائل الحماية المعلوماتية لضمان الأمن السيبراني، اختراق الحسابات الإلكترونية، نشر برمجيات على هيئة روابط تشجع المتصفحين على الضغط عليها لمتابعة الأحداث والوقائع البارزة على غرار أخبار جائحة كورونا، كلها عوامل من شانها أن تخترق تلك الحماية المفترضة وأن تُسقط الأفراد في جرائم هم في غنى عنها تجري أطوارها على منصات الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.

وذكر “يوسف العسولي” الباحث في العلوم الجنائية والأمنية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لـ”جريدة بناصا” أن “الجريمة المعلوماتية تعد نوعا مستحدثا من الجرائم التي اقترنت بالوسيط الرقمي والتقنية المعلوماتية على وجه الخصوص، ولها مسميات عدة من بينها إساءة استخدام الحاسوب، احتيال الحاسوب، الجريمة المعلوماتية، جرائم الحاسوب، جريمة التقنية العالية والسيبير كرايم”.

ويشير “العسولي” إلى أن “الجرائم الالكترونية تتنوع باختلاف مرتكبيها والأسلوب المتبع في ارتكابها، وتتفرع إلى ثلاثة أصناف أولها جرائم الشرف الواقعة على الأشخاص مثل السب، القدف، تشويه سمعة، التخويف، التهديد والمضايقة. ثانيها الجرائم التي تقع على الأموال كجرائم السطو على الأبناك والمؤسسات العمومية، وكذا بطائق الائتمان الالكترونية. آخرها الجرائم التي تقع على أمن الدولة كالإرهاب الالكتروني، جرائم التجسس على الأشخاص والمنظمات الدولية من أجل إفشاء أخبار سياسية أو اقتصادية”.

وتابع “المتحدث” بالقول على أن تنامي الرقمنة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المغرب واكبه تطور مقابل في وسائل الجريمة المعلوماتية والالكترونية، “الأمر الذي جعل المجرم المعلوماتي هو أيضا يبتكر ويجتهد في تحديث جرائمه الذي بإمكانه أن يرتكبها من أي مكان وفي أي زمان”.

ويضيف “الباحث” على أن “التوظيف المتسارع للإدارة الرقمية في جميع الميادين الداخلية والخارجية جعل المشرع المغربي يسن جملة من القوانين التي تجرم كل الأعمال الغير المشروعة في المجال الرقمي. في هذا الصدد، يلعب كل من القانون رقم 05.20 المتعلق بالأمن السيبراني والقانون رقم 43.20 المتعلق بالتقة بشأن المعاملات الإلكترونية، دورا رئيسيا في حماية ومنع ومعاقبة مرتكبي الجرائم الإلكترونية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي