يكرس القانون المغربي، مبدأ التوازن عند تقليد مناصب المسؤولية في الإدارات والمؤسسات بين الجنسين، وذلك بموجب مرسوم صدر قبل أكثر من عقد، ورغم ذلك، لم يتعد تقلّد المرأة لمناصب مسؤولة في المغرب، نسبة 20 بالمائة.
هذه النسبة، كشفت عنها، الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المغربية، المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، غيثة مزور.
وفي ردها على سؤال برلماني حول وضعية التمثيل النسائي في المناصب العليا، قالت مزور إن “سعي الدولة نحو تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء لا يزال طُموحا بعيد المنال”.
وأوضحت مزور، وفق ما نقلت عنها وسائل إعلام محلية، أن تمثيل النساء في المناصب العليا بلغ 19.86 في المائة في القطاعات الوزارية، و6.34 في المئة بالمؤسسات الجامعية ومؤسسات تكوين الأطر، و15.33 في المئة بالمؤسسات العمومية.
وبلغ عدد النساء اللاتي تقلدن مناصب بالقطاعات الوزارية 698، و449 بالمؤسسات الجامعية ومؤسسات التكوين المختلفة، و30ّ3 تعيينات بالمؤسسات العمومية، وفق ذات المسؤولة.
وينص قانون التعيين في المناصب العليا، لعام 2022 على تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والمساواة في وجه جميع المرشحات والمرشحين.
هذا النص، لقي ترحيبا من قبل البنك الدولي، حيث قالت مدونة البنك على الإنترنت إن هذا القانون “خطوة كبيرة إلى الأمام، في سد الفجوة بين الجنسين في البلاد”.
وحدد القانون حصصا إلزامية للنساء في مجالس إدارة الشركات المتداولة في سوق المال، والمستهدف أن تصل نسبة النساء فيه على الأقل إلى 30 بالمائة بحلول عام 2024 و40 بالمائة بحلول عام 2027.
تفاوت
على الرغم من بند المساواة بين الجنسين في دستور 2011 (المادة 19 تنص على أن الدولة تساهم في تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة)، هناك تفاوت كبير بين الجنسين من حيث الوصول إلى العمل، و لقد زاد بشكل كبير خلال العقد الماضي: وفقا لدراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط في 2021 تحت عنوان “المرأة المغربية في أرقام:20 عاما من التطور”.
ففي عام 2020 ، شكلت النساء 50.2 ٪ من سكان المغرب، لكنهن لم يشكلن أكثر من 23 ٪ من القوة العاملة، مقارنة بـ 27 ٪ في 2010، وفق البنك الدولي.
ذات المصدر، أفاد بأنه في عام 2019 لم يكن أكثر من 13٪ من الشركات المغربية ترأسها نساء (19٪ في الخدمات، 14٪ في الأعمال التجارية، و13٪ في الصناعة).
وفي القطاع العام، كانت نسبة النساء 23% من المديرين، و20% من أعضاء مجلس النواب، و21% من أعضاء مجالس الإدارة على المستويين الجهوي والمحلي.
“هذه الوضعية لا ترضي أي جمعية نسائية في المغرب” وفق خديجة الرياح، من الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب.
الرياح تساءلت في حديث لموقع الحرة “كيف أن الدستور ينص على المناصفة وإحداث آلية تعنى بالسهر على تفعيلها، ولحد الآن لم نستطع تكريسها؟”.
الرياح كشفت في سياق حديثها أن نسبة التمثيل السياسي للمرأة المغربية لا يزال دون المستوى، حيث لا تتعدى نسبة التمثيل النسائي في البرلمان المغربي، وفقها، 24.3 في المائة، أما نسبتها في الجماعات المحلية لم تتعد 26.7 في المائة، بينما بلغت أكثر من 37 في المائة فيما يخص الجهات.
ورغم استحسانها لنسبة التمثيل النسائي في الجهات والأقاليم، إلا أنها قالت إن عدم تجاوز نسبة التمثيل النسائي 26 بالمئة في الجماعات المحلية “لا يعطي الصورة الحقيقية عن الكفاءات النسائية الموجود في المغرب”
وينقسم المغرب إداريا إلى 12 جهة، وكل جهة تنقسم إلى عدة أقاليم وعمالات.
“بطء كبير”
أرجعت الرياح “المكاسب المحدودة” وفق وصفها، التي حققتها المرأة المغربية بخصوص تقلدها مناصب المسؤولية، للقوانين التي سُطّرت نتيجة نضالات جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة “لكن أين نحن بعد صدور قانون منذ 2012″ تتساءل هذه المدافعة عن النساء المغربيات؟”.
وقالت “نحن لازلنا بعيدين عن المستوى المطلوب لولوج النساء إلى مناصب المسؤوليات” ثم تابعت “عدم تجاوز نسبة 22 في المائة لوصول النساء لمسؤليات سامية يُعد دليلا على البطء الكبير الذي نعاني منه في المجال”.
الرياح عادت لتؤكد غياب إرادة سياسية لتفعيل مقتضيات الدستور الناصّة على المناصفة لتميكن المرأة المغربية من الولوج إلى المناصب العليا، مؤكدة ضرورة الالتزام بمقتضيات القوانين التي سنتها الدولة للنهوض بالتمثيل النسائي.
من جانبه، قال المحلل المغربي، وأستاذ القانون الدستوري، بجامعة فاس، أمين السعيد، إن المُشرّع المغربي تحدث عن مبدأ المناصفة كفلسفة، مشيرا إلى أن الدولة قالت “بصريح العبارة أنها تهدف إلى تحقيق تلك المناصفة”.
وفي حديث لموقع الحرة، أوضح السعيد، أن المبدأ ليس له أي آجال قانونية لتحقيقه، رغم أنه يتعين على الدولة بذل المجهودات في سبيل تحقيقه.
في المقابل نوه هذا المختص بأن الدستور المغربي لسنة 2011 نص على ضرورة أن تنصب الدولة هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، لكن ومنذ ذلك الحين لم تعمد الحكومات المتعاقبة وحتى 2023 على تنصيب هذه الهيئة.
ومن بين الأهداف التي كانت متوخاة من تأسيس مثل هذه الهيئة، وفق هذا المحلل، هي حماية هذا المبدأ الدستوري.
ولفت في سياق حديثه، إلى أنه لا يزال هناك تفضيل للرجال على النساء في التوظيف، في القطاعات الاقتصادية، رغم صدور القانون التنظيمي المتعلق بالتوظيف بالمناصب العليا، لكنه نوه في المقابل، بالمجهودات التي بذلت لدعم تمثيل المرأة في مؤسسات الدولة “لا سيما في مجلس النواب ومجلس المستشارين، وكذلك، العضوية في الحكومة” وفق قوله.
لكنه عاد ليؤكد أن “هذه المجهودات لا تزال ضعيفة، ولم تصل إلى مرحلة إعطاء مكانة المرأة الحقيقة في المجتمع المغربي”.
الرجل عرّج بعد ذلك ليشير إلى التمثيل النسائي في الإعلام وإلى جهود الهيئة التي تعنى بتنظيم قطاع السمعي البصري، بينما أكد مرة أخرى على عدم مسايرة الحكومة للمجهودات المطلوبة للنهوض بتمثيل أفضل للمرأة المغربية في المناصب العليا.
(الحرة)
تعليقات الزوار ( 0 )