شارك المقال
  • تم النسخ

اقتصاد الصيام وصيام الاقتصاد في زمن غلاء الأسعار ومخلفات الأزمة الدولية

ونحن نعيش أول أيام الشهر الفضيل المبارك، وفي ظل ما عرف من نقاش حول الغلاء والأسعار ومخلفات الأزمة الروسية الأوكرانية وقبلها وباء كوفيد، وما تلا ذلك من موجات التضخم التي اجتاحت العالم حيث قال خبراء اقتصادنا ومسؤولون بالحكومة المغربية أنه تم استوارده، أي التضخم، عبر سلاسل القيمة العالمية، فإننا كذلك اليوم نعيشه ربما نتاج سياسات عمومية كان الاقتراب منها ومن مناقشتها كقرب الزيت من النار ، وهنا بات الحديث عما عُرف بمخطط المغرب الأخضر الذي اكتشف المغاربة وهم يجوبون الأسواق و الجوطيات أن ما بشرنا به وزير المخطط الأخضر الذي يرأس الحكومة كان مجرد سراب في ما يخص توفر المواد الفلاحية الضرورية والمعيشية، فكيف لبلد فلاحي ترتبط نسبة نموه الاقتصادي بالنشاط الفلاحي وجود المطر على الأرض التي بالمناسبة كانت هذه السنة متميزة بأثر إيجابي كبير على ما زرع في الأرض و حتى ما تحتها من فرش مائية بفضل منسوب الثلوج التي وصلت مستويات قياسية بل حاصرت مناطق بأكملها في المغرب الشرقي.

لكن رغم كل هذه البشائر لا أثر إيجابيا واضحا وأصبح شراء الخضر و ليس الفواكه ترفا بل إن البصل في الأسواق تجاوز سعره بعض الفواكه الاستوائية و هذا اللهيب الذي اشتعل فجأة في جيوب المغاربة لا نجد له و لو تبريرا واحدا مقنعا من “حكومة الكفاءات” كما تم تسويق ذلك بعد انتخابات الثامن من شتنبر، بل إن الغريب في بعض الخرجات و التصريحات أنها تحاول إلصاق تهمة الغلاء بمجهول ( المضاربين) وكأنهم خارج منظار الحكومة و سلطات المراقبة التابعة لها، فلم يسبق لنا أن عشنا خلال العشر سنوات الفارطة هذه الموجة القاهرة للمغاربة في ظل الجمود الذي تعرفه أجور الطبقات الفقيرة و المتوسطة التي يبدو أنها تلتحق تدريجيا بالطبقة الأدنى و هو ما ينذر بإرتدادات اجتماعية قد تكون خطيرة على استقرار بلدنا ومجتمعنا إذا لم يتفاعل الفاعل الحكومي مع ما تشهده أسواقنا من هيجان في الأسعار، حيث أصبح الشعور بالأزمة واضحا متجليا و تجاوز لغة الاقتصاديين الذين يتحدثون عن مؤشرات التضخم و مؤشر سعر الاستهلاك والطلب الداخلي… الخ.

هنا على ذكر موجة التضخم فكما أشارت لذلك عدة تقارير اقتصادية صادرة عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي فهذه الأزمة مستمرة حتى سنة 2026 على أقل تقدير ، وقد تستمر أكثر من ذلك حيث نعيش في المغرب اليوم نسبة تتجاوز 10% في ظل فرضيات قانون المالية الذي توقع 2% وهو ما يجعلنا نطرح علامة استفهام عن كيفية تدبير اقتصاد المغاربة و من يوجه بوصلته؟.

هذا وقد قرر بنك المغرب رفع نسبة الفائدة إلى 3% و من المتوقع أن تشهد هذه النسبة ارتفاعا في ظل استمرار هذا الوضع وهو ما ينذر بانكماش عدة قطاعات إنتاجية وانخفاض السيولة وربما قد نشهد ارتباكا ماليا في النظام البنكي مستقبلا إذا بقي الفاعل الحكومي متفرجا… إنه ببساطة صيام اقتصادي قد يطول أمده أطول من أيام شهر رمضان المبارك.

لذلك على المغاربة أن يتعلموا من هذا الشهر الفضيل اقتصاد الصيام و تدبير قوت يومهم حسب إمكانياتهم في ظل نظام اقتصادي يعتمد أساسا على الاستهلاك، وفي ظل فشل ظاهر لمخططات اقتصاد الإنتاج … والمخطط الأخضر يبقى نموذجا!

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي