شارك المقال
  • تم النسخ

الموارد المائية بجهة درعة تافيلالت بين خطر الاستنزاف والتلوث البيئي

محمد بلفلاح من الراشيدية

 تعتبر جهة درعة تافيلالت ثاني أكبر جهة من حيت  المساحة وطنيا،  تتجاوز ساكنتها المليون و ست مائة ألف  نسمة، ذات مناخ قاري، حار وجاف  صيفا، قارس شتاء، يتميز بشح التساقطات التي لا تتجاوز في أحسن الأحوال 100 ملمتر سنويا. ينعكس كل ذلك على  حجم الموارد المائية السطحية منها و الجوفية ، أمام كل هذا وإلى جانب التوسع العمراني الذي فرضه الانتشار السريع للأسر النووية خصوصا في العقدين الأخيرين. و تزايد المقاولات الفلاحية المستحدثة خاصة في العشرية الأخيرة.

  انعكس كل ذلك سلبا على كمية وجودة  الموارد المائية السطحية والجوفية منها في ربوع الجهة. وأمام انتشار الضيعات الفلاحية لشجر النخيل في  مناطق عديدة من ربوع درعة تافيلالت و المساحات المزروعة  بالبطيخ الأحمر “Citrullus lanatus ” خاصة في منطقة زاكورة، ازداد الضغط بشكل غير مسبوق على الفرشة المائية التي استُنزفت بشكل خطير.

وقد تم تسجيل  انخفاض مهول في  مستوى الفرشة المائية بشكل كبير بسبب  مئات  الآبار التي تخللت المنطقة ، بل وسجل  نضوب العديد منها في عدة مناطق من  إقليم زاكورة.       

وتؤكد جل الدراسات بخصوص الجهة أن معدل إنتاج  كيلوغرام واحد من البطيخ الأحمر  يتجاوز   90 لترا من الماء العذب، أي  بمعدل يتأرجح بين الطن والطنين للبطيخة الواحدة  حسب كتلتها، هذا بالإضافة إلى كمية  المياه العذبة التي تستهلكها   نخلة واحدة يوميا  التي تتراوح 180 لترا، أي بمعدل 40 طنا يوميا للهكتار الواحد، هذا فقط إن تم اعتماد آليات حديثة في الري.

أما إن كان بالغمر”الطريقة التقليدية في الري” فالكمية المستهلكة تكون أضعافا كبيرة ، وهو ما يعني أن الموارد المائية عموما و الجوفية خصوصا في خطر غير مسبوق.

 إلى جانب ذلك، و غير بعيد عن الرشيدية، وعلى ضفة واد زيز بأمتار قليلة  تقع منطقة الريش، والتي يتم تصريف مياهها  العادمة مباشرة في مجرى الوادي في عدة نقط تجعل مياهه و الأحياء التي تعيش فيها مهددة بشكل مباشر ، بل من هذه القنوات من تستعمل مياهها العديمة مباشرة في سقي بعض المنتوجات الفلاحية .

 وأمام خطورة  ما يقع فقد سبق لجمعيات المجتمع المدني في الدواوير المطلة على الوادي المذكور، المتضررة من تلوث مياه زيز ، أن دقت ناقوس الخطر، فراسلت المجلس الترابي لبلدية الريش والمديرية الإقليمية للحوض المائي زيز غريس بالرشيدية ، وذلك بهدف رفع الضرر بعد رصدها لعدة حالات مرضية جلدية للأشخاص الذين يباشرون الأنشطة الفلاحية على ضفتي  الوادي، وتمثلت في أعراض  حكة جلدية وبقع مختلفة في  مناطق الجسم  أعراضا أخرى.

وأمام استفحال هذه الأوبئة قام المجلس الترابي بمراسلة الجهات المختصة بعد إدراج نقطة معالجة المياه العادمة في جدول أعمال أحد  دورته،  وعيا منه بالمخاطر الناجمة عن صب المياه العادمة بوادي زيز .   

هذا بالإضافة فإن  مجموع الدواوير التي تعد بالعشرات والمطلة على الوادي نفسه، على امتداد عشرات الكيلومترات، غير مجهزة بشبكة للصرف الصحي تتخذ ساكنتها الحفر كحل لتصريف المياه العديمة، وهو ما انعكس سلبا  على جودة  المياه الجوفية والسطحية بسبب إفراغ هذه الحفر  مباشرة في المجاري المائية حال امتلائها.

وفي غياب استراتيجية محلية أو إقليمية أو جهوية للحد من تلوث المياه الجوفية  أو السطحية، وذلك بتجهيز مختلف  الدواوير بشبكات الصرف الصحي  وإنشاء محطات لمعالجة مياهها العادمة  قبل إلقائها في المجاري المائية  أو إعادة استعمالها، وفي ظل غياب نظرة عملية لتخفيف استنزاف المخزون المائي الاستراتيجية للمنطقة  من طرف المقاولات الفلاحية، ناهيك عن   غياب تام للسدود على مجموعة من الوديان، من قبيل واد غريس الذي يعرف بعشرات المرات من الفيض سنويا بحمولات ضخمة بملايين الأمتار المكعبة التي تذهب سدى في الفيافي الجنوبية، فإن الساؤل يبقى قائما أمام المواطن البسيط والفاعل المدني والحقوقي  عن مصير الموارد المائية في منطقة  درعة تافيلالت، و عن الحلول الاستراتيجية الآنية  للحد من الاستنزاف الذي طالها والتلوث الذي زاد الضغط عليها.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي