شارك المقال
  • تم النسخ

اختراق إعلامي جزائري أم تصفية حسابات سياسية ضيقة بإقليم سيدي سليمان؟

من السهل جدا رمي الناس بالباطل والافتراء عليهم بالاكاذيب في إطار تصفية حسابات سياسية ضيقة ولكن أن تصل الجرأة الى حد اتهام الناس بخيانة الوطن دفعة واحدة لاشفاء غليل نفس حاقدة فهذا ما لا يمكن القبول به أو التماهي معه مهما كانت الدوافع!

ما حدث في إقليم سيدي سليمان خلال هذا الاسبوع من حملات تحريضية وتظليلية للرأي العام ضد من وصفوا بخونة الوطن في الداخل على خلفية الروبورتاج الذي نشرته إحدى القنوات الجزائرية الدولية حول واقع الفلاحة وظروف العمال الزراعيين بمنطقة دار بلعامري التابعة ترابيا لاقليم سيدي سليمان وجهة الرباط سلا القنيطرة أمر يستدعي الوقوف عنده ومعالجته من كل الجوانب حتى يكون الرأي العام المحلي والوطني على بينة من أمره وحتى لا تتحول الاشاعة السياسية إلى حقيقة يقينية لا تقبل الشك!

الحديث عن خيانة الوطن وعن خونة الوطن لمجرد قيام قناة جزائرية باستغلال قذر لروبورتاح حول واقع الفلاحة والعمال الزراعيين في جماعة دار بلعامري من طرف فاعلين سياسيين ونشطاء مدنيين واعلام محلي في إقليم سيدي سليمان دون تقديم أي دليل مادي ملموس للساكنة يعد في الحقيقة تشويشا على عمل الأجهزة الأمنية التي تراقب كل صغيرة وكبيرة وتشويشا ايضا على عمل النيابة العامة المختصة!

لن أستبق نتائج التحقيق إذا كانت الجهات القضائية والامنية المختصة قد شرعت في عملها ولن أمنح صك البراءة لأي جهة كانت مادام أن هناك تحقيقا قد فتح ولكن من باب توضيح بعض الأمور لا بد من التأكيد على أن هناك توظيفا سياسويا فجا للقضية وهناك أطراف سياسية استغلت الواقعة لتوريط رئيس جماعة دار بلعامري المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة في القضية عنوة بغرض إنهاء مستقبله السياسي في إقليم سيدي سليمان وهذا سلوك مدان ومرفوض.

يوم أمس ظهرت معطيات جديدة تفيد بأن ما نشرته القناة الدولية الجزائرية عن المغرب هو عبارة عن استطلاع قام به صحفي مغربي لفائدة وكالة الأنباء الفرنسية أ ف ب وهو الاستطلاع نفسه الذي ستنشره جريدة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فيما بعد نقلا عن نفس الوكالة.

من هو الصحفي الذي قام بإنجاز ذلك الاستطلاع؟ ولماذا اختار جماعة دار بلعامري تحديدا؟

من خلال ما نشر اتضح أن الصحفي الذي قام باستطلاع وضعية العمال الزراعيين بجماعة دار بلعامري هو اسماعيل بلا وعلي وهو صحفي معروف وله تجربة مهنية كبيرة وخبرة سنوات في العمل الصحفي الجاد والمسؤول وقد سبق له أن عمل بمعية رئيس جماعة دار بلعامري الحسن عواد في مجلة نيشان التي كان يديرها أحمد رضا بن شمسي!

من هذا المنطلق لا استبعد أن يكون اختيار جماعة دار بلعامري اختيارا تلقائيا نابعا من وجود زمالة ومعرفة مسبقة بين الصحفي اسماعيل بلا وعلي ورئيس الجماعة الذي أنجز فيها العمل الصحفي التي سيتم استغلاله فيما بعد من طرف الإعلام الجزائري الذي ألف الاصطياد في الماء العكر.

المعادلة بسيطة جدا ويمكن فهمها وحل لغزها بشكل عقلاني دون اللجوء الى حملات التحريض العلني والسري تحت يافطة الدفاع عن الوطن والمصالح العليا للبلاد ودون التشويش على عمل الجهات القضائية والأمنية المختصة لأن هذه الجهات بعيدة كل البعد عن السياسة ولا تشتغل تحت تأثير الفاعل السياسي والحقوقي والاعلامي بل تشتغل وفق القانون وليس ولا شيء آخر غير القانون!

ممارسة السياسة وحرية الرأي والتعبير حقوق مكفولة للجميع بموجب دستور المملكة المغربية الذي أفرد بابا كاملا للحقوق والحريات ولكن هناك ضوابط وهناك حدود وهناك اخلاقيات ينبغي احترامها والتقيد بها وهناك مؤسسات وسلطات ينبغي احترامها عوض إطلاق الكلام على عواهنه ورمي الناس بالباطل والتشكيك في وطنيتهم بدافع الانتقام السياسي!

في جماعة دار بلعامري التابعة لاقليم سيدي سليمان لا يوجد رئيس الجماعة القروية فقط بل هناك قائد لسرية الدرك الملكي وهناك مسؤول تابع لوزارة الداخلية يتوفر على اعوان سلطة ومتعاونين ينتشرون في كل دواوير الجماعة وهناك مستشارين جماعيين يراقبون دوائرهم الانتخابية ويعرفون كل صغيرة وكبيرة فيها وهناك أجهزة مخابرات وهذا هو المهم لها عيونها التي لا تنام.

الحديث عن وجود اختراق اعلامي جزائري لجماعة دار بلعامري وعن وجود خونة الداخل والتشكيك في جهود السلطات حديث في غاية الخطورة وفيه إهانة مباشرة للاجهزة المكلفة بالمحافظة على التراب الوطني ومكافحة التجسس ولعمل السلطات المحلية أيضا لأنه يظهر المملكة كما لو أنها زريبة يدخلها من شاء وقتما شاء ويخرج منها من شاء وقتما شاء!

لن أدخل في نقاش من هي الجهة التي كانت سباقة الى نشر الروبورتاج الذي انجزه الصحفي المغربي اسماعيل بلا وعلي؟ هل هي وكالة الأنباء الفرنسية؟ أم القناة الجزائرية الدولية؟

ولكن لنفترض أن القناة الجزائرية الدولية هي التي كانت سباقة الى نشر الاستطلاع الصحفي الذي انجزه الصحفي المغربي لفائدة وكالة الأنباء الفرنسية فهل هذا يعني بشكل اوتوماتيكي أن هناك اختراق اعلامي جزائري لجماعة دار بلعامري؟

اي عمل صحفي ينجزه أي صحفي معتمد في المغرب يرسل الى المؤسسة او الوكالة التي يشتغل فيها والتالي من الصعب جدا الادعاء بأن الاختراق حدث في المغرب وبأن هناك خيانة للوطن يقف خلفها فلان وعلان!

داخل وكالة الأنباء الفرنسية يمكن أن يكون هناك مسؤولين من جنسية جزائرية وهذا افتراض ينبغي اخده ايضا بعين الاعتبار في حالة ما إذا كانت القناة الجزائرية الدولية هي السباقة فعلا الى نشر الاستطلاع الصحفي الذي انجزه الصحفي اسماعيل بلاوعلي في جماعة دار بلعامري لأن كل شيء ممكن!

اللجوء مباشرة الى اتهام الناس بخيانة الوطن والتشكيك في وطنيتهم قبل أن تظهر نتائج التحقيق وقبل أن تتضح الحقيقة اعتبره شخصيا عملا مدانا ولا ينبغي تكراره لأن القضاء هو عنوان الحقيقة ومادام أن القضاء لم يقل كلمته بعد فمن غير اللائق إطلاق الكلام على عواهنه في إطار صراعات سياسية لا تعني الأجهزة المكلفة بانفاذ القانون في شيء!

كلمات دلالية
شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي