نشر موقع “مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط” تحليلا بعنوان “لماذا تجبر غزة أوروبا على التحرك؟” للباحث البريطاني إتش. أي. هيلير، قال فيه إن الذكرى السنوية الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير الحالي ستكون بمثابة تذكير للأوروبيين بأن النموذج الأمني الآمن لأوروبا لا ينبغي لنا أن نعتبره أمراً مفروغاً منه.
ومع ذلك، هناك تحديات أخرى في الجوار الأوسع لأوروبا. وأكد أنه مع احتدام الحرب في غزة، يتعين على الاتحاد الأوروبي كمؤسسة، وأوروبا كقارة، أن يدركوا أن هناك ضرورات أمنية خطيرة تنشأ عن الصراع أيضاً.
وشدد الكاتب على أن وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ومن ثم إيجاد حل سياسي شامل للاحتلال الإسرائيلي، يخدم أهداف الاتحاد الأوروبي على مستويات الأمن والنفوذ والمصداقية، إذ يتوافق مع قيم الاتحاد.
وقال إن “الصراع في غزة لم يعد يقتصر على القطاع، حيث قُتل ما بين 25 ألفا و30 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، نتيجة القصف الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي”.
وأشار إلى أن “الحدود المتوترة بين لبنان وإسرائيل، واحتمال أن يجر الإسرائيليون “حزب الله” ولبنان إلى صراع أوسع، كما تواجه القدس الشرقية والضفة الغربية أزمة كبيرة؛ بسبب الاحتلال الإسرائيلي والعنف الذي يمارسه المستوطنون؛ مما أدى إلى مقتل مئات الفلسطينيين، بالإضافة إلى هجمات الحوثيين في اليمن عبر البحر الأحمر، والصراع المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة”.
ولفت إلى أن “كل هذا قريب من قبرص على الجهة الجنوبية للاتحاد الأوروبي، ويبعد قليلا عن اليونان، وما لا يقل عن نصف الدول التي تندرج ضمن سياسة الجوار الأوروبية، كالجزائر وأرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا ومصر وجورجيا وإسرائيل والأردن ولبنان وليبيا ومولدوفا والمغرب وسوريا وفلسطين وتونس وأوكرانيا، قد تتأثر بما يحدث”.
وحذر الباحث: “قد نحاول أن نعيش في وهم أن ما يحدث في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبقى في المنطقة، لكن الواقع مختلف. وإذا أصبح الصراع في غزة أكثر إقليمية، فقد تنجر أوروبا إلى دورات من التصعيد ستدفع ثمنها باهظا”.
وأردف: “كما تواجه أوروبا مشكلة إضافية، وهي من صنعها، وتتعلق بمصداقيتها في التعامل مع دول في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، حيث يسود الغضب والمعارضة على نطاق واسع للقصف الإسرائيلي لغزة”.
وأكد على أن “تضرر مصداقية أوروبا بشكل خاص، والغرب بشكل عام، على المستوى الدولي بسبب فشلها في دعم القانون الدولي والنظام العالمي العادل”.
واعتبر أنه “بالنسبة لأغلب دول العالم، فإن هجمات حركة حماس في 7 أكتوبر الماضي جاءت على خلفية الاحتلال الإسرائيلي القائم للأراضي الفلسطينية منذ عقود من الزمن”.
وأشار هيلير إلى أنه “على الرغم من اختلاف هذه التحديات، إلا أن هناك حلا موحدا لمعالجتها، وهو أن تتعامل أوروبا مع مثل هذه المواقف عبر التمسك بقيمها الخاصة. وهذا لن ينجح فقط فيما يتعلق بأهداف الاتحاد المعلنة، بل يتماشى أيضا مع المصالح الأوروبية على المستوى الدولي”.
ولفت إلى أن “أهداف الاتحاد تتجلى في المادة الثالثة من معاهدة لشبونة، التي تدعم بوضوح حقوق الإنسان وسيادة القانون، ليس فقط في الداخل، بل وأيضا في العالم أجمع. لكن هذا النفوذ معرض للخطر اليوم، فالاتحاد منقسم حول فلسطين”.
وشدد على أن “تبني سياسة متسقة للاتحاد تتماشى مع القيم الأوروبية، والتي تتضمن دعم القانون الدولي، يعني دفعا أكثر عالمية نحو وقف دائم لإطلاق النار في غزة، بما يخدم جهود التوصل إلى حل سياسي شامل ينهي الاحتلال الإسرائيلي”.
(القدس العربي)
تعليقات الزوار ( 0 )