شارك المقال
  • تم النسخ

بين رافضٍ ومرحّب.. هكذا قسم اغتيال سليماني الإسلاميين واليساريين بالمغرب

بناصا – أسامة بوكرين

بِحلولِ الساعة العاشرة مساءً يوم الثاني من يناير الجاري، شنّت القوات الأمريكية غارَة جوّية على موقعٍ مشتركٍ للقوات الأمريكية وقوات مكافحة الإرهاب، كما سُمِعت انفجارات قوية ناجمة عن سقوط 3 صواريخ في المحيط الخلفي لمطار بغداد الدولي .

ساعات قليلة بعد العملية، أصدَر الحشْد الشّعبي بلاغاً كشف فيه ان الغارة الجوّية أردفت خمسَ قتْلى في صفوف الحشد، منهم مسؤول العلاقات محمد الجابري اضافة الى “ضيفين” لم يتم الكشف عن هويتيهما، وهنا بدأت تخميناتْ وسائل الاعلام تُطِّل على الجنرال قاسم السليماني، الذي لم يستمر ذِكر اسمه على أنه هو “الضيف” حتى خرج المتحدّث الرَّسمي باسم الحشد الشعبي ليقول لوكالة رويترز “إن الأمريكيين والإسرائيليين وراء مقتل سليماني ” .

وأعلن الحرس الثوري الايراني بعد ذلك بدقائِق عن مقتل الجنرال قاسم السليماني، رئيس كتيبة فيْلَق القدس، فِي حين قالت الخارجية الأمريكية ان”الجيش وبناءً على تعليمات الرئيس قتل قاسم سليماني وذلك كإجراءٍ دفاعي حاسم لحماية الموظفين الأمريكيين بالخارج”.

مقتل قاسم السليماني، استَطاع أن يكشِف عن تبَاينٍ واضحٍ يحمِل في طيَّاتِه الكثير من التناقضات في علاقة التنظيمات الاسلامية واليسارية بالمغرب مع إيران ومواقف هذه التنظيمات المأدلجة من القضية السورية والأطراف المتدخلة فيها .

العدل والإحسان “اللاموقف”

ظلَّ الموقع الرسمي لجماعة العدل والإحسان فارغاً من أي خبر او بلاغ أو بيان رسمي بخصوص مقتل الجنرال السليماني، فمنذ العملية الى حدود السَّاعة ولم تربط بين الجماعة وهذه القضية سوى ما دوٌنهُ بعص أعضاء الدائرة السياسية للجماعة واعضاؤها .

عُمَر أحرشانْ، وهو أحد الوجوه السياسية البارزة لجماعة العدل والاحسان يُبيِّن في تدوينة فايسبوكية عن تعاطفه مع الجنرال السليماني، دون أن يَزِيحَ عن الموقف الرسمي للجماعة من إيران وتدخلاتها في القضية السورية، حيث كتب ان “الانتشاء بمقتل سليماني يعني الموافقة على البلطجة الأمريكية” .

وأضاف أحرشان، الذي يُعتبَر أحد الوجوه المعتدلة في جماعة العدل والاحسان ان “يد سليماني بيضاء في المقاومة بفلسطين ولبنان والأَوْلى أن يتِم تركيز الاهتمام على العمل القذِر الذي تقوم به الإدارة الأمريكية في المنطقة” مشيرا ان “المقاومة خسرت فاعلا كبيرا وأساسيا” .

وانتقدَ القِيَادي في الجماعة التي تعْتبِرها الدولة “محظورة” الزَّجَّ بالطائفية في هذا الصراع، معتبرا أن دول الخليج هي الخاسِرَ الأكبر من مقتل السليماني الذي اعتبر أنه وحَّدَ ايران وكشف ضعف آل سعود”، مضيفا ان “ايران وحدها عرفت كيف تفصِلُ بين المقاومة والطائفية لتكسب شعبيتها المهدورة في العراق”.

الجناح الدعوي للحزب الحاكم .. “العداءُ الصَّرِيحْ”

محمد اهلالي ، قياديٌ بارزْ، ووجهٌ معروف في الحركة الإسلاميَّة المغربية بمواقِفهِ المتشدِّدَة في بعض المحطّات السياسية والنقاشات الدينية، عبّر عن فرحته بمقتل سليماني معتبرا اياه “مجرم حرب إرهابي صغير مستأجر لدى الإرهابي الكبير وهو الامريكي” .

وأضاف الإسلاميُ المغربيْ، المنتمي للحِزبْ الحاكِم في المغرب، أن سليماني “قاتل في يد الثورة المضادة بجناحها الشيعي”، ليضِيفَ في تدوينة فايسبوكية كَالتْ كل العداء للجنرال السليماني ان ” شهداء سوريا وليبيا واليمن والبحرين سعداء بمصير هذا القاتل المأجور الغدر” .

اهلالي وضَع الجميع في سَلّة واحدة، ووجّه مِدفعيتِه نحو جميع الفُرقاء، وعبّر في تدوينة اخرى ان “قتل السليماني بتلك الطريقة المافيوزية التي يتقنها هو ووكلاؤه تشِي بتغيّرات في لعبة الاعتماد المتبادل بين الارهاب الدولي والاقليمي” .

وفي تصعيدٍ اكثر حِدّة، اعتبر القيادي في جماعة الاصلاح والتوحيد التابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكِم، أن “إيران والسعودية والإمارات هي الدول الحاضنة لهذا الارهاب” ليضيف ان “هذه الدول هي الداعمة للميليشيهات المسلحة التي تسعى لاسقاط الدولة الوطنية في بغداد وصنعاء ودمشق”.

ومقابل هذا الموقف الذي أيّده مجموعة من المنتمين لنفس الحركة، في التعاليق والتدوينات، لم يُسجَّل على حركة الاصلاح والتوحيد او حزب العدالة والتنمية ان خرجا بأي بلاغ رسمي حول مقتل سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الايراني، شأنهما شأن جماعة العدل والاحسان التي لم تعبر عن موقفها الرسمي من القضية أيضا .

اليسار الراديكالي ” موقِفٌ راديكالي واضح”

حِزب النهج الديمقراطي المغربي، أحد اكثر الاحزاب راديكاليةً في الأحزاب اليسارية، أدَانت بشدّة في بلاغ انعقاد لجنَتِها الوطنية مقتل السليماني واعتبرت الأمر “اغتيالا ارهابياً جبان” .

في يوم 5 يناير الجاري، عقد حزب النهج الديمقراطي اجتماع لجنته الوطنية تحت شعار “بناء حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين والجبهة الواسعة للتخلص من المخزن والرأسمالية المتوحشة”، من خلال هذا الاجتماع، أدان الحزب اليساري التّدخّلات الرأسمالية في الدول العربية، وانتقد بشدة الموقف الامريكي من ثورات الشعوب العربية مجددا دعوته لتوحيد صفوف “الجماهير” .

جاء في بلاغ النهج ان اللجنة الوطنية للحزب “تدين الاغتيال الارهابي الجبان الذي اٌقترفته الامبريالية الامريكية ضد الجنرال قاسم السليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ومهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي بالعراق ومرافقيهما” .

دعا الحزب اليساري الراديكالي المعارِض للدولة المغربية ما اعتبره “قوى حية” الى المزيد من النضال من أجل طرْد القواعد العسكرية الأمريكية من المنطقة، معتبرا ان “اغتيال السليماني يأتي في سياق سعي أمريكا لفرض هيمنتها على المنطقة ودعم الكيان الصهيوني ومحمياتها الخليجية” .

لولا المفاهيم التي تنْهل من القاموس اليساري الاشتراكي، لظنَّ المتتبع أن بلاغ حزب النهج صادر عن حزب أو تنظيم اسلامي، لما تضمنه من حديث عن المقاومة الفلسطينية والقومية العربية ومحاربة الكيان الصهيوني .

موقف النهج الديمقراطي لا يمكن اسقاطه على كافة التنظيمات اليسارية، فبعض المشارِكَة من هذه الأخيرة في اللّعبة السياسية أو الائتلاف الحكومي اختارت ايضا سياسة السكوت وعدم التدخل او التعليق عن قضية مقتل الجنرال قاسم السليماني درءً للدخول في متاهة “العلاقة مع ايران ودول الخليج” .

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي