شارك المقال
  • تم النسخ

“بلاغ الصحة”.. عود الكبريت الذي أعاد إشعال فتيل الأزمة بين المغرب وإسبانيا

في اللحظة التي كانت فيها جميع المؤشرات تُشير إلى أن الأزمة بين الرباط ومدريد قد صارت جزءا من الماضي، وفي الوقت الذي كانت فيه عودة السفيرة لمقر سفارتها الحلقة الوحيدة المفقودة لتأكيد ذلك، خرجت وزارة الصحة المغربية ببلاغ أثبت التفاعل معه أن الأزمة مازالت لم تنته بعد.

وقد خلفت التبريرات التي أوردها البلاغ المذكور بخصوص اختيار البرتغال بدل إسبانيا لترحيل المغاربة العالقين بأوروبا، امتعاضا إسبانيا من مسؤولي البلد كما من منابره الإعلامية، والذين كانوا قبل أيام قليلة فقط متفائلين أشد التفاؤل من مصير العلاقات مع المملكة، وبمُستقبلها الواعد.

ولم يستسغ الإسبان النبرة الحادة التي أخفتها تبريرات وزارة الصحة المغربية، فبادر وزير خارجيتهم “خوسيه مانويل ألباريس” إلى اعتبار الاتهامات التي جرى توجيهها لبلاده ب”غير المقبولة”، مع تأكيده أنها لا تتطابق مع الواقع، قبل أن يُتابع قائلا “إن إسبانيا تفي بجميع المُتطلبات الدولية بشأن القيود والإجراءات الوقائية الصحية”.

الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث أوردت جريدة “الباييس” الإسبانية أن اتصالا قد جرى بين سفارتي مدريد والرباط، أبلغت فيه إسبانيا المملكة بأنها لا تعتبر ما قد ورد في بلاغ وزارة صحتها مقبولا على الإطلاق، وإن كان المصدر ذاته قد أشار إلى أن “ألباريس” لم يؤكد كما لم ينف تقديمه لمذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص.

في السياق ذاته، لم تقف الردود على ما ورد في بلاغ الصحة عند المسؤولين الرسميين فقط، بل عبرت وسائل الإعلام الإسبانية هي الأخرى عن امتعاضها تُجاه التبريرات المغربية، والتي رأت عدد منها أنها تتجاوز إطارها الصحي، وتبعث رسائل ضمنية تؤكد من خلالها الرباط، أنها لا تريد لأزمتها مع مدريد أن تصل لطريق النهاية.

“لاراثون” الإسبانية اعتبرت في مقال لها أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تأخذ منعطفا آخر بعد التبرير المغربي، ووصفت ما جاء في البلاغ بغير المُتوقع، كما أكدت أن غضبا كبيرا يعتري الحكومة الإسبانية، سيدفعُها لاستدعاء القائم بأعمال السفارة المغربية للتعبير عن عدم ارتياحها من هذا السلوك.

وتابعت الجريدة ذاتها أن الأمر قد كان صادما للإسبان، خاصة مع التصريحات الأخيرة لألباريس الذي أعرب عن تفاؤله بمستقبل العلاقات مع المغرب، نافيا وجود أي توتر قائم في الوقت الحالي بين البلدين، ومؤكدا أيضا وجود تعاون حالي مع الرباط بخصوص قضايا الهجرة الواقعة على حدود الثغرين المُحتلين.

ولم تُخف “لاراثون” في تأويلها لبلاغ الصحة، أن يكون السبب في ما اعتبرته تصعيدا أحادي الجانب من المغرب، هو أن تداعيات استقبال حكومة بيدرو سانشيز لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية مازال صداها حاضرا في المملكة، ومازال المغاربة لم ينسوا أن عدو وحدتهم الترابية قد تم استقباله من بلد صديق.

وأفاد المصدر ذاته أنه وبالرغم من الجهود التي تبذلها مدريد من أجل أن تُذيب ما تبقى من جليد أزمتها مع الرباط، إلا أن المغرب ما يزال لم يُقدم تجاوبا كاملا، خاصة مع التصريح السابق لويزر الخاريجة “ألباريس” الذي أكد عمل وزارته على إقامة علاقات أفضل مع المغرب باعتباره شريكا استراتيجيا، وتأكيده على أن المسؤولين المغاربة هم أيضا يعملون في الاتجاه ذاته”.

يُشار إلى أن بلاغ وزارة الصحة المغربية المذكور قدم تبريرات بخصوص اختيار البرتغال بدل إسبانيا لترحيل المغاربة العالقين بأوروبا، وقد جاء فيه أنه بناء على الملاحظة التي قامت بهت السلطات المغربية، تبين أن نظيرتها الإسبانية لا تعمل على المراقبة بالشكل المطلوب والصارم للحالة الصحية للمسافرين أثناء عملية الإركاب عبر المطارات.

كما أنها لاحظت عدم وجود المراقبة المتعينة لجوازات التلقيح بالنسبة للمسافرين، إضافة لرصدها عدة حالات إصابات بالفيروس، عند وصولها للمغرب أو عبورها منه، من تلك القادمة من إسبانيا.

ولهذه الاعتبارات، وجدت وزارة الصحة المغربية أن السفر من إسبانيا إلى المملكة يُشكل خطرا على المواطنين والمواطنات المغاربة، كما يضرب في المكتسبات التي حققها المغرب في حربه مع الوباء.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي