شارك المقال
  • تم النسخ

ملاحظات حول تصريحات عبد اللطيف وهبي من خلال الندوة الصحافية

سليمة فراجي*

كم خلال متابعتي لما أورده الأستاذ عبد اللطيف وهبي من تصريحات في الندوة الصحفية التي أعلن خلالها ترشيحه للأمانة العامة لحزب الاصالة والمعاصرة، فوجئت بملاحظات مفادها أن  الإسلام السياسي مجرد فزاعة ولا يثير أي إشكال، على اعتبار أن إمارة المؤمنين إسلام سياسي أيضا، ووزراة الأوقاف إسلام سياسي، وأنه من البديهي أن تنتصر الأحزاب لهذه المرجعية.

لكن ما أثار استغرابي هو أن الشأن الديني بقوة الدستور هو من اختصاص إمارة المؤمنين،  هذه المؤسسة القديمة المرتبطة بالتاريخ القديم للحكم في المغرب، مؤسسة قائمة  الذات تخول للملك كممثل أسمى للامة تدبير الشأن الديني وتفويض تدبير هذا الشأن لمجموعة من المؤسسات تابعة له وتسترشد به.

ويعتبر المجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه الملك الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى، كما يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين ، لذلك فإن مقارنة إمارة المؤمنين بمرجعيات الأحزاب السياسية لا يجد له مرتكزا دستوريا، الأكثر من ذلك فإن الفصل السابع من الدستور لا يجيز أن تؤسس الأحزاب على أسس دينية أو عرقية  أو لغوية أو جهوية، على اعتبار أن عدم جواز مساسها بثوابت الأمة لا يعني أن تكون المرجعية التي ارتكزت  عليها مرجعية إسلامية، لأن الدين الإسلامي  من ثوابت الأمة الأربعة ولا يجوز لأي حزب المساس به، وأن الشأن الديني سواء تعلق الأمر بمواجهة القوى العلمانية أو الإسلامية هو من اختصاص إمارة المؤمنين بمقتضى الفصل 41 من الدستور.

ذلك هو دستور المملكة الذي لا يعتبر الدين الإسلامي  فزاعة لكونه أول ثوابت الأمة من حيث الترتيب، ولا يجيز للأحزاب أن تؤسس على الأساس الديني على اعتبار أن هذا الشأن يمارسه الملك حصريا ضمن  صلاحياته المتعلقة  بإمارة المؤمنين  (الفقرة الاخيرة من الفصل 41من دستور المملكة)،

من جهة أخرى فإن القول بأن أحزاب الدولة كلها أحزاب فاشلة وتعليق فشل حزب الأصالة والمعاصرة على تلقيه التعليمات من جهات عليا، يفنده كون المصرح كان من أبرز الوجوه في الحزب وتقلد  مهام رئاسة الفريق ونيابة رئيس مجلس النواب وعضو المكتب السياسي،  ورئيس لجنة العدل والتشريع.

فهل الإحساس وتشخيص بأن الحزب فاشل وأنه كان يتلقى التعليمات كان نتيجة صحوة مفاجئة جعلته يدرك اللحظة فقط ‎أن الحزب خطيئة وكان  له استقواء بالسلطة ؟

الأكثر من ذلك فإذا كان المصرح عبر عن احترامه للأحزاب الأخرى مع القول بترك مسافة الأمان معها، فمن باب أولى ان يحترم المناضلين المنخرطين في الحزب الذي ينوي الترشح لأمانته العامة، ذلك أنه صرح بالحرف أن تسيير الحزب أمر خطير لكون المناضلين يفتقدون إلى التجارب في المؤسسات، أي منطق هذا؟ هل هو الشعور بالزهو والغرور هو الدافع إلى الانتقاص من خبرة وتجارب المناضلين والمنخرطين في حز ب الأصالة والمعاصرة منذ ما يزيد على عقد من الزمن وهم الذين أتوا من أحزاب أخرى أو راكموا تجارب في مختلف المجالات ؟

اما التصريح الذي لم أجد له مرتكزا هو طريقة تعامل الحزب مع القضايا الوطنية إذ وعد المرشح بأنه سيكون له مواقف بشأنها، صحيح أنه تحدث على الاستمرارية وعلى القطيعة، ولعل الاستمرارية لا تقتضي الجحود والتنكر لمواقف الحزب الذي قاد حملات شرسة كلما كانت الوحدة الوطنية مستهدفة في مختلف المحطات وقد كنت أمينة جهوية وقدنا معارك كلما تعلق الأمر بسيادة الوطن، من يزايد علينا في حب الوطن ومقدساته ؟

أما القطيعة فإنها تعني القطع حتما مع الشخصنة والتي لا زال يمارسها المتحدث إذ كان يستقوي بالنداء على بعض الأسماء المعروفة خلال الندوة نفسها، كما أنه نسب إلى المرشح المنافس الدكتور الشيخ بيد الله الذي لم يكن حاضرا قصد الرد أنه ترشح بناء على طلب جهات عليا، والحال أنه لم يصدر أي تصريح عن المرشح يؤكد اداعاءات المصرح  إذ اكتفى الدكتور بيد الله بتقديم ترشيحه لأسباب تقتضيها حساسية المرحلة ودقتها نتيجة الصراعات الداخلية التي عرفها الحزب وأخطاء ارتكبها أشخاص معروفون انتصروا لقضاء مآربهم الشخصية والاغتناء على حساب الغير ولا يد للمناضلين أو لحزب تأسس كباقي الأحزاب، إلا أنه انحرف عن مساره ومشروعه المجتمعي الحداثي.

ولعل الصحوة الجماعية لمناضليه بدون استثناء هي وحدها الكفيلة بإرجاعه إلى مساره الذي تأسس من أجله لمغرب قوي بجهاته وأبنائه وتاريخه، ومستقبل أفضل يضمن العيش الكريم بعيدا عن المزايدات وتغول الانا والاستمرار في عبدة الاشخاص وسياسة المريدين، فلنحترم أنفسنا، ولنحترم جميع المناضلين بدون استثناء ومن مختلف الجهات ! 

*محامية بهيأة وجدة وبرلمانية سابقة عن حزب الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي