شارك المقال
  • تم النسخ

بعد توسع نفوذ المغرب.. الجزائر تلعب “آخر” أوراقها لتدارك انتكاساتها الإفريقية

شدّد المغرب الخناق على الجزائر بشكل غير مسبوق على المستويين الإقليمي والإفريقي، بعد أن تمكنت الرباط في أقل من ثلاث سنوات على عودتها إلى المنظمة القارية، من خلق علاقات دبلوماسية كبيرة، جعلت من الرباط فاعلاً أساسيا في منطقة الشمال ودول الصحراء والساحل، ودفعت عدة عواصم إلى سحب اعترافها بالبوليساريو، وافتتاح قنصليات لها في الصحراء المغربية.

وبعد إعلان المغرب عودته إلى عمقه الإفريقي في يناير من سنة 2017، والذي أعقبه قيام الملك محمد السادس بزيارة عدد من العواصم في القارة السمراء، وبروز عدد من المؤشرات التي توحي بأن بعض البلدان تتجه إلى سحب الاعتراف بالجمهورية الوهمية، سارعت الجزائر إلى تغيير وزير خارجيتها وقتها، رمطان لعمامرة في ماي من السنة نفسها، وتعويضه بصبري بوقادوم، لإعطاء نفس جديد للدبلوماسية.

بوقادوم الذي تولى المنصب، شهراً واحدا فقط بعد تعيين الملك محمد السادس لناصر بوريطة، على رأس الخارجية المغربية خلفا لصلاح الدين مزوار، وذلك من أجل منج نفس جديد لدبلوماسية قصر المرادية، غير أنه سرعان ما ظهر أن وتيرة تحرك الرباط مغايرة تماماً للاستراتيجية التي أطرتها في السنوات الماضية، بعدما سارعت البلدان الإفريقية للاعتراف بمغربية الصحراء، وتحسين علاقاتها مع الرباط.

وفي ظلّ هذا الوضع، الذي لم تتمكن خلاله الجزائر من استعادة العمق الإفريقي الذي ظلت لسنوات طويلة صاحبة كلمة مسموعة فيه، ليأتي ما تلا واقعة تأمين معبر الكركارات الحدودي، من اعتراف أمريكي بسيادة المملكة على صحرائها واعتراف دول إضافية بذلك، ويقصم ظهر دبلوماسية قصر المرادية، ليقرّر الجنرالات الاستنجاد مرة أخرى، بلعمامرة ليعود للمنصب الذي تركه أزيح عنه مرتين في السابق.

وحول هذا التعيين، قال محمد المرابطي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، بكلية الحقوق بجامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس، إن المهمة الرئيسية التي ستناط بالوزير لعمامرة، لتحقيقها، تتعلق بالمحاولة لمنافسة المغرب في النفوذ بالعمق الإفريقي دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا، بعد الخمول الدبلوماسي والانتكاسات المتتالية مقابل حركية دبلوماسية نشيطة للغرب.

وأضاف المرابطي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن الرباط تمكنت من تتويج هذه الحركية بعائدات دبلوماسية مهمة، على رأسها إقدام العديد من الدول الإفريقية على فتح قنصلياتها فوق تراب الصحراء المغربية، وكذا تكثيف الاستثمارات والشراكة والتعاون الاقتصادي بين المغرب والأقطار الإفريقية، وفق المتحدث نفسه.

وبخصوص إمكانية الدفع نحو حلحلة نزاع الصحراء المغربية والتخلي عن دور المعرقل، يوضح المرابطي، أن “تغير الوجوه والشخصيات على رأس وزارة الخارجية الجزائرية، لا نترقب منه أي جديد في هذا الشأن ما لم تتوفر الإرادة السياسية لحلحلة هذا النزاع لدى العسكر”، متابعاً: “ملف النزاع بين المغرب والجزائر، يتحكم الجيش في تفاصيله، ولا يملك أحد سلطة القرار بشأنه مهما كان موقعه في هرم الدولة”.

واسترسل المتخصص في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن الملف في يد الدولة العميقة في الجزائر، وهي من تمسك بناصيته، ورغم ما “يتميز به لعمامرة من خبرة دبلوماسية ومؤهلات شخصية وتجربة طويلة وتخصصه في مجال الوساطة الدولية لحل النزاعات، وإن افترضنا حسن نيته، إلا أن ذلك كله لا يشفع له ما دام هامش التحرك ضيقا وحرية المبادرة الدبلوماسية شبه منعدمة، أمام تحكم الجيش في الملفات الاستراتيجية”.

وأشار المرابطي، في ختام تصريحه للجريدة إلى أن “الدليل على ذلك أن رمطان لعمامرة سبق أن كان وزيرا للخارجية لمدة خمس سنوات من 2013 إلى 2017، ولم يحرز أي تقدم في تسوية النزاع مع المغرب، رغم أنه نجح في حلحلة عدد من الأزمات الإقليمية في ليييريا ومدغشقر ومالي وغيرها”.

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي