شارك المقال
  • تم النسخ

ماذا ينتظر العالم ليُعلن مرتزقة البوليساريو تنظيما إرهابيا؟

رغم كل المستجدات التي عرفها ملف القضية الوطنية، إلا أن الأطراف الأخرى تصر على ضلالها القديم وتستمر في العيش في الماضي،  زمن الحرب الباردة، رغم سقطاتها المتتالية في الساحات الدولية و خسائرها الديبلوماسية، و فشل أطروحة الانفصال، معرقلة بذلك مقترح الحكم الذاتي كحل وحيد واقعي و بناء، لإنهاء النزاع القائم منذ ما يناهز نصف قرن من الزمن.

و يبقى مرتزقة البوليساريو كغيرها من الجماعات الإرهابية، تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة وسيلة بيد النظام العسكري الجزائري، يطمح من ورائها لإعاقة التقدم والتنمية و النجاحات التي حققها المغرب خاصة في عمقه الإفريقي.

لقد استطاع المغرب في كل مرة بفضل حكمة ملكه و يقظة ديبلوماسيته وعقلانيتها وحضورها القوي، أن يجتاز كل الأزمات المفتعلة التي تستهدف النيل من وحدته الترابية بنجاح، و لم يقع في الفخ الذي وضعه من يساند هذه المرتزقة جهارا نهارا، ويخدم أجندة المستعمر لتفتيت المنطقة والإجهاز على مقدرات الشعوب المغاربية وعرقلة نهوضها.

و كان حدث تحرير معبر الكركرات، بمثابة رسالة قوية وتحذيرية للنظام الجزائري وعصابة البوليساريو، بأن الصحراء كانت ولا زالت وستظل مغربية، وأن لا سيادة على أرض الواقع إلا سيادة المملكة المغربية، كما أبانت القوات المسلحة الملكية المغربية عن احترافيتها وجاهزيتها الدائمة لكل الاحتمالات.

و بعد النجاحات المتتالية التي حققها المغرب، توالت بعد ذلك تهديدات جبهة البوليساريو بدق طبول الحرب الكاذبة، و توالت استعراضاتها البهلوانية للإستهلاك الداخلي، تزج بالمحتجزين في معاركها الدنكيشوتية و تدفعهم إلى الواجهة كدروع بشرية، وتختبئ وراءهم كلما ضاق الخناق عليها لتمرير خياراتها أمام المنتظم الدولي.

و قد عبرت قيادة البوليساريو في نوفمبر 2021، عن نيتها بتنفيذ عمليات انتحارية إرهابية، جاء ذلك على لسان محمد والي أكيك في تصريح لصحيفة “الإيكونوميست” البريطانية الذي هدد باستهداف المدن المغربية.

و هذا ليس غريبا على جبهة البوليساريو التي لديها ماض في الإرهاب الدولي، نذكر على سبيل المثال عندما اغتالت 200 صيادا إسبانيا قبالة سواحل الصحراء المغربية. وكبير الانفصاليين إبراهيم غالي، الذي تمت مقاضاته منذ نوفمبر 2016 من قبل المحاكم الإسبانية، متهم بجرائم إبادة جماعية و التعذيب و الإرهاب، بالإضافة إلى عدد من قادة ميليشيا البوليساريو المتورطين في قضايا تتعلق بالإرهاب.

و قد سبق أن حذرت أجهزة الأمن المغربية منذ سنوات عديدة من علاقة البوليساريو بالمنظمات الإرهابية الناشطة في الصحراء والساحل. و كان الزعيم السابق لداعش في الصحراء الكبرى، الذي تم تحييده في غشت 2021 من قبل القوات الفرنسية في مالي، ينتمي إلى الميليشيات التي يقودها محمد والي أكيك.

و في وقت تتزايد فيه أنشطة الجماعات المسلحة و المرتزقة في منطقة الساحل و الصحراء، و ما ينتج عنه من تحديات و مخاطر أمنية، لا زالت البوليساريو تغذي فكرة اللجوء إلى الإرهاب ضد المغرب.

و بعد كل مرة تبوء فيها خطة مرتزقة البوليساريو بالفشل، تعود لتنتقم من المحتجزين المقهورين داخل مخيمات تندوف، وتمارس انتهاكاتها عليهم والمزيد من الضغط والتشديد على حرية التنقل داخل المخيمات.

و اليوم أكثر من أي وقت مضى، أمام التأييد و الدعم الدولي الواسع لمقترح الحكم الذاتي، و عدم اعتراف 84 في المائة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالكيان الوهمي، و تخلي المنتظم الدولي و عدم مبالاته بهذه العصابة التي وقعت في شر أعمالها، ينكشف بأن هذه الجبهة المزعومة أصبحت عبئا ثقيلاُ على من صنعوها و رعوها و مولوها.

و أكبر مأزق هو في التخلص من هذا الكيان الوهمي الذي أثقل كاهل ميزانية الجزائر. حيث فشل في تحقيق الأهداف التي خلق من أجلها و فشل في أن يصبح حجر عثرة للمغرب، و بالتالي فقد انقلب السحر على الساحر.

و هكذا ابتدأ ينكشف أمام أتباع البوليساريو و سكان المخيمات بأنهم انساقوا وراء أوهام و سراب يحسبه الظمآن ماء و أصبحت هذه الجبهة المزعومة وبالا عليهم. و لا أشك بأن معظم المحتجزين سيرجعون إلى حضن وطنهم الأم إن أعطيت لهم الفرصة و الحق في التنقل. كما سبق أن حدث و لا زال يحدث خصوصا مع مجموعة من مؤسسي البوليساريو الذين انشقوا ورجعوا إلى أرض الوطن.

أما الذين تبقوا في مخيمات تندوف، هم مجرد تجار مآس يعتبرون الصحراويين المحتجزين مجرد حطب للحرب، وبضاعة سياسية تسوقها في الأسواق الدولية، يعيشون مسلوبي الإرادة و الحرية، تحيط بهم الدبابات و يعانون من الحصار و عقود من الخطابات و الشعارات و الوعود الكاذبة تمنعهم من التنقل و لا يتحركون إلا بترخيص ايا كانت الوجهة.

بينما قيادة البوليساريو غنية و تتمتع بالأموال والمناصب و تستفيد من عائدات المساعدات التي ترسل للمخيمات و تباع في الاسواق الإفريقية، فضلا عن تورطها في السنوات الأخيرة مع لوبيات دولية لبيع السلاح في المنطقة، كما اعتادت الحصول على أرباح من تجارة المخدرات.

ناهيك عن التجنيد العسكري للأطفال الذين يعبؤون عبر مقررات دراسية تشجع على العنف و الحروب والكراهية. علاوة على ذلك الممارسات غير الإنسانية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف وتعنيف النشطاء والشباب والشيوخ والنساء الصحراويات اللواتي يتمردن ضد الفساد والعنصرية و القمع، ما يدفع العديد من الشباب الصحراوي المجند قسرا إلى الانسحاب  من صفوف المليشيات.

لقد عجزت البوليساريو عن عرقلة التنمية الشاملة التي تشهدها مدن الأقاليم الصحراوية المغربية و التي تسير في خط تصاعدي و بوثيرة سريعة، حيث يمكن المقارنة بين ما تحقق منذ انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة على يد الملك الراحل الحسن الثاني، وصولا إلى عهد الملك محمد السادس، من مظاهر العيش الكريم و التطور و الازدهار، ومشاريع البنيات التحية و العمران و الأوراش التنموية، التي غيرت ملامح الأقاليم الجنوبية لتصبح قطبا استثماريا عالميا.

بينما تعيش مخيمات تندوف على وقع التخلف و الفوضى و التهميش، و يعيش المحتجزون داخلها التنكيل والضياع و خيبة الأمل، ما يعني فشل أطروحة الانفصال وتبخر حلم النظام العسكري الجزائرية في إقامة دويلة قزمية في الصحراء المغربية.

ولذلك فإن البوليساريو أصبحت متجاوزة و لم يعد لها أي دور على خريطة السياسة الدولية، وهو ما يطرح سؤال: ماذا ينتظر العالم ليعلن مرتزقة البوليساريو تنظيما إرهابيا؟

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي