شارك المقال
  • تم النسخ

نافورة الدار البيضاء بدون حمام !!؟

شرعت السلطات المحلية في تنزيل قرار المجلس الجماعي السابق للدارالبيضاء الذي كان يترأسه عمدة المدينة السابق عبد العزيز العماري ، والقاضي بمنع مرتادي ساحة محمد الخامس أو ما يسمى بساحة الحمام من إطعام حمام نافورة الدارالبيضاء . ولعل الملفت في هذا القرار هو “خبثه الإداري” حيث أنه بالإضافة إلى ربط عدم إطعام حمام النافورة “بعدم إطعام الكلاب الضالة” ، في خلط يرمي إلى التنفير من إطعام هذه الطيور التي ترمز إلى الحياة والسلام ، فهو يستخدم  اللوحة المنصوبة بالساحة لفرض تجويع منهجي للدفع بحمام النافورة إلى مغادرة هذا المكان الذي تربى فيه وألف العيش متعايشا مع  مهنيي هذه الساحة من مصورين وبائعي الحبوب ، وأصحاب اللعب …ومرتاديها من ساكنة المدينة من أطفال وآباء وأمهات وسواح العاصمة الاقتصادية مغاربة وأجانب من مختلف الجنسيات.

 ولتحقيق هذا “الغرض الخبيث “، لم تكتف  الشركة  التابعة للمجلس بنصب شباك صيد العشرات من هذا الحمام الوديع بشكل ينتهك قوانين حماية الحيوان ، بل أقامت لهذا الغرض لافتات تحيط بالنافورة تحمل علامات تواصلية توصي بعدم إطعام الحمام من قبل مرتادي هذه ساحة الحمام الشيء الذي خلف استياء العديد من مواطني المدينة الذي ارتبطت مراحل حياتهم بذكريات التقاط صور مع هذا الحمام وهو يأكل من راحة أيديهم الممدودة وتفنن مصوري الساحة في توثيق هذه الصور بحرفية عالية وذوق فني رائع . بالإضافة إلى ذلك فإبعاد هذا الحمام عن نافورته سيجعل هذه النافورة عبارة عن ديكور اسمنتي ميت يفتقد الانتعاشة والحيوية التي تخلقها تحويمات هذا الحمام على جنبات النافورة أو الطيران فوق رؤوس وبين أرجل مرتادي الساحة على اعتبار أن هذا الحمام يدخل ضمن تشكيلة المشهد العام للنافورة التي يقصدها سكان المدينة من أجل الترويح و الاستجمام، خصوصا الأطفال الذين يروق لهم إطعام الحمام ومحاولة الامساك به مما يدخل البهجة و السرور على نفسياتهم، ناهيك عن الزوار الاجانب الذين يأتون لزيارة النافورة التي تعتبر من معالم المدينة والتمتع بمحيطها وأجوائها. وبالتالي ، فإن هذا القرار وكيفية تنزيله لا يمكن أن يصدر إلا عن جاهل بتاريخ المدينة وفاقد لأي روح جمالية أو فنية التي تميز هذه الساحة  و مرتاديها . كما أنه لا يتماشى مع أي تعاليم أخلاقية أو دينية تحث على الرحمة والعطف على كل أنواع المخلوقات والحيوانات وبالأخص الحمام الذي  كان دائما يجسد رمزية السلام  مما يطرح التساؤل الغريب عن صدور هذا القرار من عمدة ينتمي إلى حزب ذي مرجعية إسلامية ودينية ؟!

ومما يزيد من عبثية هذا القرار بمبرر الحد من الأضرار التي تسببها مخلفات الحمام (البراز)الذي يتواجد بأعداد كبيرة والذي يلحق أضرار بواجهات المؤسسات و المباني السكنية المجاورة للنافورة وعبأ ذلك على المجلس و على السكان، هو تناقضه مع انتشار الحمام في مختلف أنحاء العاصمة الاقتصادية ، بل لقد تم خلق ساحات خاصة لتحلق هذا الحمام واقتتاته  منها.فكيف يعقل أن يتم غض الطرف على هذا الانتشار بدعوى خلق حيوية في المدينة ويتم التضييق على اقدم حمام لأعرق ساحة بوسط هذه المدينة

وبالتالي ، فإن عملية هذا الإعدام الجماعي لهذه الطيور التي لازمت هذه النافورة التاريخية لأزيد من 50 سنة، دون التسبب في أدنى ضرر لسكان وزوار العاصمة الإقتصادية على مدى خمسة عقود متواصلة، لا يمكن إلا ربطه بمخطط إجهاز ممنهج يستهدف طمس معالم المدينة التاريخية ، والذي بدأ بهدم المسرح البلدي في ثمانييات القرن الماضي، أعقبها هدم النافورة الموسيقية التي كانت تختزل ذكريات كثيرة لسكان وزوار المدينة ، ليتلوها هدم مآثر معمارية تمثلت في هدم ثانوية الضيعة البيضاء التي سميت فيما بعد بثانوية مولاي يوسف (قبة والو)، ليتم بعد ذلك هدم فندق الشينوا بعدما سبق أن تم هدم فندق أنفا الذي جمع كبار قادة الحرب العالمية الثانية كروزفلت وتشرشل ومحمد الخامس. من هنا ، يبدو أنه بعد الإجهاز على نافورة مدينة الدار البيضاء الشهيرة، جاء الدور على حمامها الذي يعتبر جزءا من ثقافة المدينة وتاريخها. والذي ارتبط بأشهر ساحة بوسط المدينة التي كانت تسمى بساحة ليوطي وساحة فرنسا  لتسمى بعد الاستقلال بساحة محمد الخامس . لكن بسبب تمركز الحمام في الساحة، عرفت دائما لدى ساكنة الدار البيضاء باسم “ساحة الحمام”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي