شارك المقال
  • تم النسخ

الحامدي: الفخفاخ سينجح في تشكيل الحكومة في تونس.. والإسلاميون التونسيون براغماتيون

بناصا – نورالدين لشهب

شرع إلياس الفخفاخ في تشكيل حكومته والبحث عن نيل ثقة البرلمان بعد اختياره من قبل الرئيس قيس سعيّد. لكن المهمة ليست كما يتابع الملاحظون للمشهد السياسي التونسي، بالنظر إلى تاريخ الرجل، هذا بالإضافة إلى تعقد المشهد السياسي في تونس ما بعد سقوط نظام بنعلي.

 وعن الانتماء السياسي، فالرجل يعتبر مرشحا لحزب “تحيا تونس”، وهو حزب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها يوسف الشاهد، وهو في ذات الوقت سياسي من الجيل الجديد، الذي انحاز للثورة مبكرا، وكان وزيرا في حكومة الترويكا ممثلا لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وهو لا يزال إلى اليوم قياديا في هذا الحزب، الذي ينتمي لليسار الاشتراكي الوطني.

ولكن ما يميز شخصية الفخفاخ، حسب عادل الحامدي، المحلل السياسي التونسي أنه للرجل علاقات واسعة مع كل أطياف المشهد السياسي في تونس، ويحتفظ مع الجميع بعلاقات إيجابية مع كافة الفرقاء السياسيين من مختلف الاتجاهات، على الرغم من أنه كان منافسا في الانتخابات الرئاسية والتشريعية ولم يحصل على نتائج متقدمة.

لكن ضعف الفخفاخ يتجلى في كونه لا يملك ماضياَ سياسياً كبيراً قبل سقوط نظام زين العابدين بن علي، فضلاً عن أنه ينتمي إلى حزب صغير هو “التكتل” الذي لم يحقق سوى0,26 %   من الأصوات في الانتخابات التشريعية، ولم يحصل بالتالي على أيّ مقعد في البرلمان. كل هذا يجعل اختيار الفخفاخ لرئاسة الحكومة، خارج دائرة الأحزاب الكبرى أمراً مثيراً للجدل، وغريباً على التقاليد الديمقراطية في بلدِ يحمل مشعل قيادة الربيع العربي.

لكن الحامدي يرى عكس ذلك، ويقول في تصريح، لجريدة (بناصا) أن قوة الفخفاخ الرجل يتمتع بقوة، لا تكمن فقط في سيرته الذاتية وكفاءته التي برهن عليها أثناء توليه وزارتي المالية والسياحة، ولا في انتمائه لمحافظة توصف بأنها العاصمة الاقتصادية لتونس، وإنما في كونه جاء وفقا لترشيح من أحزاب لا علاقة لها بالإسلاميين، (تحيا تونس، والتيار الديمقراطي)، وانتمى إلى خط الثورة مبكرا، وعملية الاختيار لتشكيل الحكومة تكفل بها الرئيس قيس سعيد الذي ينتمي للخط الثوري، أو قل للمرحلة الجديدة التي أعقبت الثورة مطلع العام 2011. وهذا من شأنه أن يخلق انسجاما بين الرئاسات الثلاث، الجمهورية والحكومة والبرلمان، الذي يتولاه زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي.

وأكد الحامدي أن “مدة شهر كافية للفخفاخ لتشكيل الحكومة”، وأردف بالقول: “كل المؤشرات تدل على أن طريقه سالكة، وأن الأحزاب الكبرى رحبت به، سواء تعلق الأمر بالنهضة أو بـ”تحيا تونس”، أو بـ”ائتلاف الكرامة” أو التيار الديمقراطي، وعدد من المستقلين.. حيث لا أحد بما في ذلك الأحزاب الرافضة للفخفاخ لها مصلحة الآن في إفشاله، لأن ذلك يعني عمليا المرور إلى الخطوة المقبلة، وهي الانتخابات المبكرة، وهذا ليس في مصلحة أي منهم.

وذكر المحلل السياسي التونسي  بطبيعة النظام الشبه البرلماني، وهو ما يعني، حسب رأيه، أن تشكيل الحكومة “يجب أن يراعي الحساسيات السياسية الموجودة في البرلمان، وتأمين النصاب القانوني لنيل الثقة، وهذا يتطلب مفاوضات جدية مع الكتل البرلمانية، وتأمين الحزام السياسي الضامن لتمريرها”.

وماذا عن موقع الإسلاميين في الحكومة المقبلة، وخاصة حزب النهضة الذي حصل على المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية؟ 

للإجابة على هذا السؤال، يقول الحامدي بأن موقع الإسلاميين في الحكومة المقبلة، “الإسلاميون بالتأكيد سيكونون جزءا من الحكومة المقبلة، حتى وإن كان تمثيلهم لا يوازي حجمهم البرلماني”.

 وهل يؤثر رفض مرشحهم الحبيب الجملي في نيل ثقة البرلمان من موقعهم في المشهد السياسي التونسي؟

 يجيب الحامدي بأن فشل مرشح الإسلاميين الحبيب الجملي في تشكيل الحكومة لا يؤثر في موقع الإسلاميين داخل المشهد السياسي التونسي، كما لا يؤثر الرفض السياسي الواسع لقيادتهم للحكومة، وإنما العنصر المؤثر هو “استمرار الرفض الإقليمي لقيادتهم للمشهد السياسي”.

 ويذهب المحلل السياسي والكاتب الإعلامي أن “العلاقات التي جمعت الإسلاميين بحزب التكتل الديمقراطي الذي يترأس الفخفاخ مجلسه الوطني أيام حكومة الترويكا، كفيلة بإزالة أي عقبات قد تعترض مفاوضات تشكيل الحكومة”.

وشدد المتحدث على أن “الإسلاميين التونسيين في نهاية المطاف، هم براغماتيون، تعلموا من تجربتهم في المعارضة والحكم، فضلا عن الدروس التي فهموها مبكرا مما يجري في المحيط الإقليمي” 

وعن الصراع المحتد بين الطيف السياسي التونسي، وهو ما يعاينه الملاحظ للشأن السياسي في تونس ولاسيما في الشهور الأخيرة، فهل يتراجع بعد تشكيل الحكومة؟

 يرى الحامدي بأن الصراع سيبقى مستمرا بين الأحزاب السياسية، لأن الحكومة المقبلة لن تكون بلا مشاكل ولا تحديات، ففضلا عن التحديات الاقتصادية والأمنية الموروثة عن المراحل السابقة، فإن التدافع بين الأحزاب السياسية سيظل قائما وربما ساخنا في بعض الأحيان، ولا سيما لجهة العلاقات الإقليمية والدولية ومشاريع القوانين المطروحة على النخب السياسية ذات العلاقات بالهوية والمرجعية الفكرية والقانونية.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي