Share
  • Link copied

بينَ لُعبةِ الفُقراءِ ومَلعبِ الأَغنياءِ.. من “مَغربِ المونديالِ” إلى “مَغربِ مونتريالِ”

شهر كامل عاشه المغاربة في قمة السعادة، بسبب الإنجاز الذي حققه المنتخب الوطني بقيادة وليد الركراكي، المدرب الذي غيّر الكثير من مفاهيم اللعبة، وأخرج دوره كمسؤول فني وتكتيكي، إلى واجهة التواصل “البسيط”، الذي يفهمه جميع المغاربة، صغاراً وكباراً، متعلّمون وأميون، وجعل من عبارته الشهيرة “ديرو النية” ماركة عالمية مسجلة باسمه.

خرج فقراء المغرب من مساكنهم البسيطة، للاحتفال في الشوارع فرحاً، في البداية بفوز “أسود الأطلس” على بلجيكا، وبعدها بالتأهل للدور الثاني، ثم الربع، ثم النصف. لم يكن يفكر هؤلاء المغاربة، الذين يعيش عدد كبير جدا منهم في فقرٍ مدقعٍ، وهو ما كشفته الصور ومقاطع الفيديو، التي التقط بعضها في قرى نائية بالأطلس أو الريف أو الجنوب الشرقي، في هموم الحياة التي زادت حدّتها مع ارتفاع الأسعار، بعد أن رأوا راية الوطن، ترفع عاليا في “المونديال”.

كعربون شكرٍ لكمية السعادة التي أدخلها المنتخب لقلوب المغاربة، وجدت “بعثة الأسود” في استقبالها بمطار سلا، مروراً بشارع الحسن الثاني، ساحة 16 نونبر، ساحة شالة، ساحة الملك الحسين، شارع محمد الخامس، ساحة البريد، ساحة محمد الخامس، ساحة 11 يناير، وشارع مولاي الحسن، وباب السفراء، وصولاً إلى القصر، حشوداً من المواطنين.

بلا شكّ أن أغلب من كان في استقبال بعثة المنتخب الوطني التي حطت بمطار سلا، هم من أبناء الفقراء، لأن الاستقبال كان في يوم عمل هو الثلاثاء، والتوقيت كان في الخامسة مساء، ومن الصعب على “أبناء الأغنياء”، الذين يشتغلون، على الأرجح، باستثناء بعض المهن، التي يعمل أصحابها بدوامٍ جزئي، أن يلحق بهذا الحدث.

من لعبة الفقراء إلى ملعب الأغنياء

بسبب هذه الأجواء، التي عرفتها الأرجنتين أيضا، تلقّب كرة القدم، بـ”لعبة الفقراء”، لأنها تنسي البسطاء هموم الحياة للحظات، وتدخل كمية هائلة من السعادة في قلوبهم. كل هذا لم يدم طويلاً، ليعود المغاربة إلى الواقع المرّ، بداية بمباراة المحامين، التي عرفت نتائجها نجاح أسماء من أسر وعائلات أشخاص معروفين وطنيا.

بعدها، جاءت الصدمة الكبرى، والتصريح الذي قد يكون له ما بعده، حيث قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي، مبرّرا نجاح ابنه في امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، بأن أباه غني ودرسه خارج البلاد بجامعة مونتريال الكندية، (باه لاباس عليه وقراه فالخارج).

تصريح نزل وقعه كالصاعقة على أبناء الفقراء، حيث كتب واحد منهم، وهو بولعيد قرجيج، في تدوينة على “فيسبوك”: “وهبي قال على ولدو باه لاباس عليه عندو فلوووس وقراه في الخارج… هاذ التصريح جاب ليا الكآبة والدمووع”.

وأضاف: “أقل ما يمكن قول فيه أنه خروج غير مسؤول والشعبوية لا تليق بوزير يدبر وزارة العدل لا يراعي فيه مشاعر الآخرين… المنطق ديالو حنا أبناء الفقراء معندناش لفلوس باش نقراو يعني ممحقناش نجحو في المباريات”.

من جانبه كتب “Aziz Elguermat”، معلّقاً على تصريح وهبي: “قالت لي بنتي:علاش ابابا مقريتينيش فالخارج؟ قلتها ليها باباك ا بنتي ماشي لاباس عليه ومعندوش باش يخلص عليك !وهي تكمش بنيتي مسكينة ومدوزاتش المحاماة!”.

وهبي يهين قطاعاً يديره حزبه

خالد بكاري، الناشط الحقوقي، قال: “دابا فين كاينة هاد كلية الحقوق فمونتريال لي كتطلب تكون عندك الإجازة بـ 19، باش تدخل للسنة الأولى حقوق ؟ (اجي بعدا لاش الولد المصون مدوزش مباراة ولوج مدرسة المحامين فكندا؟)”.

وتابع في تدوينة على “فيسبوك”: “راه أخاي عبد اللطيف خاص بالفعل تكون “كريزي” باش تكون عضو حكومة لي وزير التعليم العالي فيها من الحزب لي أنت الشاف ديالو، وتحتقر شهادات الجامعات لي كيشرف عليهوم وزير من حزبك”.

واسترسل: “خاي عبد اللطيف، كان واحد الوزير سميتو دا لحسن الداودي قالينا: لي بغا يقري ولادو خاص يكحب الفلوس، جيتي أنت قلتي لينا: لي بغا يخدم خاص باه يكون عندو الفلوس،،”، متابعاً: “المهم: تقد تعرف لون تقاشرنا، ولكن راك مكتعرفش أش كتقول”.

إهانة من وزير للتعليم العالي المغربي

كلام وهبي، الذي أدخل غصّة في قلوب الفقراء، كان فيه إساءة كبيرة للدولة المغربية، واعتراف صريح من مسؤول رفيع في الحكومة، بعجز المنظومة التعليمية بالمملكة، عن تكوين كفاءات قادرة على تولي مناصب المسؤولية من جهة، أو تلبية حاجيات مختلف القطاعات، مثل المحاماة.

وفي هذا السياق، كتب ناشط فيسبوكي يدعى بورمضان محمد، إن تصريح الوزير وهبي، هو “اعتراف صريح برداءة التعليم في المغرب، يعني أن التعليم في المغرب لا يؤهلك للتوظيف في المناصب الكبرى”، متابعاً: “بمعنى أن الساهرين على التعليم تعمدوا رداءته حتى لا ينافس أبناء الشعب أبناء النخبة في المناصب الكبرى وهذه هي الطامة الكبرى أين تكافؤ الفرص؟”.

وهبي خرق الدستور

بسبب هذا التصريح، ومجموعة من الزلات التي سبقته، من قبل وهبي، ومن ضمنها تقليله من شأن تأمين المغرب لمعبر الكركارات الحدودي، ثم جهله بوجود منطقة عازلة بالمنطقة، قبل أن يتحدث لاحقا عن أنه “يعلم لون جوارب الشخص”، في كلام موجه لأحد مسؤولي وزارة الثقافة بتارودانت.

وبسبب الزلات المتكررة، وخصوصا الامتياز الصريح الذي منحه لأبناء الأغنياء على حساب الفقراء، الذي يعتبر بمثابة القطرة التي ستفيض الكأس، قال الناشط بولعيد قرجيج، في تدوينة “فيسبوكية”، إن بقاء وهبي على رأس وزارة العدل، يعد مؤشرا واضحاً على أننا ما زلنا في مغرب ما قبل 2011”.

وتساءل قرجيج في تدوينته: “أين نحن من شعارات دستور الحقوق والحريات، وتصريح الوزير بعد فضيحة امتحان المحاماة خرق دستوري يجب تجميد مسؤوليته فورا”.

من جهته، أعرب الفاعل التربوي والنقابي عبد الله قشمار، عن أمله في أن يشهد العام الجاري، تعديلاً حكوميا، يقال بموجبه عبد اللطيف وهبي، ليدخل في خانة الراحلين، “وغيكون مصيره التهميش فحال البصري ولا الحبس فحال زيان”.

Share
  • Link copied
المقال التالي