شارك المقال
  • تم النسخ

أخطاء استراتيجية.. هكذا قدّمت الجزائرُ الدّعم الإسباني للمغرب على “طبقٍ من ذهب”

كشفت صحيفة “إل ديا” الإسبانية، أن النظام الجزائري، وبطريقة غير مقصودة، كان هو السبب وراء الدعم الإسباني الأخير للمغرب في قضيته الوطنية، واصفة بأنها قد قدمته للمملكة “على طبق من ذهب”.

وتابعت بأن “قرار الجزائر بعدم تجديد عقد خطوط الأنابيب بين المغرب وأوروبا، الذي ربطها بإسبانيا والبرتغال عن طريق المملكة، كان خطأ استراتيجيا فادحا”.

واعتبرت أنه “وفي رغبته في حرمان المغرب من الغاز، انتهى الأمر بالنظام الجزائري بإطلاق النار على نفسه في قدمه” قبل أن تُضيف بأن ” الجزائر قد أنهت، رغم أنفها، النتائج القليلة التي حققتها حتى الآن في قسوتها ضد المغرب، لا سيما في هجومها على إحباط الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الرباط لكسب تأييد مدريد لسلامتها الإقليمية وسيادتها على الصحراء”.

لهذا أكدت “إل ديا” أن ” إغلاق الجزائر العاصمة لخط أنابيب الغاز بين المغرب العربي وأوروبا، هو هدية لم يسبق لها مثيل بالنسبة للرباط، نظراً لأن الغاز الذي يمر عبر المغرب كان يمثل 23 في المائة من الغاز الذي تستورده أسبانيا من الجزائر، وبالتالي فإن توقف خط الأنابيب بين المغرب وأوروبا جعل من الممكن الحد إلى حد كبير من اعتماد أسبانيا على الغاز الطبيعي الجزائري”.

ولفتت إلى أن “بوسع المرء أن يقول بثقة إن قرار الجزائر بعدم تجديد ذلك العقد قد تسبب في الكثير من الاضطرابات وعدم اليقين في أسبانيا، مما أثار شكوكاً كثيرة بشأن موثوقية الجزائر كحليف مسؤول يمكن لإسبانيا أن تعول عليه لتلبية احتياجات السوق الإسبانية في مجال الغاز الطبيعي”.

وأبرزت في هذا السياق أن “الغاز الطبيعي الجزائري كان يمثل 60 في المائة من استهلاك إسبانيا في بداية هذا القرن، وكان متذبذباً بين 50 في المائة و60 في المائة بين عامي 2014 و2018، وعلى مر السنين، كانت حصة الغاز الجزائري في السوق الإسبانية تتناقص لتصل نحو 45 في المائة في العام الماضي”.

الصحيفة الإسبانية ذاتها زادت في هذا السياق ” ولكن نظراً لقصر نظر الجنرالات الجزائريين، انخفضت الواردات الإسبانية من الغاز الجزائري من 45 في المائة في نهاية عام 2021 إلى 23 في المائة في الشهر الماضي، بين يناير وفبراير من هذا العام، حيث قدمت الولايات المتحدة 34.6 في المائة من احتياجات السوق الإسبانية من الغاز، لتحل محل الجزائر باعتبارها المورد الرئيسي للغاز إلى أسبانيا”.

وأثارت الانتباه إلى أنه ونظرا للاستجابة الكبيرة التي تكيفت بها إسبانيا مع الانخفاض الكبير في صادرات الغاز الجزائري إلى السوق الإسبانية، صار من الواضح أن مدريد تستعد منذ عدة سنوات لاحتمال انخفاض وارداتها الجزائرية، وبأن  إسبانيا تمكنت من المضي قدماً بفضل بنيتها الأساسية العالمية للغاز الطبيعي المسال واستراتيجيتها الطويلة الأجل لزيادة حصة الحكومة الوطنية الليبيرية في وارداتها”.

وأبرزت أنه ” قد مكنت هذه الاستراتيجية الاستباقية والبعيدة النظر من تجنب الآثار الكارثية، التي كان يمكن أن يتسبب فيها القرار الوحشي والوقح للنظام الجزائري بعدم تجديد عقد خط الأنابيب الأوروبي المغاربي للاقتصاد الإسباني”.

المصدر نفسه عاد ليؤكد أن “الجزائر كانت تعتزم معاقبة الاقتصاد المغربي والإضرار به من خلال اختيار عدم تجديد خط الأنابيب العابر للقارات. لكن النظام الجزائري لم يكن يشك في أن هذا القرار سيضر في النهاية بمصالحه الاستراتيجية، ولا سيما علاقاته مع إسبانيا.

وأوضح أنه ” بالنظر إلى البنية التحتية المتطورة لتخزين الغاز الطبيعي المسال، ستكون مدريد قادرة على الحد تدريجياً من تأثير الغاز الجزائري على اقتصادها، وبالتالي تحرير نفسها من سيف داموقليس – الغاز – الذي استخدمه النظام الجزائري كرافعة لمدة خمسة عقود لثني إسبانيا عن دعم الأطروحة المغربية حول الصحراء”.

من جانب آخر، أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن “مدريد، إذ تؤكد لأول مرة دعمها الواضح والمباشر لخطة الحكم الذاتي المغربية، فإنها تضع حدا لسياسة المساواة في البعد التي عالجت بها مسألة الصحراء في معظم العقود الخمسة الماضية من أجل الحفاظ على مصالحها”.

وأفادت بأن “ما يعتبر أكثر من انهيار سياسة مدريد المتساوية، هو أن الدعم الجديد الذي تقدمه أسبانيا للموقف المغربي يعني أن الجزائر فقدت النفوذ الاستراتيجي الذي مارسته لفترة طويلة على الطبقة السياسية الإسبانية بفضل غازها”.

ورأت أن “إسبانيا لديها شبكة كثيفة من المصالح الاقتصادية والأمنية مع المغرب، حيث إن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز ، كان حقا في رسالته الموجهة إلى الملك محمد السادس، عندما قال إن ازدهار المغرب مرتبط برخاء إسبانيا والعكس بالعكس”.

وفي هذا الصدد، قدم المصدر نفسه عددا من الأمثلة على تشعب مجالات التعاون بين البلدين، كإشارته إلى أن ” هناك حاليا أكثر من ألف شركة إسبانية أنشئت في المغرب، كما أصبحت إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة، مع وجود فائض تجاري موات له تأثير إيجابي على اقتصادها”.

واستبعد بأن ” تستطيع الجزائر اتخاذ أي إجراء انتقامي ضد إسبانيا، والذين يعتقدون أن الجزائر لا تزال قادرة على قطع إمدادات الغاز عن إسبانيا لديهم، على سبيل المثال، فلديهم فهم معيب أو تفسير خاطئ للحالة، لأن عقود النفط هي عادة عقود قصيرة الأجل، في حين أن اتفاقات الغاز هي اتفاقات طويلة الأجل تمتد لسنوات أو حتى لعقود”.

لهذا، اعتبرت الصحيفة الإسبانية أن النظام الجزائري ملزم باحترام الاتفاق الذي وقعه مع إسبانيا في عام 2018 بشأن خط أنابيب الغاز، قبل أن تتابع بأن ” الأسوأ من ذلك بالنسبة للنظام الجزائري أن الجزائر لن تتمكن حتى من إعادة تقييم الظروف المالية للاتفاق وتكييفها مع الارتفاع الحالي في أسعار الغاز”.

وافترضت أيضا أنه “حتى لو كان لدى النظام الجزائري الجرأة لإنهاء اتفاقه بشأن الغاز مع إسبانيا انتقاما لموقفه المؤيد للمغرب بشأن الصحراء، فإنه سيكون انتهاكا صارخا للقواعد التي تحكم هذه العقود الدولية”.

وكنتيجة محتملة لتحقق هذا الافتراض، أكد المصدر نفسه أن الجزائر سوف تتعرض أيضاً لضغوط من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اللتين تعملان جاهدين منذ أشهر من أجل الحد من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي.

لتصل الصحفة ذاتها إلى استنتاج مفاده أن “افتقار النظام الجزائري إلى الرؤية الاستراتيجية وكراهيته العمياء للمغرب  أدى به إلى تقديم إسبانيا للمملكة موقفا على طبق ذهبي، ففي حرصها على «معاقبة» الرباط، ساعدت الجزائر المغرب دون قصد، على تحقيق أحد الأهداف العظيمة للدبلوماسية، وهي الحصول على دعم مدريد القاطع لمقترح الحكم الذاتي بشأن الصحراء المغربية”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي