شارك المقال
  • تم النسخ

ميارة: التئام السلطتين التشريعية والتنفيدية لمدارسة عمل القضاء لحظة تاريخية

اعتبر النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين، أن لحظة التئام السلطتين التشريعية والتنفيذية، لمدارسة عمل السلطة القضائية، من خلال مناقشة خلاصات وتوصيات التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، الذي يهدف لإقامة علاقة مؤسساتية بين واضع السياسة الجنائية ومطبقها، لاسيما بعد استقلالية النيابة العامة، تعتبر لحظة تاريخية.

وقال ميارة خلال كلمته أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، بمنسابة مناقشة تقرير رئاسة النيابة العامة، إن مناقشة التقرير السنوي الصادر عن رئاسة النيابة العامة، لحظة مفصلية ومهمة، وتدشن لتقليد جديد، متابعاً أن هذا يأتي “تقيداً بما تتطلبه المادة 110 مم القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي تمت أجرأتها على مستوى النظام الداخلي لمجلسنا، في المادة 339 منه”.

وأوضح أن النظام الدستوري المغربي، القائم على التعاون والتوازن بين السلط، كما جاء في الفصل الأول من الدستور، يقيم علاقات مؤسساتية بين مختلف السلط، بغاية ضمان الاشتغال المؤسساتي الجيد، وعدم ظهور السلط كجزر متناثرة لا رابط بينها، مبرزاً أن الدستور أنشأ أيضا، علاقات مؤسساتية بين السلطتين التشريعية والقضائية.

وتابع أن السلطة التشريعية، “تضع القوانين التي يبت على ضوئها القضاة، وهي التي تصيغ السياسة الجنائية المحددة لفلسفة الدريمة والعقاب، والتي يسهر القضاة على تنفيذها”، مسترسلاً أن هذا الفصل “في الوظائف، لطّفه الدستور حينما خول للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، سلطة إبداء الرأي، تلقائيا أو بناء على طلب، وهو ما تشير إليه الفقرتان الأخيرتان من الفصل 113 من الدستور”.

وأردف ميارة أن آلية التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة، تندرج في هذا الإطار، وتهدف إلى “إقامة علاقة مؤسساتية بين واضع السياسة الجنائية ومطبقها، لا سيما بعد استقلالية النيابة العامة، وفصلها عن السلطة التنفيدية، وهي الآلية التي صرح المجلس الدستوري حينئذ بدستوريتها مع تحفظ يتعلق بعدم إمكانية حضور رئيس النيابة العامة لأشغال اللجنة، ولا تقديم التقرر المشكل لموضوع اجتماعها”.

وواصل ميارة أن هذا التقرير، “يهم زمنيا السنة المنصرمة، التي شهدت ظهور وباء كورونا، والتأثير الذي لحق السير العادي للمؤسسات والمرافق جراء انتشاره (…)، في هذا السياق اشتغل أيضا مرفق القضاء، وتطلب منه ذلك إيداع صيغ للعمل، تحافظ على مقومات دولة القانون والحق في محاكمة عادلة، وفق إطارات جديدة”.

وإلى ذلك، نبه ميارة، إلى أن هذا الوضع، أفرز نقاشاً “حول مدى دستورية وقانونية المحاكمات عن بعد، وعن الصيغ الممكنة للولوج إلى العدالة، وكيفية ضمان التواجهية بشكل غير نادي، ومدى القدرى على احترام الآجال المعقولة للبت.. وبالنتيجة، فإن الجائحة ساءلت أيضا، نظامنا القانوني والقضائي، وامتحنت مدى مرونته للاشتغال في سياقات غير عادية، وهو ما يفتح الباب للتفكير مستقبلا في المداخل التشريعية الحاملة لأجوبة لما تقدم”.

وأشار رئيس مجلس المستشارين، إلى أن التقرير كتب بنفَس الحصيلة، “التي تغطي كل مجالات اختصاص النيابة العامة، بشكل مرتب روعي فيه معيار مجال التدخل، مع بيان طبيعة العمل التأطيري والتوجيهي الذي تقوم به رئاسة النيابة العامة من خلال الدوريات والمناشير التي أصدرتها، ولم يغفل التقرير الحديث عن الإمكانات البشرية والمادية لهذا الجهاز”.

واستطرد أن خاتمة التقرير، هي “أهم ما يستوقفنا، بالنظر للاختصاص التشريعي والتقييمي، الموكول دستوريا لمجلسنا، فقد تضمن التقرير خلاصات وتوصيات، ترصد مكامن الخلل في بنائنا القانوني، مدعمة في ذلك بدروس الممارسة وأمثلة عنها، ومعطيات من الواقع الذي لا يرتفع، فالتقرير يوصي، السلطة التشرعية بمراجعة مجموعة من النصوص القانونية السارية”.

وأبرز أنه على رأس هذه القوانين التي أوصى التقرير بمراجعتها، “القانون الجنائي، وقانون المسطرة الجنائية والقانون المتعلق بالمعهد العالي للقضاء، كما يقترح التقرير، فلسفة جنائية بديلة قوامها فهم جديد لمسطرة الاعتقال الاحتياطي، وتشريع واضح لحالات تنفيذ العقوبات السالبة للحرية في حال تعدد أوامر الإيداع الصادرة في حق نفس الشخص، وسياسات عمومية مندمجة تهدف للوقاية من الجريمة والحد من أسبابها”.

وأكد ميارة أن هذه التوصيات، والخلاصات، ستكون موضوع مناقشة وتأمل عميق، من أجل “تجويد النصوص القانونية القائمة، عبر تعديلها ومراجعتها، لاسميا في سياق التحضير لإعادة النظر الشاملة في النصوص ذات الطبيعة الجنائية”، مسترسلاً أن هذا الأمر “سيعزز القدرة الاقتراحية لمكونات مجلسنا، وسيبصم، لا محالة، عن مساهمة تشريعية قيمة، تراعي التطور الحقوقي لبلادنا”.

وشدد ميارة، على أنه، “عبر تقرير النيابة العامة السنوي، يستطيع المشرع أن يقيم النصوص التي صدرت عنه، وأن يعيد قراءة مضمونها ليس في سياق مجرد، لكن بعد أن لامست الواقع وتفاعلت معه، لتعود إليه من جديد، قصد فحصها من وجهة نظر تقيمية، لهذا فإن التقرير ليست وظيفته إخبارية وإن كان يحققها، بل إن وظيفته في إثارة انتباه المشرع إلى النواقص التي أبانت عنها النصوص القانونية”.

وفي ختام كلمته، أوضح مارة، أنه ينتظر من اللجنة، في أعقاب هذا التمرين، “مقترحات بخصوص تجويد طريقة مناقشة هذا النوع من التقارير، سواء في جوانبها الإجرائية، أو الزمن المخصص لها، أو طريق سريان الحوار بين مختلف مكوناتها، وذلك لطرحها بمناسبة التفكير في مراجعة شاملة للنظام الداخلي لمجلسنا، ذلك الورش الواعد، الذي سنفتحه قريبا بالتنسيق مع مجلس النواب”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي