شارك المقال
  • تم النسخ

اسليمي: لعبة الجزائر في الورقة الليبية قد تزعزع استقرار الجزائر الداخلي

عبد الرحيم المنار اسليمي*

يحاول “عبدالمجيد تبون” و”سعيد شنقريحة” منذ أسابيع تهريب الأزمة الجزائرية الداخلية نحو الملف الليبي، فالسلطات الجزائرية سارعت منذ دفن القايد صالح إلى الارتماء في أحضان الملف الليبي، لتحاول بعد مؤتمر برلين إيجاد صيغة لجمع الليبيين فوق الأراضي الجزائرية، لكن يبدو أن المحاولة الأولى المسماة بجمع “دول الجوار” فشلت قبل انطلاق لقاء هذا الخميس بالعاصمة الجزائرية.

تناقضات جزائرية واتهام من حكومة الوفاق الوطني للجزائر قبل اجتماع “الجوار“

ويبدو أن السلطات الجزائرية لم تكن تنتظر البيان الذي أعلن فيه وزير خارجية حكومة الوفاق الوطني الليبية عن مقاطعة اجتماع الجزائر، والذي اتهم فيه السلطات الجزائرية مباشرة بمخالفة قرارات مجلس الأمن التي تمنع التعامل مع ما سماه البيان بـ”الأجسام الموازية في ليبيا “ في إشارة إلى حكومة طبرق الداعمة للجنرال المتقاعد خليفة حفتر.

 فالليبيون في الوفاق الوطني يلقنون الجزائريين “ورثة بوتفليقة “المبتدئين دروسا في القانون الدولي، وفي نفس الوقت تغيب عن الاجتماع دولة النيجر التي يبدو أنها تنسق مع فرنسا وتحضر السودان بممثل عن وزير الخارجية، وبذلك، بدا واضحا أن الجزائريين الذين قايضوا الألمانيين بملفات اقتصادية في الجزائر بهدف استضافة اول حوار لليبيين بعد مؤتمر برلين قد أحرجوا الألمان وعمقوا فشل مؤتمر برلين، لكن المثير في مواقف “ورثة بوتفليقة” هو مواقفهم التي تقول أنها مع حفتر السراج معا، وتنسق في نفس الوقت مع الأتراك وتستعد لاستقبال أردوغان للتنسيق حول الأزمة الليبية، ويعلن الرئيس الجديد “عبد العزيز تبون” في حواره مع الصحافة الجزائرية الموجه للجزائريين  أنه تلقى دعوات من الجنوب الليبي ومصراتة والزنتان والطوارق لكي تقوم الجزائر بوساطة بين الليبيين، فالجزائر تريد أن تجمع كل شيء في وقت سريع، فهي تشارك وتوافق على مشروع مؤتمر برلين الذي دعا لمناقشة آلية نشر قوات أوروبية بين الأطراف المتصارعة داخل ليبيا ليضع بذلك أول لبنات تقسيم ليبيا إلى فيدراليتين، وفي نفس الوقت تشير الجزائر إلى تمسكها بوحدة ليبيا، بمعنى أن الجزائر هي مع نشر قوات أوروبية كمقدمة لعزل منطقتين كبيرتين في ليبيا وفي نفس الوقت هي مع وحدة ليبيا.

“شنقريحة” و”تبون” يتصارعان على الموقف من ليبيا ويهددان استقرار الجزائر

من الواضح أن رأسي السلطة الجديدين في الجزائر، وإن كانا يلتقيان في قاسم سياسي مشترك يتمثل في ضعف شرعيتهما الداخلية، فإنهما يختلفان في إدارة الملف الليبي، ذلك ان “شنقريحة” وريث “القايد صالح “تسلم مفاتيح الورقة الليبية التي تجعله قريبا من الجنرال المتقاعد حفتر لكون دولة الإمارات كانت تُقرب بين حفتر والقايد صالح ، بل أنه في إحدى لحظات الأزمة الجزائرية الداخلية هدد حفتر الجزائر ليمنح ورقة للقايد صالح ليشتت آنذاك أنظار الحراك نحو الخطر الموجود على الحدود، بينما يبدو ان “عبد المجيد تبون” ضعيف الخبرة في السياسة الخارجية، وقد يصبح في وضعية أصعب بتنسيقه مع الأتراك حلفاء السراج، وأعتقد أن زيارة أردوغان للجزائر في الأيام المقبلة ستزيد من الضغوط على الجزائر لأنها تنقل تدريجيا نفس القوى الدولية المتصارعة داخل ليبيا بالوكالة الى داخل الجزائر، حيث سيصبح المشهد الجزائري منقسما بين رئيس الدولة “عبد المجيد تبون” الباحث عن تحالف مع تركيا وألمانيا وبين قائد الجيش والمؤسسة العسكرية “سعيد شنقريحة” الذي تربطه علاقات تحالف مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وبذلك، فإن حكام الجزائر الجدد لم ينتبهوا إلى أن هروبهم من الأزمة الداخلية الجزائرية أسقطهم بين يدي نفس القوى المتصارعة في ليبيا، فالروس موجودون في الجزائر وداخل الثكنات العسكرية الجزائرية بتمثيلية عسكرية، والإماراتيون كانوا على تحالف مع “القايد صالح” وهو التحالف الذي يمتد مع “سعيد شنقريحة” وقيادات أخرى من الجيش الجزائري، بينما يهرب عبدالمجيد تبون نحو تحالف مع الأتراك.

ويبدو واضحا أن الجزائر التي تحاول  أن تلعب ورقة ليبيا لتشتيت الحراك الداخلي وللنفوذ في شمال إفريقيا ستتحول هي نفسها إلى دولة تٌلعب فيها ورقة ليبيا بطريقة ستزعزع استقرارها نتيجة أخطاء وصراع غير معلن بين شنقريحة وتبون، ومحاولة كلاهما بناء شرعية في مواجهة حراك داحلي بلعب ورقة ليبيا، فكل القوى المتصارعة في ليبيا وصلت إلى عمق القرار السياسي الجزائري المنقسم عبر الخطأ في توظيف الورقة الليبية من طرف “تبون “و”شنقريحة”.

*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني

manarslimi@yahoo.fr

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي